ماذا يعني تصديق جنوب السودان على اتفاقية عنتيبي؟ ولماذا اعتبر الخبراء الأمر طعنة جديدة للقاهرة؟ وما هي خيارات القاهرة؟ ولماذا يبدو أحلى الخيارات مرا؟
وهل أنهى القرار الحقوق التاريخية للمصريين في النهر الخالد؟
أسئلة باتت مطروحة بقوة بعد إقدام جنوب إفريقيا على أمر توقعه البعض، واستبعده آخرون.
خبير المياه العالمي د.ضياء الدين يصف خبر تصديق جنوب السودان على اتفاقية “عنتيبي “بأنه مؤسف ومحزن للغاية، مشيرا إلى أن مصر أغدقت المساعدات على جنوب السودان طيلة السنوات العشر الأخيرة، مشيرا إلى أن تلك المساعدات كلفت مصر مبالغ طائلة.
ويضيف لـ “رأي اليوم” أن جنوب السودان قابلت الإحسان بالإساءة وانحازت إلى إثيوبيا في النهاية بتصديقها على اتفاقية عنتيبي.
وأوضح القوصي أن رئيس جنوب السودان ارتدى البدلة الأوروبية ولبس القبعة العربية، وقالها صراحة ودون مواربة: “نحن لسنا عربا”.
وقال إن سياسة مصر مع هؤلاء يجب أن تتغير.
وعما يمكن أن تفعله مصر الآن، قال القوصي كنا نعول بشدة على الحوض الثانوي لبحر الغزال الذي به كميات مهولة من المياه، ولكن لا يصل منه إلى النيل الرئيسي إلا الفتات، داعيا إلى الاستفادة من هذا فواقد هذا الحوض سواء لجنوب السودان أو السودان أو مصر.
وعن رد الفعل المصري على ما حدث، يقول القوصي:
أمام مصر أمران أحلاهما مر: إما أن تنضم للاتفاقية خشية من اتخاذ قرارات في عدم وجودها وفي كل الأحوال ستكون الغالبية ليست معنا أو لا تنضم وهو أيضا خيار مر.
وقال القوصي إن مؤسستي الرئاسة والخارجية لديهما كل التفاصيل في هذا الملف وهما الأقدر على اتخاذ القرار المناسب.
وعن الدول الأعضاء في الاتفاقية وموقفهم من مصر، قال القوصي: السودان والكونغو هما من سيكونان داعمين لمصر.
وأوضح أن هناك قرارات اتخذت في الاتفاقية تمنع وجود “فيتو”، وسيكون التصويت بالأغلبية، لافتا إلى أن هناك نحو سبع أو ثماني دول تشكل تكتلا وستكون مصر أقلية.
وعن النصيحة التي يقدمها للنظام المصري، قال القوصي: هذا سؤال صعب للغاية، داعيا إلى التغيير في منهج التعامل مع افريقيا ودول حوض النيل، مذكّرا بجمال عبد الناصر الذي بهر الأفارقة بمشروعاته الاقتصادية التي انطوت على أهداف استراتيجية ومخابراتية، مثل “شركة النصر للاستيراد والتصدير” وغيرها.
وانتقد القوصي ما حدث بعد عبد الناصر من انكفاء على الذات، مؤكدا أنه نسينا افريقيا فنسيتنا.
وقال إن أهم مصلحة لمصر في افريقيا المياه، مؤكدا ضرورة تغيير منهج التعامل مع افريقيا، مذكّرا بوزير الري المصري الراحل عصام راضي الذي كان يكلف خبراء المياه بالتواصل مع وزراء الري بدول حوض النيل.
واختتم مؤكدا ضرورة استعادة القوة الناعمة المصرية في افريقيا اليوم قبل الغد، لافتا إلى أن السياسة ماهي إلا مصالح.
وردا على سؤال: ألم نتأخر؟
أجاب د. القوصي مذكّرا بالمثل الشهير: “أن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي”.
من جهته قال السفير محمد مرسي مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق إن تصديق برلمان جنوب السودان علي اتفاقية “عنتيبي” يجعلنا علي بعد خطوة واحدة من إنشاء مفوضية حوض النيل التي لن تعترف وفقاً للقوانين المنشئة لها بحقوق مصر والسودان التاريخية في المياه ولا بحصص المياه الحالية .
ووصف ما حدث بأنه تطور مؤسف ومحزن ولكنه متوقع، ويثير معه ألف تساؤل وتساؤل.
وقال إن إنشاء هذه المفوضية – الذي بات وشيكاً في تقديره – وفقاً لضوابط اتفاقية عنتيبي التي رفضتها مصر والسودان (وهما عضوان أساسيان في اتفاقية مبادرة حوض النيل التي تضم عشر دول بالإضافة لجنوب السودان ) سيكون علامة تحول فارقة وتأريخ جديد لمصر ولمستقبلها كدولة ولبقاء شعبها.
يذكر أن اتفاقية عنتيبي” هي الاتفاقية الإطارية التي وقعت عليها دول المنبع في حوض النيل، بينما اعترضت عليها دولتي المصب مصر والسودان، لأنها تنهي ما يسمى بالحصص التاريخية لمصر والسودان في مياه النيل.
واثارت الاتفاقية جدلاً كبيراً وتسببت في خلافات بين دول حوض النيل التي وقف أغلبهم بجانب اثيوبيا التي تتبنى الاتفاقية، بدعوى أن حصة مصر التاريخية مجحفة لباقي دول حوض النيل ولابد من مراجعتها وإعادة تقسيم مياه النيل.
وتنص اتفاقية عنتيبي على عدد من البنود، منها:
ـ الباب الأول: الاتفاقية الإطارية تطبق لتحقيق التنمية والحماية والحوار حول إدارة موارد نهر النيل وموارده وإنشاء مؤسسة كآلية للتعاون بين دول حوض النيل.
ـ الباب الثاني: تعريفات لأغراض الاتفاقية الإطارية للتعاون:. حوض النيل يقصد به الامتداد الجغرافي لنهر النيل.. يستخدم هذا التعريف كمرجعية بيئية وللحماية والحوار من أجل التنمية، ونظام نهر النيل
يقصد به مجرى نهر النيل وحوافه والمياه الأرضية المرتبطة بنهر النيل وتستخدم هذه الوحدات في أي موقع فيه إشارة للمياه.
ـ الباب الثالث:
المبادئ العامة: النظام: نهر النيل ومياهه يجب حماية استخدامها وتنميتها وفقاً للمبادئ العامة الآتية:
التعاون: مرتكزات التعاون بين دول مبادرة حوض النيل تؤسس على المساواة والتعاون العابر للحدود والمنافع والثقة المشتركة في حوار متسق من أجل حماية نهر النيل والجهود المشتركة لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية.. التنمية المستدامة: مرتكزات التنمية المستدامة في حوض النيل.
التابعية: ترتكز التابعية على أين ما وجدت تنمية وحماية موارد نهر النيل تنفذ بأقصى ما يمكن.. الاستخدام وفقاً للإنصاف والمعقولية: وتعتمد على الاستخدام المنصف والمعقول للدول.
الحد من الإضرار بالدول: ترتكز على الحد من الإضرار الحاد ببقية الدول.. حق دول المبادرة في استخدام المياه داخل حدودها: يرتكز على أن لكل دولة لديها الحق في استخدام مياه نهر النيل وفق للاستخدامات التي تمت الإشارة لها.
ـ الباب الرابع: الالتزام بعدم التسبب في ضرر جسيم: دول المبادرة تستخدم الموارد المائية لمنظومة نهر النيل داخل أراضيها آخذة في الاعتبار عدم تسبيب الأضرار الجسيمة لدول الحوض الأخرى.
ـ الباب الخامس: الحماية والمحافظة على حوض النيل ونظامه الآيكلوجي:. حماية ورفع جودة المياه من خلال مبادرة حوض النيل.. الحد من إدخال المبيدات أو الأشياء الجديدة على النظام الآيكولوجى لحوض نهر النيل.. حماية التنوع الأحيائى في حوض النيل.
سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم