بقلم:علي عبود
لم يجد أحد المسؤولين عن قطاع النقل سوى المواطن لتحميله مسؤولية الفوضى التي تشهدها جميع المحافظات في مراكز انطلاق سيارات الخدمة او التكاسي!وقالها بغضب : (ليش ما حدا بيشتكي)!!ونرد على كل من يلقي المسؤولية على المواطن في جميع الأزمات المعيشية والحياتية ، وبخاصة الأسعار والنقل (ليش مابيتحول المسؤول إلى مواطن) ولو لمرة واحدة في الأسبوع !!لقد شغلتنا جميع الوزارات المعنية بتيسير أحوال المواطنين ، وتحديداً وزارات التجارة الداخلية والإدارة المحلية والنفط بشعار (تعميم ثقافة الشكوى) مع تحريض يومي تقريبا للمواطنين لتقديم الشكاوى بكل من يخالف الأنظمة والقرارات النافذة!ومع تأييدنا التام لمعاقبة المخالفين والكبار منهم قبل الصغار نسأل الجهات الحكومية : أيهما أجدى وأفعل منع أسباب المخالفات أم محاسبة مرتكبيها؟تعرف الجهات الحكومية ان مسؤوليتها يجب ان تتمحور حول تنفيذ آليات فعالة تمنع المخالفات لا أليات تشجع على ارتكابها .وإذا كانت الجهات المسؤولة عن قطاع النقل مقتنعة فعلا بأن فرض العقوبات التي وصلت مؤخرا إلى مليون ليرة بحق السائق المخالف للتسعيرة سيحل أزمة النقل المستمرة منذ عقود .. فهي أكثر من واهمة ، بل هي تستغبي عقولنا !
أكثر من ذلك.. لنفترض بأن الإلتزام بالتسعيرة سيحل أزمة النقل ، ولنفترض إن المواطن مقصّر بل ومتقاعس عن تقديم شكوى بالمخالفين .. فما الحل؟نقول لأعضاء المكاتب التنفيذية في المحافظات : تحولوا إلى مواطنين عاديين مرة في الأسبوع ، وتوزعوا على نقاط الإزدحام ، واستخدموا وسائط النقل العامة والتاكسيات في تنقلات عشوائية ، واستمعوا إلى معاناة الناس وجهاً لوجه ، وبعدها يمكنكم تقديم الشكاوى الخطية بالمخالفين كمواطنين لاكمسؤولين!
ولكننا نسألكم: هل ستنفرج أزمة النقل بتحديد تسعيرة لاترضي السائقين ولا المواطنين ، بل هل ستحل الأزمة بقمع المخالفات أم بآليات تمنع وقوعها؟في محافظة دمشق مثلا لاتزال لجنة قطاع النقل ترفض تنفيذ مشروع (التكسي سرفيس) الذي يعد حالياً آلية فعالة لحل أزمة النقل فتحويل 35 ألف تكسي إلى سرفيس يعادل وضع أكثر من 3200 باص جديد في الخدمة أي أكثر من حاجة دمشق للباصات .. فلماذا لاتنفذه المحافظة بدلاً من تحريض المواطنين على الشكوى ، وهوتحريض لن يحل الأزمة!
كما إن حل أزمة النقل يفرض التجاوب السريع مع الحلول المقدمة من قبل دول صديقة كمشروع النقل بقطارات الكهرو ضوئية المقدم من الصين دون أن يكلف الحكومة قرشاً واحداً ، بل ماذا يمنع التعاقد مع شركات صينية لحل أزمة النقل بين المحافظات بشبكة خطوط نقل كهروضوئية!وبالمحصلة إذا كانت الجهات المسؤولة عن أزمة النقل مهتمة حصريا بقمع المخالفات فهذه ليست من مهام المواطن المشغول بهموم يومية غير مسبوقة ، بل مسؤولية موظفيها ومسؤوليها ، فليتحولوا إلى مواطنين يستخدمون وسائط النقل ليوم واحد في الأسبوع ولينظموا مايشاؤون من مخالفات!!
أما إذا افترضنا ، مجرد افتراض نظري، إن الجهات الحكومية مهتمة فعلياً بحل أزمة النقل ، فالحلول متاحة لحل الأزمة جذريا دون اي تكاليف ترهق خزينة الدولة !وهذا يقودنا إلى السؤال المكرر دائماً : هل تريد الجهات الحكومية حل أزمة النقل فعلاً أم لا .. ولماذا؟
(سيرياهوم نيوز19-9-2021)