اكتشف مؤرخون أن نقشاً يونانياً قديماً على لوح رخامي موجود ضمن مجموعة أحد المتاحف، يتضمن قائمة أسماء نادرة لم تكن معروفة من قبل، تحاكي في أسلوبها نمط “النشرة السنوية للصفوف العليا”.
وقد صنف خبراء الآثار الحجر الذي كان محفوظاً ضمن مجموعة “المتاحف الوطنية في اسكتلندا” National Museums Scotland (NMS) لأكثر من 100 عام، بوصفه جزءاً من مشروع نشر ترجمات باللغة الإنجليزية لنقوش من أثينا القديمة محفوظة في مجموعات المملكة المتحدة الأثرية.
وتبين للباحثين أن الحروف المنحوتة على الحجر الرخامي في مجموعة “المتاحف الوطنية في اسكتلندا”، تدون أسماء شبان التحقوا بما كان يعرف بـ”إيفبايت” Ephebate في اليونان القديمة، وتمثل سنة كاملة من التدريب العسكري والمدني تعطى إلى الشباب في سن الثامنة عشر بهدف إعدادهم للحياة كبالغين [وآنذاك، كان التخرج فيها مطلوباً للحصول على وضع مواطنين مشمولين بجميع الحقوق].
ويدرج اللوح مجموعة أسماء لزمرة من الشبان الأصدقاء الذين يبلغ عددهم 31 شخصاً، تلقوا معاً هذا التدريب خلال فترة حكم الإمبراطور الروماني كلاوديوس [بين عامي 41 و54 للميلاد]، وكان الهدف منه إحياء ذكرى العلاقات الوثيقة التي نسجوها في ما بينهم.
يشار إلى أنه عندما قرأ الخبراء معلومات تشير إلى تلك القائمة، اعتقدوا أنها قد تكون نسخة عن قائمة مماثلة موجودة ضمن مجموعة “متحف أشموليان” Ashmolean Museum في “أكسفورد”، لكنهم سرعان ما أدركوا لدى تفحصهم إياها أن المسألة لم تكن كذلك.
وبحسب أستاذ التاريخ اليوناني والنقوش الذي قاد هذا الاكتشاف، “بسبب إغلاق كوورنا، لم نتمكن من الانتقال إلى المتحف حتى شهر تموز من عام 2021. ولدى رؤية اللوح الأثري، أدركنا للتو أنه لم يكن نسخة عن نقش كان معروفاً في السابق، بل إنه اكتشاف جديد فريد من نوعه تماماً جرى حفظه لفترة طويلة جداً في مخازن “المتاحف الوطنية في اسكتلندا”، وتحديداً منذ ثمانينيات القرن التاسع عشر. ويتضمن أسماء مجموعة من الشبان الذين أطلقوا على أنفسهم لقب “زملاء كلية سن الرشد” co-ephebes أو “زملاء التدريب العسكري لليافعين co-cadets وأصدقائهم”.
ويضيف الدكتور ليدل، “تبين لنا أنها قائمة بأسماء طلاب تلقوا تدريباً عسكرياً خلال سنة محددة في الفترة الممتدة بين عامي 41 و54 للميلاد، في عهد الإمبراطور كلاوديوس. وتطلعنا أيضاً على أسماء جديدة، لم تكن معهودةً من قبل في اليونان القديمة. وتتضمن أحد أقدم الأدلة على انضمام أفراد من غير المواطنين اليونانيين إلى “كلية سن الرشد” في تلك الحقبة من الزمن.
واستكمالاً، يصف أستاذ التاريخ اليوناني والنقوش في “جامعة مانشستر” هذه المنحوتة بأنها “مثيرة فعلاً للاهتمام، ليس لأنها تعد اكتشافاً جديداً فحسب، بل لأنها تسلط الضوء أيضاً على أسماء جديدة، وتعطي خلفيةً أوفى عن شروط الوصول إلى تلك المؤسسة أو الالتحاق بها، التي غالباً ما كانت تقتصر على النخبة من مواطني اليونان القديمة”.
وما زال من غير المعروف أين كانت تعرض تلك القائمة حتى الآن، لكن يعتقد أنه كانت توضع في مكان يشبه صالة الألعاب الرياضية، حيث تلقى هؤلاء الشبان تدريباتهم.
وكذلك يوضح الدكتور ليدل على أن الغرض منها كان يتمثل في “إرساء أواصر الصداقة المتينة والزمالة بين أفراد هذه المجموعة، الذين خضعوا جنباً إلى جنب لبرنامج تدريب صارم، إضافة إلى تعزيز روح الفريق بالانتماء إلى جماعة”.
وأشار إلى أن القائمة تحاكي في أسلوبها ما يشبه “النشرة السنوية للصفوف العليا” في اليونان القديمة، على الرغم من أنه جرى إعدادها بواسطة مجموعة من الأفراد الذين أرادوا أن يشعروا كأنهم اجتمعوا معاً كأصدقاء”.
ويعتبر الخبراء أن هذا الاكتشاف يشكل مصدراً جديداً مهماً للمعلومات عن مجتمع النخبة في أثينا في منتصف القرن الأول الميلادي، وهي فترة حاسمة بالنسبة إلى أثينا القديمة، التي توجب عليها التكيف مع مكانتها تحت ظل الإمبراطورية الرومانية.
تبقى الإشارة أخيراً إلى أن هذه النقوش من تلك الحقبة من الزمن، تعتبر نادرة نسبياً. ويرى الخبراء أن هذا يجعل الموضوع أكثر إثارة للدهشة، لجهة أن القائمة الخاصة بـ”كلية سن الرشد” اليونانية القديمة المكتشفة حديثاً تنتمي إلى مجموعة نقوش “متحف أشموليان”، وتتطابق معها زمنياً أيضاً.
سيرياهوم نيوز 6 – الثورة