الرئيسية » أخبار الميدان » ليبيا | قرع طبول حول «سرت ـــ الجفرة»: معركة النفوذ تقترب

ليبيا | قرع طبول حول «سرت ـــ الجفرة»: معركة النفوذ تقترب

 

  •  الخميس 16 تموز 2020

 

تَواصل، في خلال اليومين الماضيين، الحشد العسكري في سرت، حيث تبدو المعركة في المدينة الساحلية ومنطقة الجفرة الواقعة جنوبها، قريبة. يعزّز ذلك الاحتمال تشبّث طرفَي النزاع بالتصعيد، عقب فشل وساطة قادَتْها الولايات المتحدة لاستئناف إنتاج النفط في البلاد، وتوجيهُ محور شرقيّ ليبيا دعوة إلى مصر للتدخل عسكرياً

تشير جميع الأدلة إلى اقتراب وقوع معركة وسط ليبيا، يرى طرفا النزاع أنها ستكون حاسمة وستُحدّد ميزان القوى في أيّ مفاوضات لاحقة. وتوعّد المتحدث باسم قوات حكومة «الوفاق الوطني»، مساء الثلاثاء، بـ«(أننا) ماضون إلى مدننا المختطفة… وسنبسط سلطان الدولة الليبية على كامل ترابها»، فيما أعلن المتحدّث باسم قوات المشير خليفة حفتر، في اليوم ذاته، أن سرت ستشهد «معركة كبرى في الساعات المقبلة».
تَعتبر «الوفاق» أن إنجازها العسكري في غربيّ البلاد لن يُستكمل إلّا بالسيطرة على سرت والجفرة، وذلك لمنع أيّ هجوم مستقبلي عليها، وضمان قربها من مواقع إنتاج النفط وتصديره، والتي قد تكون وجهتها التالية في حال نجاح خططها. أما قوات حفتر وحلفاؤها، وخصوصاً مصر والإمارات، فيرون في المدينة الساحلية وامتدادها الصحراوي «خطّاً أحمر»، سيؤدي تجاوزه إلى تفجّر حرب قد تضع القاهرة وأنقرة في مواجهة مباشرة.
هذا الاحتمال لا يزال قائماً، بل هو يتعزّز شيئاً فشيئاً. بعد مضيّ نحو شهر على تصريحات الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، التي هدّد فيها بـ«تسليح القبائل» وقوات حفتر وإمكانية التدخل المباشر في ليبيا، أصدر رئيس برلمان شرقيّ البلاد، الإثنين الماضي، بياناً دعا فيه القاهرة رسمياً إلى التدخل. جاء في البيان أن «للقوات المسلحة المصرية التدخل لحماية الأمن القومي الليبي والمصري إذا رأت أن هناك خطراً داهماً وشيكاً يطاول أمن بلدينا»، وذلك «في ظلّ ما تتعرّض له بلادنا من تدخل تركي سافر». صدرت هذه الوثيقة باسم «مجلس النواب الليبي»، على رغم أنها لم تأت نتيجة جلسة برلمانية، كما لم تحمل توقيعات نواب. والجدير ذكره، هنا، أن المجلس منقسم بين شرقيّ البلاد وغربيّها، وهو عاجز عن عقد جلسات بنصاب قانوني، لكن استعمال هذا العنوان مهمّ لتوفير غطاء قانوني وإضفاء الشرعية.
عسكرياً، لم تتوقف الاستعدادات منذ بداية الشهر الماضي، مع دحر قوات حفتر إلى وسط البلاد وجنوبيّها. من جهة، تستقبل مصراتة وطرابلس رحلات شبه يومية لطائرات وسفن شحن تركية، تحمل معدّات عسكرية وخبراء أتراكاً (اجتمع بهم مطلع الشهر وزير الدفاع التركي في العاصمة الليبية)، ومقاتلين سوريين يقارب عددهم الـ 10 آلاف، وفق عدة مصادر. فضلاً عن ذلك، تعمل أنقرة على تطوير قاعدة الوِطْيَة الجوية القريبة من الحدود مع تونس غربيّ البلاد، عبر نشر أنظمة دفاع جوي فيها وتجهيز مهابطها لاستقبال طائرات قتالية متطورة.

يمثل فشل المفاوضات حول استئناف إنتاج النفط إشارة أخرى إلى تأزّم الوضع

لكن، في خضمّ عمليات التجديد في القاعدة التي كانت قوات حفتر تسيطر عليها منذ عام 2014، وقعت ضربة جوية مجهولة مطلع الأسبوع الماضي، استهدفت بطّاريات نظام دفاع جوي متوسّط المدى. قصف الوطية كان رسالة تحذيرية واضحة لتركيا، مفادها أنها ليست بمأمن أينما كانت في ليبيا. ظَلّ مُنفّذ تلك الضربة مجهولاً، فيما اكتفت أنقرة و«الوفاق» بتحميل «حلفاء حفتر» مسؤوليتها. ثمّة فرضيتان حول مصدر القصف: الأولى تنسبه إلى فرنسا التي تمتلك قواعد في مالي، لكن ذلك مستبعد على رغم التوتر بين باريس وأنقرة حول الملف الليبي؛ بينما الثانية تنسبه إلى طائرات مصرية وإماراتية انطلقت من داخل الحدود المصرية. في الأشهر الأخيرة، رُصدت تحرّكات مكثفة في قاعدتَي محمد نجيب وعثمان المصريتَين قرب الحدود الليبية، شملت أساساً طائرات شحن قادمة من الإمارات، وأخرى إماراتية من دون طيار من طراز «وينغ لونغ». أيضاً، جرت عمليات توسعة وتجديد في مطارَي بنينا والخادم شرقيّ ليبيا، علماً أن المطار الأخير تستغلّه الإمارات منذ أعوام، فيما يُسجّل في كليهما نشاط كثيف لطائرات شحن.
يمثل فشل المفاوضات حول استئناف إنتاج النفط إشارة أخرى إلى تأزّم الوضع واحتمال اندلاع مواجهة عسكرية. نَظّمت الولايات المتحدة وبعثة الأمم المتحدة مفاوضات بين «الوفاق» و«المؤسسة الوطنية للنفط» التابعة لها من جهة، وقوات حفتر و«دول إقليمية» من جهة ثانية، وفق ما ورد في بيان لمؤسسة النفط، أدّى ذلك إلى إنهاء مجموعات قبلية موالية لحفتر إغلاقها المستمر منذ نحو ستة أشهر لمواقع إنتاج النفط وتصديره في شرقيّ البلاد ووسطها وجنوبيّها. كان يُفترض استئناف الإنتاج والتصدير في الـ10 من تموز/ يوليو الجاري، لكن لم يُسمح في ذلك اليوم إلا بتحميل ناقلة نفط واحدة، ثمّ أعيد الإغلاق. دانت غالبية الدول الكبرى التراجع عن الاتفاق، ونسبت مؤسسة النفط الانتكاسة إلى الإمارات بشكل صريح، فيما هدّدت الولايات المتحدة بفرض عقوبات على المسؤولين عن تعطيل قطاع المحروقات.
يدور الخلاف حول موارد النفط وتقسيمها؛ إذ تدفع قبائل شرقيّ ليبيا منذ سقوط نظام معمر القذافي إلى تحصيل حصة أكبر منها، على اعتبار أن غالبية مواقع الإنتاج والتصدير تقع ضمن «أراضيها». وازداد دفاع حفتر عن هذا المطلب مع الأعوام، رغبةً منه في مضاعفة الدعم القبلي له. لا تريد القبائل، ومعها حفتر، أن تمرّ الأموال عبر البنك المركزي في طرابلس الذي يحظى باعتراف دولي، وتقترح إنشاء حساب خارج البلاد تودَع فيه الأموال، لكن ليس لديها تصوّر واضح لآليات التصرّف فيها وتقاسمها.
بناءً على ما تقدّم، يبدو أساسياً النظر إلى جبهة سرت ــ الجفرة من هذا المنظور أيضاً، أي لا فقط باعتبارها مسرحاً لنزاع بين قوى إقليمية حول مناطق النفوذ، بل كذلك كخطّ فاصل في معركة محلية بين مَن يسيطر على النفط ومَن يملك حق التصرف فيه. وهي معركة تُمثّل بدورها جزءاً من حرب أوسع، ذات خطوط صدع كثيرة، لم تهدأ منذ عام 2011.

(سيرياهوم نيوز-الاخبار)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

القوات الروسية تقضي على نحو 150 جندياً أوكرانياً في مقاطعة كورسك

واصلت القوات الروسية تقدمها في مقاطعة كورسك غرب البلاد، وكبدت قوات نظام كييف خسائر جسيمة في الأرواح والعتاد. وأشار بيان لوزارة الدفاع الروسية إلى أن خسائر ...