آخر الأخبار
الرئيسية » مجتمع » «مؤثرون فلسطينيون» يشوّشون على المقاومة: غوييم الشبات في خدمة «إسرائيل»

«مؤثرون فلسطينيون» يشوّشون على المقاومة: غوييم الشبات في خدمة «إسرائيل»

علي عواد

 

 

برزت أخيراً إستراتيجية إسرائيلية إعلامية، تُعيد إحياء أساليب استعمارية قديمة بثوب جديد. إذ يسعى الاحتلال إلى تلميع صورته أمام المجتمع الدولي عبر توظيف أصوات فلسطينية منتقاة بعناية لترويج السردية المؤيدة للكيان. نهج يهدف إلى إضفاء طابع من المصداقية والشرعية على الروايات الصهيونية، مستغلاً هوية هؤلاء الأفراد لتقديم صورة مضلّلة عن الواقع على الأرض

 

تاريخياً، غالباً ما استخدم المستعمرون تكتيك إعلاء وتضخيم أصوات السكان المُحتلين الذين يدعمون أو يبرّرون حكمهم. كانت هذه الإستراتيجية، التي يُشار إليها باسم «المخبرين المحليين» أو «المتعاونين مع الاستعمار»، الأساس في السيطرة الاستعمارية عبر مختلف الإمبراطوريات والعصور، ولا سيما في الإمبراطورية البريطانية، التي غالباً ما كانت النخب المحلية تتلقى تعليمها في المدارس والجامعات البريطانية، ثم تُمنح مناصب ذات سلطة محدودة للمساعدة في إدارة الأراضي المستعمَرة. وغالباً ما كان هؤلاء الأفراد يتبنّون المعايير الثقافية البريطانية ويدافعون عن الفوائد المفترضة للحكم البريطاني. وبالمثل، في أفريقيا المستعمرة الفرنسية، شجعت سياسة «الاستيعاب» قلة مختارة من الأفارقة على أن يصبحوا «فرنسيين» في الثقافة والنظرة، واستخدمتهم لتعزيز الأيديولوجيا الاستعمارية الفرنسية. وفي الأميركيتين، استخدم المستعمرون الأوروبيون السكان الأصليين الذين تحولوا إلى الديانات والقيم الأوروبية بين مجتمعاتهم.

 

(نهاد علم الدين)

تركيا – تكلفة زراعة الأسنان بالفم الكامل قد تفاجئك تمامًا

زراعة الاسنان في تركيا

 

وقد خدم هذا التكتيك أغراضاً متعددة: لقد أضفى مناخاً من الشرعية على الحكم الاستعماري، وولّد انقسامات بين السكان المستعمرين، وزوّد المستعمرين بمثقفين يمكنهم المساعدة في التعامل مع العادات والسياسات المحلية. ويمكن النظر إلى استخدام الأصوات الفلسطينية للترويج للروايات الإسرائيلية على أنه تجسيد حديث لهذه الممارسة الاستعمارية القديمة العهد، بعد تكييفها مع عصر وسائل الإعلام والسوشال ميديا.

اليوم، يواجه هذا النهج تحديات كبيرة في ظل تنامي الوعي العالمي بحقيقة الوضع في فلسطين المحتلة. فقد أصبح الجمهور العالمي، وخصوصاً فئة الشباب (الجيل Z) أكثر نقداً وتشككاً تجاه الروايات التي تحاول تبرير أو تلطيف الاحتلال، حتى عندما تأتي من أصوات فلسطينية. هذا التحول في الرأي العام يشير إلى أن إستراتيجيات التضليل القديمة لم تعد فعّالة في عصر المعلومات المفتوحة والتواصل الاجتماعي. تقوم سردية الأصوات الفلسطينية المروّجة لسياسات إسرائيل على تقديم رواية «ذات وجهين»، وتصوّر الصراع الإسرائيلي الفلسطيني على أنه صراع متوازن مع معاناة متساوية من كلا الجانبين. وهو جزء من مشروع خُصّص له 63 مليون شيكل إضافي لـ«الهاسبارا» (البروباغندا الإسرائيلية) في تشرين الثاني (نوفمبر) 2023. وفي تقرير نشره موقع mintpressnews في 19 تموز (يوليو) الحالي، تحدث عن شخصيات فلسطينية بارزة مثيرة للجدل في هذا المشهد، من بينهم مصعب حسن يوسف. اكتسب الأخير، المعروف بمشاركته في تأليف كتاب «ابن حماس»، سمعة سيئة بسبب موقفه المؤيد لإسرائيل وتصريحاته التحريضية ضد المسلمين والعرب. وقد أعلن في مقطع فيديو حديث عن تفضيله «15 مليون يهودي بريء» على «300 مليون مهرج عربي»، بل إنه صرح بأنه يفضل «بقرة على 1.6 مليار مسلم». شخصية أخرى في هذا المجال هو نصير ياسين، المعروف بحسابه على الإنترنت «ناس ديلي». بنى ياسين، الذي وصف نفسه بأنه «إسرائيلي أولاً وفلسطيني ثانياً»، عدداً كبيراً من المتابعين عبر مدوّناته على الإنترنت وحضوره على السوشال ميديا. وفي حين يتجنّب في أعماله الخطاب العلني المعادي للفلسطينيين، إلا أنه غالباً ما يروّج لرواية «الحوار» و«التعايش» التي هي تطبيع لسياسات إسرائيل تجاه الفلسطينيين. وبحسب موقع mintpressnews تشمل خلفية ياسين التعليمية والمهنية تعاونه مع أفراد يعملون في قطاعَي التكنولوجيا والأمن الإسرائيليين. وقد أدى قبوله جائزة من «رابطة مكافحة التشهير» (ADL) أثناء حرب الإبادة المستمرة في غزة إلى إثارة المزيد من الغضب ضده بين الفلسطينيين على السوشال ميديا. وجه آخر لهذه الظاهرة، أحمد فؤاد الخطيب، وبصفته زميلاً أقدم غير مقيم في «المجلس الأطلسي» وزميلاً سابقاً في «معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى»، فقد وضع الخطيب نفسه بمنزلة ناشط ليبرالي في مجال حقوق الإنسان. مع ذلك، أثار تأييده الأخير لفيلم شيريل ساندبرغ الإشكالي «صرخات قبل الصمت»، الذي تعرض لانتقادات بسبب استخدامه اعترافات تحت التعذيب، ردود فعل عنيفة. وينطوي نهج الخطيب على استخدام خلفيّته الغزاوية لانتقاد النشاط المؤيد للفلسطينيين وتعزيز الحوار مع الصهاينة. وقد اتُهم الخطيب بـ«الاحتيال» عبر استغلال هويته الفلسطينية لإضفاء مصداقية على الروايات المؤيدة لإسرائيل.

تحاول إسرائيل لملمة خسارتها جبهة السوشال ميديا عبر الاستعانة بأفراد فلسطينيين

 

يزعم مؤيدو هذا النهج أن هذه الأصوات تقدم «توازناً ضرورياً للروايات الفلسطينية السائدة» وتعزّز التفاهم بين الإسرائيليين والفلسطينيين. ومع ذلك، فإن الدعم المالي والمؤسسي الذي تتلقاه هذه الشخصيات من المنظمات المؤيدة لإسرائيل يشكك في صدق مواقفها.

تحاول إسرائيل اليوم لملمة خسارتها جبهة السوشال ميديا لمصلحة فلسطين، عبر الاستعانة بأفراد فلسطينيين لضرب القضية الفلسطينية. بينما عزّزت منصات مثل «إكس» (في الأسابيع الأولى من الحرب فقط) وتيك توك، الوعي الغربي تجاه الاحتلال والظلم، إلا أن العقلية الصهيونية اليائسة تحاول فلترة ثقل القضية الفلسطينية في منصات التواصل عبر تقديم تلك الشخصيات المطبّعة. وهذا أيضاً يعكس تأثير السوشال ميديا المناصر لفلسطين على العقلية الإسرائيلية. ليست هذه الظاهرة بمعزل عن التحولات الجيوسياسية الأوسع نطاقاً في الشرق الأوسط، ولا سيما أثناء مدة الإدارة الأميركية السابقة بقيادة دونالد ترامب، وما شهدته من اتفاقيات تطبيع بين إسرائيل وبعض الدول العربية، التي أعادت تشكيل التحالفات والخطاب الإقليمي. ويُلاحظ أن تفعيل ماكينة «الهاسبارا» الإسرائيلية راهناً يتماهى أيضاً مع شدّ العصب اليميني الأميركي الذي اتخذ بُعداً دينياً مع نجاة ترامب من محاولة اغتيال، سمح له فشلها في تطويبه مرشحاً رسمياً من قبل الحزب الجمهوري، وأيضاً برّرت لأصحاب المليارات تمويل حملته من دون خجل.

 

سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية

x

‎قد يُعجبك أيضاً

عن العنصرية و«جنون العظمة» اللبناني

أحمد دقة   طوال التاريخ، عملت الوجوه المعنية بالدعاية والبروباغندا، على استخدام اللغة والمُصطلح واللفظ، من أجل تشويه الآخر، وشيطنته وجعله في الطبقات الدنيا من ...