علي عبود
أما وقد بدأ الحديث يعود مجددا إلى إمكانية تنفيذ مشروع خط الغاز القطري عبر سورية فتركيا لتزويد أوروبا بالغاز، فإن ملايين السوريين سيسألون الآن: ماذا استفادت سورية من رفض مشروع خط الغاز القطري في عام 2009؟
لم تكن سورية آنذاك على خلاف مع قطر أو تركيا لكي ترفض المشروع، بل على العكس كانت العلاقات معهما أكثر من جيدة والإستثمارات التركية والقطرية في سورية واعدة، وتحديدا في قطاعي السياحة والمقاولات، وساهمت في انتعاش الاقتصاد الوطني وتوفير آلاف فرص العمل.
ولم تكن المشاريع البديلة للخط القطري قد دخلت حتى مرحلة الدراسة مثلا، كي يُقال ان سورية لديها خيارات بديلة كي ترفض مشروعا جاهزا للتنفيذ يعود عليها بفوائد محققة سواء بتأمين احتياجاتها من الغاز أو بزيادة وارداتها من القطع الأجنبي!
نعم، فوّتت سورية فرصة ثمينة دون أيّ مبررات منطقية أو إقتصادية، وإذا كان بشار الجعفري أكد في 28/2/2022 عندما كان نائبا لوزير الخارجية بأن “أحد أسباب الحرب على سوريا كان رفضها مد خط أنابيب الغاز القطري إلى أوروبا عبر تركيا لإفشال الخط الروسي” فإنه لم يُوضّح لماذا أختارت روسيا لاحقا تركيا لتكون مركزا رئيسيا لتصدير الغاز الروسي دون إيّ فائدة لسورية من رفضها لمشروع يُنعش اقتصادها ومواطنيها!!
تصوروا حال سورية اليوم إقتصاديا وحياتيا لو وافقت على مرور مشروع “خط الغاز القطري ـ التركي” في أراضيها، والذي أقرّ في قمة إسطنبول بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وأمير قطر حينها الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني.
تشير الجدوى الاقتصادية لمشروع هذا الخط الذي يبلغ طوله 1500 كم بتكلفة 10 ملايين دولار وفق أسعار العام 2009 إلى استفادة أطراف عديدة منه بعد وضعه في الخدمة في مقدمتها سورية يليها تركيا فقطر وأوروبا، ومع ذلك رفضت سورية المشروع على الرغم من العلاقات الممتازة التي كانت تربطها مع كل من قطر وتركيا!!
ولا نبالغ بالقول إن سورية ستكون من اكبر المستفيدين من خط الغاز القطري لو تم تنفيذه في القادم من السنوات، فهو سيساهم بتطوير البنى التحتية اللازمة لهذا المشروع بتمويل قطري، وسيكون موردا دائما للقطع الأجنبي مايعني إنتعاش إقتصادي كبير، وتأمين الأموال للتنمية المستدامة، والأهم تحسين الأوضاع المعيشية والمادية لجميع السوريين..الخ.
وبالطبع لايمكن إعادة إحياء مشروع “خط الغاز القطري”عبر سورية قبل استقرار الأوضاع في المنطقة وليس في سورية فقط ودون موافقة أمريكية مباشرة، وفي حال تنفيذه سيؤمن، مع استثمار حصة سورية من غاز البحر المتوسط، الموارد المالية الدائمة والكافية لإعادة إعمار سورية وتنمية غير مسبوقة لاقتصادها لعدة عقود قادمة.
الخلاصة: بما أن كل دول الإقليم: مصر وتركيا وقطروقبرص واليونان وإيران..الخ تهتم بمصالحها الإستراتيجية والقومية وخاصة مايتعلق بالإستفادة من غاز البحر الأبيض المتوسط، وبممرات خطوط الغاز، وتعقد إتفاقات وتفاهمات لتأمين موقع متقدم في خارطة الطاقة الجديدة لتحقيق أعلى مردود مادي لصالح شعوبها.. الخ، فإن السؤال لايزال مطروحا: ماذا استفادت سورية من رفض مشروع “خط الغاز القطري”.. ولمصلحة من؟
(أخبار سوريا الوطن-١)