رأى الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة حلب الدكتور حسن حزوري أن ما يحدث اليوم من مطالبة بعض المستأجرين بحماية “حق الفروغ” هو في حقيقته حماية لمكاسب تجارية تحققت على حساب مالك لم يكن له حق تقرير مصير ملكه، وهذا يخالف مبدأ التوازن في العقود، مبيناً أن العقار ملكية خاصة، وحرمان المالك من استثماره أو تسليمه بأجرة رمزية لسنوات طويلة أمر يفتقر للعدالة.
وأوضح لـ “الوطن” أنه آن الأوان لإعادة النظر جذرياً في موضوع الفروغ، إذ ينبغي على اللجنة القانونية ووزارة العدل أن تعمل على إلغاء التمديد الحكمي تدريجياً بضوابط عادلة، مع مراعاة عدم التشريد المفاجئ للمستأجرين وإلغاء مفهوم “الملكية التجارية” (الفروغ) إلا في حالات محددة ووفق شروط عادلة، وتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر بعقود جديدة عادلة ومرنة ترضي الطرفين، مشيراً إلى أن القانون الذي يُفرّغ المالك من حقوقه ويتحول فيه المستأجر إلى “مالك فعلي” هو قانون يحتاج إلى تعديل عميق، بما يتوافق مع الشرع والعدالة والمنطق الحديث في إدارة الأملاك.
الأثر الاقتصادي لإلغاء حق الفروغ
أكد حزوري أن إلغاء حق الفروغ الذي كان يضمن استمرارية المستأجر للعقار التجاري لعقود طويلة وبمبالغ زهيدة نسبياً له تداعيات اقتصادية واسعة.
فمن آثاره السلبية رفع تكاليف التشغيل على التجار، إذ قد يُجبر المستأجرون القدامى على ترك محالهم أو دفع أجور مرتفعة، مما يؤدي إلى خروج عدد منهم من السوق أو تقليص نشاطهم، إضافة إلى اضطراب السوق بسبب تغير المواقع التجارية وتبديل النشاطات نتيجة عدم القدرة على تحمّل التكاليف الجديدة، ما قد يؤدي إلى تراجع الثقة واستقرار السوق، كما قد يتسبب في فقدان بعض الحرف التقليدية أو الأنشطة العائلية التي تعجز عن المنافسة مع مستثمرين جدد يدفعون أسعاراً أعلى.
أما آثاره الإيجابية على المدى الطويل، فإنه سيؤدي إلى تحفيز إعادة الاستثمار في العقارات التجارية، إذ يصبح للمالك حافز أكبر لتحسين الممتلكات أو إعادة تطويرها، كما سيحرر السوق من التشوهات التاريخية، مما يجعل العلاقة أكثر عدالة وفقاً لقواعد السوق الحرة.
حلول واقعية
أوضح أن الحلول الواقعية التي يمكن أن توازن بين حقوق الطرفين من دون إرباك السوق يجب أن تكون تدريجية ومدروسة، ومن بينها تعويض المستأجر القديم بتعويض مادي جزئي أو تسهيلات للانتقال إلى محل جديد، أو منحه مهلة طويلة (3 إلى 5 سنوات) قبل الإخلاء لإعادة الترتيب، وإقرار نظام إيجار تدريجي برفع الإيجارات سنوياً بمعدلات محددة (10 بالمئة-15 بالمئة) حتى الوصول إلى السعر السوقي.
كما اقترح إنشاء صندوق دعم للتجار المتأثرين، وخاصة للحرفيين وأصحاب الأعمال الصغيرة، يتم تمويله من الدولة أو البلديات، فضلاً عن تشجيع التعاقدات الحديثة بشروط واضحة تحمي الطرفين، مع تحديد مدد الإيجار والزيادات السنوية، والإشراف البلدي أو القضائي على الحالات الخلافية عبر لجان تحكيم عقاري محلية.
رؤية
لفت إلى أن إلغاء حق الفروغ يعيد تشكيل السوق التجارية جذرياً، وقد يحمل فرصاً اقتصادية، لكنه يحتاج إلى حلول واقعية تحافظ على النسيج الاقتصادي المحلي وتمنع الانهيار المفاجئ لنشاطات قائمة.
وأكد أن إعادة ضبط العلاقة بين المالك والمستأجر يمكن أن تكون إيجابية إذا تمت بالتدرج، مع ضمان حقوق كل طرف.
مفهوم “حق الفروغ”
هو مصطلح قانوني كان شائعاً في عدد من الدول العربية، منها سوريا ولبنان، ويشير إلى حق يكتسبه المستأجر في العقار التجاري يتيح له البقاء فيه لفترة غير محدودة تقريباً مقابل بدل إيجار ثابت ومتدنٍ، مع حماية قانونية من الإخلاء. وقد يتضمن أيضاً إمكانية بيع هذا الحق لطرف ثالث، حيث يبيع المستأجر “الفروغ” (وليس العقار نفسه) مقابل مبلغ مالي، بينما يبقى العقار مملوكاً للمالك الأصلي.
اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الوطن