آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » ماذا سيفعل الدب الروسي الجريج، مع الضربة الأوكرانية الموجعة..؟

ماذا سيفعل الدب الروسي الجريج، مع الضربة الأوكرانية الموجعة..؟

 

أحمد رفعت يوسف

اليوم تلقت روسيا ضربة عسكرية واستخباراتية، هي الأقوى والأصعب، منذ الحرب العالمية الثانية..
هجمات أوكرانية، بطائرات مسيرة، ضربت أربع قواعد جوية روسية، هي “بيلایا، دياغيليفو، إيفانوفو، وأولينيا” وأدت إلى تدمير أكتر من 40 طائرة حربية، من أقوى وأغلى الطائرات الاستراتيجية، منها قاذفات نووية مثل Tu-95 وTu-22M3، وطائرة الإنذار المبكر A-50.
وكنوع من التحدي، قالت الاستخبارات الأوكرانية، إنها بدأت التخطيط للعملية سراً، منذ سنة ونصف، وتم إعلان مسؤولية أوكرانيا عنها، وأطلقت عليها اسم “عملية شبكة العنكبوت”.
وفي التفاصيل، التي تزعج وتهين روسيا أيضاً، أن الهجوم تم من داخل أراضيها، حيث قامت أوكرانيا، بتهريب طائرات مسيّرة صغيرة، داخل شاحنات دخلت الأراضي الروسية بشكل طبيعي، وكانت محملة بحاويات خشبية مموهة، وفيها أسقف تفتح إلكترونيًا عن بُعد، والطائرات مزودة بمعلومات عن المواقع المستهدفة، بتقنيات ذكاء الاصطناعي، وموصولة بالأقمار الاصطناعية، وعند ساعة الصفر، توقفت الشاحنات، وتم فتح أسقفها إلكترونيا، وأطلقت عشرات المسيّرات، التي ذهبت إلى أهدافها وضربتها بدقة.
الخسائر المادية والمعنوية لروسيا، من العملية كبيرة جدا،ً ويكن تلخيصها بما يلي:
خسائر مادية تتجاوز 2 مليار دولار.
القاذفات اللي تم تدميرها، تعتبر جزءاً من “الثالوث النووي الروسي” الذي يشكل استراتيجية الردع النووي، لمنع استهداف روسيا نووياً.
صعوبة تعويض روسيا للخسائر بسرعة، بسبب حجمها، وصعوبة توفير قطع الغيار، بسبب العقوبات الغربية عليها.
خشية الروس، من أن من يستطيع تنفيذ مثل هذه الضربة، قادر على الوصول إلى كل المواقع، والقواعد، والاسلحة الاستراتيجية الروسية.
الملاحظ أيضاً، أن العملية، رافقها أحداث غامضة، منها العثور على سائق إحدى الشاحنات، التي شاركت في العملية، مخنوق برباط بلاستيكي، والشاحنة نفسها، انفجرت ذاتيًا بعد العملية.
كما تحدثت تقارير، عن انفجار غامض، وقع في نفس اليوم، في قاعدة “سيفيرومورسك” التي تحوي غواصات نووية، في شمال روسيا.
ما يمكن تأكيده، أن أوكرانيا، لا تمتلك القدرة العسكرية والاستخباراتية، وقوة القرار والإرادة، لتنفيذ مثل هذه العملية لوحدها، بدون قرار ومساعدة أوروبية، ومن المفترض أيضاً، أن يكون هناك مساعدة، أو على الأقل ضوء أخضر أمريكي، لكن ما جرى، هو معاكس لسياسة ترامب، بوقف الحرب الأوكرانية، بالتوافق مع الرئيس الروسي بوتين.
هذا الوضع، يفتح المجال لعدة أسئلة..
هل ما جرى، هو تمرد أوروبي، على الرئيس ترامب، الذي يعمل على وقف الحرب في أوكرانيا، بالتفاهم مع بوتين، والذي يعني المزيد من تهميش أوروبا ودورها.
هل هو تحرك أوروبي، لوقف تراجع الأهمية الجيوسياسية لأوروبا، بسبب الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية العميقة، التي تعاني منها، وصعود الصين، وعودة روسيا كقوة عالمية، وبدء مسار في منطقة الشرق الأوسط الجديد، لجعلها بديلاً عن أوروبا.
هل هود رد من اليمين الأمريكي المحافظ، الذي سقط مع مشروعه النيوليبرالية، والذي مهد لمجيء الترامبية، المناقضة لها.
أياً يكن الأمر، فهذا الهجوم، الذي يعتبر وفق العقيدة العسكرية الروسية “خط أحمر” وضع روسيا أمام خيارات صعبة، لأنه يتعلق بهيبتها ومكانتها العالمية، ويضع بوتين وقيادته، وقدرته في الدفاع عن روسيا على المحك، وهذه العملية، تصنف عادة، من التحولات الخطيرة في الصراعات، والتي تفتح الباب لقرارات مصيرية، وأقرب تشبيه لها، ضربة بيرل هاربور، التي وجهتها اليابان للبحرية الأمريكية، وكانت سبباً في دخول أمريكا للحرب العالمية الثانية، واستخدام القنابل النووية، في هيروشيما وناغازاكي، مما يؤكد، أن هذا العدوان، يستوجب الرد عليه بقوة، قد تصل إلى حد استخدام أسلحة نووية تكتيكية، ضد أوكرانيا، وربما ضد دول أوروبية أخرى.
في رد الفعل الروسي، استدعى بوتين، القادة العسكريين لاجتماع طارئ، وبدأ الكرملين بتسريب رسائل واضحة، تؤكد إن الرد سيكون “مفاجئ” و”قاسي للغاية”.
السيناريوهات المتوقعة للرد الروسي هي:
ضربة صاروخية عنيفة جداً، على كييف والبنية التحتية في أوكرانيا.
استخدام السلاح النووي التكتيكي، في منطقة ما من أوكرانيا.
الوضع، يؤكد صعوبة جر الناتو للحرب، بسبب مواقف الرئيس ترامب، الرافضة للحرب، إضافة إلى توقع رفض دول عديدة من الناتو، لهذا الخيار، وقد يتم الاستعاضة عن ذلك، بمواجهة مع دول أوروبية متورطة في الصراع الأوكراني، وفي مقدمتها المانيا وفرنسا وبريطانيا وبولونيا.
هذه التطورات، تؤكد أن الصراع الأوكراني والعالم ككل، دخل مرحلة خطيرة، بانتظار معرفة رد روسيا، وبالتأكيد ستشهد الساعات والأيام المقبلة، اتصالات مكثفة، لمنع جر العالم، إلى صراع خطير، قد يصل إلى الحرب النووية، لكن ما يمكن تأكيده، هو أن ما جرى، غير كل المعطيات، التي كانت قبل هذه الضربة.

 

(أخبار سوريا الوطن ٢-حوارية الصحفيين)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

سباقُ الفُرصِ الدّسمةِ

ناظم عيد نتوجّس -نحن السوريين- من الضحك والفرح المفرط، وإن كانت خصلة غير مستحبّة في موروثنا الشعبي، فقد يكون علينا أن نقلع عنها، وننفض غبار ...