الدكتور خيام الزعبي
في ضربة إسرائيلية كبيرة استهدفت قلب الضاحية الجنوبية لبيروت، استشهد الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، الشخصية البارزة التي غيّرت لعقود المشهد السياسي والعسكري في لبنان والمنطقة، فاستشهاد الأمين العام يمثل حدثاً استثنائياً و مفصليا يثير تساؤلات كثيرة حول مستقبل حزب الله، فضلاً عن تساؤلات متعلقة باستمرارية مشروعه في “مواجهة الكيان الصهيوني ” في المنطقة.
كل الأنظار تتجه نحو كيفية تعامل الحزب مع هذا التحول التاريخي، حيث يتعين عليه اختيار خليفة قادر على ملء الفراغ الكبير الذي تركه استشهاد الأمين العام، وسط تحديات داخلية وخارجية لا تقل خطورة عن المعركة الحالية مع إسرائيل الإرهابية.
واصلت المقاومة رفع راية التحدي في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، ليؤكّد رجالها قدرتهم على إفشال كافة المؤامرات التي تحيط بالمنطقة، فمنذ تأسيس “حزب الله” في الثمانينيات، بنى سمعته على قدرته في مقاومة إسرائيل واعتباره اللاعب الرئيسي في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، ومع التصعيد الأخير والضربات الجوية المتتالية على مراكز قيادته يبدو أن الحزب سيستمر في التصعيد العسكري ضد اسرائيل، والتركيز على إعادة بناء قيادته الداخلية، وإعادة الحزب تنظيم صفوفه من جديد.
فالمتتبع لتوجهات حزب الله، فإن استشهاد أمينه العام، لن يُغيّر من التزام حزب الله بالمواجهة ضد إسرائيل، خاصة مع استمرار الحرب على غزة، بمعنى أن الحزب سيواصل السير على النهج الذي رسمه نصرالله، وفاءً لما كان يمثله.
وهنا لا بد من ضرورة البحث عن سبب الاختراق الكبير الذي جرى، وجعل الحزب مكشوفا أمام إسرائيل الى هذا الحد من حيث قياداته وتواجدهم وخط سيرهم واجتماعاتهم ونشاطاتهم ومقراته السرية.
قوات الحزب، الذي قال نصر الله أنها تتألف من ١٠٠ ألف مقاتل وتتمتع بتسليح قوي ومتطور، تشكل العنصر الرئيسي لنفوذه، خصوصاً وأن إمكانياتها تتجاوز إمكانيات الجيش اللبناني، فحزب الله يعتبر الصواريخ سلاحاً أساسياً في إستراتيجيته العسكرية، ولذا فقد استثمر في تحديثها بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، الأمر الذي أصبح يمثل تهديداً أقلق جنرالات الحرب في تل أبيب.
مجملاً… إن إسرائيل العدوانية ستزول لأنها اغتصبت حقوق وأرض الشعب العربي … وستعود الأرض إلى أهلها عاجلا أم آجلا، لذلك ففناء الكيان العبري باتت وشيكة، وأنا على يقين بأن الذين يحلمون بالقضاء على المقاومة في لبنان يعيشون في وهم كبير، بعضهم ليس لديهم قدرة على الفهم ولا إستيعاب حقائق الواقع لأصحاب العقيدة، فأصحاب العقيدة الذين هم على إستعداد للتضحية بأنفسهم في سبيل عقائدهم يستحيل القضاء عليهم.
كما إن الدم اللبناني الذي سفكه ويسفكه الأعداء غالٍ ولن يذهب هدراً ولن تترك المقاومة من يقترف هذه الجرائم البشعة مهما كان الثمن وسوف تطاردهم في كل مكان حتى تطهير الأرض من أعمالهم الخبيثة، لن ننسى أبداً شهدائنا الأبرار.
في نهاية الأمر … إنَّنا أمام لحظة تاريخية فارقة في مسيرة هذه الأمة، لحظة غير مسبوقة، و يبقى السؤال عما إذا كان استشهاد السيد نصرالله ، يمكن أن يغير مسار سياسات وصراعات ممتدة منذ منتصف القرن الماضي؟ سؤال قد يجد الإجابة عليه خلال الأيام والأسابيع المقبلة، فتكاتف فصائل المقاومة في هي بمثابة سدّ منيع في مواجهة تنفيذ مخططات الكيان الإسرائيلي المشؤومة.
سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم