*باسل الخطيب
يحسد أو يغبط أغلب الناس المعلمين أن عندهم ثلاثة أشهر إجازة في الصيف مدفوعة الأجر، و يبدو أن وزارة التربية أيضاً تحسدهم أو تغبطهم هي الأخرى…. نريد أن نخبر من ذكرناهم أعلاه بالمعلومات الحصرية و السرية و التي وصلتنا لتوها، الشهر السادس من كل سنة ميلادية، و نقصد به شهر حزيران حتى لا يلتبس الأمر على البعض و يظننا نقصد السنة الهجرية……في هذا الشهر، اسمعوا هذه المعلومة، تكون فترة امتحانات الشهادتين الإعدادية و الثانوية، حيث يتم تكليف أغلب المعلمين بالمراقبة، قد تظنون أن عملية المراقبة جميلة و لها هيبة، حسناً أيها السادة، و بما أني جربت العمل كمراقب، تعالوا و جربوا أن تراقبوا لمدة ساعتين أو ثلاثة وقوفاً، لا يحق لكم فيها الجلوس على الكرسي أبداً، جربوا المراقبة في هكذا قيظ و هكذا رطوبة، و أعينكم يجب أن تكون كما يُقال (عشرة على عشرة)، و المعلم بين نيران ثلاث، نار الحر، و نار أنه لا يريد أن يخون الأمانة، و نار أنه لا يريد أن يؤذي أي طالب و يدمر مستقبله، نعم تخيلوا ثلاث ساعات متواصلة هكذا، لا يحق لك إلا شرب الماء، و يحق لك فيها الذهاب إلى الحمام مرة واحدة، بصراحة المعلومة الأخيرة لم أتأكد منها، لأن هناك روايات أخرى تقول أنه لا يحق له الذهاب مرتين إلى الحمام….. نأتي إلى الشهر السابع، و هو شهر تموز، و فيه تُستكمل عمليات التصحيح التي تكون بدأت في شهر حزيران، تخيلوا معي أيها السادة المشهد التالي، تخيلوا كل ذاك العدد من المعلمين في قاعة واحدة، منكبين على أوراق التصحيح، تؤلمهم رقابهم و تتعب عيونهم من التركيز، يعملون في ظروف أبعد ما تكون عن الظروف الإنسانية، حيث الحر و الغيظ و الرطوبة و لا كهرباء، و بالتالي لا مراوح أو مكيفات، أتذكرون تلك الصورة لمجموعة من الأساتذة يصححون مساءً على أضواء فلاشات الموبايل؟ عدا عن ذلك، تخيلوا تلك المسؤولية التي يحملها كل معلم على كاهله، أنه يضع كل تركيزه فيما يصححه حتى لا يظلم أي طالب أبداً، تخيلوا حجم الضغط النفسي و الجسدي الناتج عن ذلك ، و إن حصلت أخطاء، و في كل عمل أياً كان تحصل أخطاء، إن حصلت أخطاء فهي لا تحصل بسبب عدم الكفاءة و الإهمال، إنما تحصل بسبب التعب و الإرهاق، و لا تنسوا الضغط الذي يتعرضون له من قبل مسؤوليهم الجالسين في مكاتبهم المكيفة، و الذين لا يتحركون إلا في سياراتهم المكيفة، حتى ينهوا العمل…. أنا أفهم الإسراع في إصدار نتائج الشهادة الثانوية، لكن لماذا ذلك الإسراع والتخبط ، والذي كان نتاجها التسرع والتهور في إصدار نتائج الشهادة الاعدادية؟؟…… نأتي بكم إلى الشهر الثامن، شهر آب، حيث الدورة التكميلية مراقبةً وتصحيحاً، ودورات التقوية ودورات السبر وغيرها، علماً أنه خلال كل ما ذكرناه أعلاه وحتى الآن يأتي أغلب المعلمين من القرى إلى مراكز المدن، يقطعون مسافات طويلة مع مايرافق ذلك من مشقة كبيرة في التنقل بسبب الأوضاع القاسية التي يجب أن نكون نعرفها جميعاً، ويبدو أن هذه الأوضاع لاتعرفها الوزارة المعينة، ولايريد أن يعرفها أغلب الناس…. إليكم الكبيرة الآن، وهذه معلومة قد وردتنا للتو، أن الأجور التي يتقاضاها المعلمون عن كل يوم عمل مما ذكرناه سابقا، لاتكفيهم أن يشتروا سندويشة فلافل أو قنينة ماء، نعم أيها السادة، لاتكفي لشراء سندويشة فلافل ذات الأربع اقراص، وقد عرفنا من مصادرنا الخاصة أنها قد تكفي لشراء السندويشة ذات الثلاث أقراص ولكن من دون سلطة…. وبما أنني أحسن الظن، فأنا أعتقد أن فكرة الناس والوزارة المعنية عن المعلمين، أن هؤلاء المعلمين ينتمون إلى فصيلة (الجمال)، أو أنهم يعيشون على التركيب الضوئي، ولأن المعلومات ضبابية عند الوزارة، وان معلميها قد أنجزوا أكثر من 20جزء من فيلم (المهمة المستحيلة)، أو أنهم ابطال الافلام الهندية إياها، قررت أن يكون بدء العام الدراسي القادم هو الرابع من ايلول، لاسيما بعد أن نال المعلمون القسط الكافي من الراحة النفسية والجسدية، وقد كساهم الاسمرار بعد أن قضوا إجازاتهم في جزر المالديف والكناري وشواطيء الريفيرا، علماً أن أغلبهم يلملم مبلغاً من المال وهو يكاد يدمع حتى يذهب وزوجته وأطفاله ليستأجر خيمة في شاطيء الاوهام أو الأحلام ، ماعدت أذكر اسمه بالضبط، لكي يسبح الأولاد، حيث البحر التي صارت مياهه أكثر حلاوة بفعل مصبات الصرف الصحي.. اسال وتسألون، أو بالأحرى دعوني أسأل وحدي حتى لا أحملكم أي مسؤولية، ترى هل كان ليفرق لو أن بداية العام الدراسي كانت نهاية شهر أيلول أو بداية شهر تشرين الأول؟اما حان الوقت لنحاكي في خططنا وقراراتنا الواقع على الأرض؟؟…أيعقل أن أي قرار هو لبوس واحد أياً كان الظرف؟ سيقول البعض أن هناك خطة درسية يجب انجازها، حسناً، عدلوا الخطة بما يتناسب مع مصلحة إنتاجية العملية التعليمية والتربوية، ألا يكفي أن الصفوف مكتظة والحرارة والرطوبة عالية ولاتوجد أي وسائل تبريد والجو خانق جداً؟ بالله عليكم أتتوقعون أن الطلاب سيفهمون؟ أو أن المعلمين سيتمكنون من الإعطاء كما يجب؟… المؤسسات لاتدار بالريموت كنترول، لاتدار وانت تجلس في برج عاجي، ولاتدار والغاية كسب النقاط والتقاط الصور، لا تدار لتحصيل مجد شخصي، لاتدار وفق عقلية ضمان مقعد في التشكيلة الوزارية القادمة…..
(سيرياهوم نيوز ٦-خاص بالموقع٢٨-٧-٢٠٢٢)