آخر الأخبار
الرئيسية » الزراعة و البيئة » مأساة الدلبة…. بعض العقل والكثير الكثير من العبر..(الجزء الاول)….

مأساة الدلبة…. بعض العقل والكثير الكثير من العبر..(الجزء الاول)….

 

باسل علي الخطيب

هذه المقالة طويلة، لذلك ستكون على أجزاء، اكتبها للتوثيق، واكتبها للتاريخ والأيام، الغاية أن نتعلم، نستخلص الدروس والعبر…

حصلت المأساة، ليس هناك من كلام أو لغة يمكن أن تبلسم جراح أم ثكلى واب مكلوم فقدوا ابنهم، ليس هناك سوى الدعاء، والدعاء فقط أن يمنحهم الله القوة والصبر…..
لماذا يبدو دائماً وكأنه مكتوب علينا ان نتعلم دائما بالطريقه الأصعب والاقسى؟؟…..

هذا المقال بعض المحاولة لتغيير الحتمية السابقة….
يجمع الكل تقريباً ان تقصيرا ما قد حصل، الأغلبيه تشير باصابع الاتهام الى الدولة و إلى المجمع العلمي وتحديداً الجيولوجيين…
دعونا نفند ذلك خطوة خطوة….
عناصر الدفاع المدني استجابوا منذ لحظة تبليغهم، دخلوا بالاشتراك مع شبان من المجتمع الاهلي الى المغارة، دخلوا إليها على مدى ثلاث ايام عدة مرات، وقد مسحوها بالكامل، وفي كل مرة كانوا يصلون دائماً الى مناطق مسدودة و مغلقة….
الكل اكد بما فيهم شبان المجتمع الأهلي وبعد ان فتشوا المغارة كلها أنه محال ان يكون قيس موجود في المغارة…..

اريد ان اشير الى نقطه مهمة هنا، في اي بلد حيث تكون معابير السلامه والأمان عالية وصارمة، لن تسمح السلطات لغير عناصر الدفاع المدني من المواطنين ان يدخلوا، خاصة ان المغاره مجهولة بالكامل وغير مستكشفة سابقاً، وذلك حفاظا على سلامتهم….

ما الذي يملكه الدفاع المدني ولم يستعمله في عمليات البحث؟…
عدتهم في الدخول كانت الإناره والحبال وقناني الاكسجين، حتى دخول هؤلاء كان يكتنفه خطر كبير، ومرة اخرى اعيد تذكيركم، المغارة مجهولة المعالم بالمطلق، وهكذا نوع من المغاور في عمليات الاكتشاف الاولى، يكون خطيراً حتى على المختصين أو المحترفين…
عناصر الدفاع مع الشبان المتطوعين واجهوا ذلك المجهول بأجسادهم فقط….

نحن نتحدث عن عمل غير نمطي، أي انك لا تخضع له في التدريبات و يكون موافقا لأرض الواقع، هذا ليس كالتدريب في حالات الحرائق او الفيضانات او غيرها من الكوارث النمطية…
عدا عن ذلك هؤلاء وان كانوا مدربين اعلى تدريب هم بشر تكتنفهم ذات المشاعر التي تكتنف الكل عندما يواجهون المجهول، وتذكروا ايضا ان لهولاء عائلات واهل، ومن اختار منهم هذا العمل اختاره تطوعاً حتى يحاول انقاذ الناس في الكوارث…

نعم، عناصر الدفاع قدموا اقصى ما يمكن تقديمه، وهم خاطروا بحياتهم في الدخول، لا سيما بعدما تبين مدى تعقيد و وعورة المغارة…
وهنا بعض الكلام عن مورفولوجية المغارة حتى نبين صعوبة وخطورة عمليات البحث….
المغارة ليست من النوع النمطي، مدخلها هو مخرج للمياه، وعادة هكذا مغاور تكون ذات مظهر نفقي واضح ومحدد، وذات مسرب واحد، وليس فيها تعرج حاد في التضاريس، وحتى إن وجد هكذا تعرج فهو من النوع المتوقع…
مغارة الدلبة ليست نفقية النمط، أي أنها ليست ذات مسرب واحد، ذات تعرج كبير في التضاريس، مع وجود عدة دهاليز، وبعضها عكسي، مع تفاوت كبير في ارتفاع المغارة، لدرجة أنك ستزحف حتى تتقدم في بعض الأماكن، والركام الموجود في ارضيتها في بعض الأماكن قد يشير إلى احتمال حصول انهيارات أو تساقط كتل في اي لحظة….
تحدثت باختصار، وقد كتبت قبل أيام مقال تفصيلي عن مورفولوجية هذه المغارة، الخلاصة المغارة من النوع الخطر غير الآمن حتى على المحترفين….

تحدث الكثيرون عن (الكلاب الشمامة)، وانه لو تم احضارها في الايام الاولى لكانت النتيجه مغايرة….
حسناً دعونا نتحدث بعض العقل وبعض العلم…
في اجواء المغارات حيث درجات الحراره منخفضة والرطوبة عالية ونسبه الاكسجين قليلة وحركة والهواء شبه معدومة، في هذه الظروف الروائح اياً كانت لا تنتقل الا الى مسافات قصيرة لا تتجاوز بضعه امتار، وبالتالي فعالية الكلاب الشمامة في هكذا اماكن تكاد تكون شبه معدومة، فحتى لو كانت هذه الكلاب موجودة في الفترة الاولى للبحث عندما كان يمكن أن يكون قيس مازال على قيد الحياة، لما استطاعت هذه الكلاب التقاط رائحته، لاسيما بعد ان كان قد توغل كل تلك المسافة، والعلم عند الله…..

نأتي الى السرداب الذي وجد في نهايته المرحوم قيس….
عمليات البحث في المغارة انتهت يوم الاربعاء الماضي، وقد اكد الكل (الدفاع المدني و شبان المجتمع الاهلي)، أنهم قد مسحوا المغارة بالكامل ولم يعد هناك داخل المغارة مكان للبحث فيه، لذا توجهت الجهود للبحث في مجرى النهر وفي بحيرة السد….
عمليات البحث هذه استمرت ثلاثة أيام….
أول من اشار الى وجود هذا السرداب هو الدكتور الجيولوجي سعيد ابراهيم، وذلك يوم السبت او الاحد، الدكتور سعيد كان قد شارك في عمليات البحث يوم الاربعاء داخل المغارة، لكنه لم يكمل الطريق داخل المغارة، لانه شعر بضيق في التنفس، لذلك عاد ادراجه لوحده، وفي طريق العودة أضاع الطريق، ودخل بالصدفه في هذا السرداب ، وعندما شعر أنه يتضيق، استنتج أنه ليس طريق العودة الصحيح، فكان أن عاد ادراجه وقد كاد ان يفقد وعيه، وكان يمكن ان يفقد حياته، رجع من حيث بدأ، وبعد جهد جهيد وجد طريق العوده الى خارج المغارة، حيث خرج منها منهكاً، وفي حالة صحية صعبة بانت آثارها السلبية عليه لمدة يومين….
الدكتور سعيد فيما قدمه من مجهود وخبرة هو مثال عن الجيولوجين عامةً، والذين يتهمون الآن ظلما بالتقصير…

عندما خطرت على بال الدكتور سعيد فكرة ان هذا الدهليز قد يكون له امتداد ما، وانه حيث هو تاه، يمكن ان يكون المرحوم قيس قد تاه أيضاً وهو يبحث عن مخرج، قام بالإبلاغ عن ذلك….

إذاً، الصدفة البحتة هي من أفضت إلى إستنتاح أنه يمكن أن يكون لهذا السرداب امتداد…
قد يسأل أحد ما، ولكن هل يعقل أن كل عمليات البحث السابقة لم تلاحظ ذاك؟…
تعرج السرداب عدا عن ضيقه اظهره أنه مغلق، والدكتور اكتشف أنه ليس مغلقا لأنه دخله عن طريق الخطأ وهو يبحث عن مخرج….
مع الإشارة أن جو الظلمة الشديدة في المغاور مع الإضاءة المحدودة الانتشار احادية الاتجاه قد تظهر العتمة على الحيطان شقاً، أو قد تظهر الشق عتمة، وهذه قد خبرناها سابقاً….
يتبع…..
(خاص لموقع سيرياهوم نيوز ٢)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

“اكساد” يشارك في المنتدى العالمي الخامس لرواد الاعمال والاستثمار في البحرين.. والعبيد يعرض لقصص نجاح وتجارب علمية تطبيقية وشراكات عمل ناجحة 

  د.محمد العمر   برعاية كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء، انطلقت يوم أمس ١٤ ...