آخر الأخبار
الرئيسية » إدارة وأبحاث ومبادرات » ليس دفاعا … حكي بالإدارة 2/3 

ليس دفاعا … حكي بالإدارة 2/3 

 

 

 

بقلم:معن حيدر

 

 

سمعنا في الفترة الماضية تصريحات لمسؤول كبير في وزارة الإعلام السوريّة و لإعلامي بارز، يُعتبر ناطقا باسم الحكومة، و لإعلامية صاعدة

يبرّرون فيها سبب عدم وجود إعلام رسمي يلجأ إليه المواطنون لمعرفة أخبار ما يحدث بدلا من اللجوء إلى وسائل التواصل التي تُعطي أخبارا (شكال لوان يا ريّان)،

وآخرها ما انتشر عن تعميم ملفّق لقائد شرطة محافظة حمص.

وقد ذكّرتني تبريراتهم الموحدّة بتبريرات محللّ المربّعات إيّاه أيام زمان.

طبعا لن أفنّد تبريراتهم حول التجهيزات وحجوزات الأقمار الصناعية وغيرها، فقد كتبتُ تعليقا عليها في حينه:

أنّ النيّة بالأصل غير موجودة، وأنّ (الغزّالة الشاطرة تغزل ولو بكاميرا الموبايل).

وفي لقاء تلفزيوني، اختصر الإعلامي البارز تلك التبريرات عندما قال:

إنّ التلفزيون الرسمي السوري في وضعه الراهن هو تحت الصفر.

لا أنكر أنّ الإعلام الرسمي، مثله مثل أي قطّاع حكومي آخر، يعاني من آفات القطّاع العام (الترهّل والبطالة المقنّعة والمحسوبيّات).

إضافة إلى ذلك، تكمن المشكلة الأساسية في الإعلام الحكومي في ثلاث نقاط:

-الأولى: كثرة عدد العاملين الذين شكّلوا عبئا ماليّا على الحكومة، وخاصة في هيئة الإذاعة والتلفزيون التي بلغ عدد العاملين فيها نحو أربعة آلاف حيث كانت نقطة جذب معنوي (حب الظهور)، ومادّي بسبب نظام الحوافز (البونات) الذي تحوّل مع الزمن إلى نظام تعيين احتوى نصف الكادر تماما.

-والثانية تعدّد الوصايات والتدخّلات الأمنيّة وغير الأمنيّة

-والثالثة ذهنيّة وآليّات العمل.

وأذكر أنّ الوزير مهدي دخل الله كان هاجسه إنشاء قناة تضاهي قناة الجزيرة، وكان مُصِرّا أنْ تكون على شاكلتها حتى بالشكل.

فبدأ يبحث عن هنكار لإنشاء تلك القناة بعيدا عن مبنى التلفزيون، كما فعلتْ الجزيرة في بداية عملها

قلتُ له مرة في أحد النقاشات: المشكلة ليست في المكان، يمكن أن نطلق هذه القناة من غرفة في مبنى التلفزيون

المشكلة في الذهنيّة وآليّات العمل.

هل ستتغيّر الذهنيّة، أم ستُقاد بنفس الذهنيّة الخشبيّة والتلسلّطيّة والأمنيّة.

وأذكر أنّه حين وضع أوباما خطوطه الحمر، بعد مجزرة كيماوي دوما، والتي تبيّن أنّها خطوط حمر ضدّ الشعب السوري وليس ضدّ النظام المجرم آنذاك، أُطلقتْ قناة (تلاقي) على أساس أنّها قناة خاصّة ليس لها علاقة بالحكومة، وذلك احترازا من أي عقوبات تسبّبها خطوط أوباما الحمر وتطال البث الحكومي.

استمرّت تلك القناة الخاصّة (على أساس) أياما فقط، وعند أوّل مناسبة رسميّة جاء التوجيه من المستشارة الراحلة بضمّ قناة تلاقي إلى باقي القنوات الرسميّة لنقل تلك المناسبة.

وانضمّتْ تلك القناة إلى الجوقة .. وكأنك يا أبو زيد ما غزيت.

بالمقابل يجب ألّا ننسى أنّ القطّاع العام (بعجره و بجره) كان الرافد الرئيسي بكوادره للقطّاع الخاص في كل المجالات: الصناعيّة والهندسيّة والطبيّة والإعلاميّة والتعليم والجامعة.

كانت مؤسسات القطّاع العام كلّها عبارة عن دورة تدريبية مجانيّة لكل العاملين بها، من أراد أن يستفيد استفاد و طوّر نفسه وارتقى، ومن أن أراد أن يغادر غادر وشقّ طريقه خارج مؤسسته.

وأذكر على سبيل المثال لا الحصر أنّه لما تأسسّتْ وسائل إعلام خاصّة في سوريّة في مطلع الألفين كان أغلب كوادرها وإداراتها وتقنييها وبعض رؤساء تحريرها من القطاع العام:

من الإذاعة والتلفزيون والصحف و سانا.

-حتى في دول الخليج كان للكادر الإعلامي الحكومي السوري نصيبا وافرا من كوادر العمل في وسائل الإعلام الحكومية والخاصة، وتألّق منهم عدد كبير في كل مجالات العمل الإعلامي هناك.

وأذكر أيضا أنّ القفزة التي حقّقتها الدراما السورية، في نهاية الثمانينيات والتسعينيات، كانت في البدء في القطاع العام، ويعود الفضل في ذلك للدعم المباشر الذي قدّمته وزارة الإعلام وهيئة الإذاعة والتلفزيون آنذاك.

وعندما أخذ الشعلة القطّاع الخاص وانطلق متألّقا، اعتمد بشكل كبير على كوادر القطّاع العام: من مخرجين وكتّاب وتقنيين وحتّى ممثلين.

وعلى ذكر قناة الجزيرة

أذكر أنها كانت آنذاك مثالا يحتذى لكل مسؤولي سورية وخاصة كبيرهم الذي أوعز مرة للوزير دخل الله أن نعير وصلة الـ SNG مجّانا لصالح قناة الجزيرة في سوريا

والـ SNG هو جهاز إرسال نقّال عبر الأقمار الصناعية، يُستخدم في النقل الخارجي التلفزيوني.

كنّا نؤجّره للقطّاع الخاص أحيانا، وكانت أجرته تُحسب بالساعة.

وصرنا نتوسّط لكي نستعيره منهم عند حاجتنا له.

وإلى اللقاء في الحلقة الثالثة والأخيرة من (حكي بالإدارة) سأتحدّث فيها عن ترهّل الكادر الحكومي وتسريح العاملين.

وإلى اللقاء

(اخبار سوريا الوطن 1-صفحة الكاتب)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

وزارة الاتصالات توقع مع نقابتي الأطباء وأطباء الأسنان بطرطوس اتفاقيتين ‏لتوطين الرواتب في مؤسسة البريد ‏

‏   وقعت وزارة الاتصالات وتقانة المعلومات، اتفاقيتين مع فرعي نقابتي الأطباء وأطباء الأسنان ‏في محافظة ‏طرطوس، لتوطين الرواتب في المؤسسة السورية للبريد.‏   وذكرت ...