حسن العبودي
لا تزال مشاكل المزارعين في سهل الغاب تتراكم يوماً بعد يوم من دون حل، الأمر الذي ترك تأثيراً في الزراعة بالمنطقة، رغم أن الفلاحين كانوا يتوقعون الأكثر من المؤسسات المعنية بمتابعتهم.
الخبير التنموي أكرم عفيف أكد في تصريحه لـ«الوطن» أن جميع المؤسسات الخدمية، هيئة تطوير الغاب وغيرها، جميعها عاجزة عن النهوض بالواقع الزراعي سواء أكان في الغاب أم أي منطقة أخرى مادامت الحكومة ما زالت تعتمد مبدأ التسعير، ومادامت الحلقات التجارية متحكمة بالسوق، متسائلاً: هل من المنطقي شراء مثلاً كيلو البطاطا من السوق بـ6000 ليرة ومن المزارع بـ2000 ليرة؟
وحسب شهادات بعض سكان المنطقة فلم تتمكن الهيئة من تقديم الدعم المنتظر منها، وفي السياق قال عفيف: إنه لا يمكن للهيئة أن تعمل في ظل انعدام إمكانياتها وقلة مواردها، داعياً إلى إمدادها بالآليات اللازمة لعملها، فهي في ظل الوضع الحالي للمؤسسة عاجزة عن تقديم أي شيء غير جمع القليل من البيانات وتعزيل المصاريف المطرية لا أكثر ولا أقل، معتبراً أنه يمكن تسميتها بالـ«وحش بلا أذرع» ولاسيما أن النص التشريعي لإحداثها يحمل مهام كثيرة معروفة للجميع، ولكن عاجزة عن الإنجاز بسبب قلة الإمكانيات.
وطرح عفيف سؤالاً آخر: كيف يمكن لهذه الهيئة تأمين الأسمدة والمحروقات والآليات لمساعدة ودعم المزارعين وفي الوقت ذاته فيها عدد من الموظفين العاجزين أحياناً عن الوصول إلى أماكن عملهم والقيام بعمليات المسح وغيرها بسبب ضعف وضيق الإمكانات؟
وأكد عفيف أن أكثر ما يعاني منه الغاب الآن هو غياب التوصيف الدقيق لمشكلات المنطقة الزراعية، ومن الواجب على الحكومة اليوم دعم الهيئة لتتمكن من تأسيس قاعدة بيانات صحيحة وشاملة وإجراء دراسة كاملة لها بحيث تتمكن الهيئة من وضع مداخل حلولية مختلفة لهذه المشاكل والتي يعتبر من أهمها اليوم مشكلة المحروقات إذ إن المزارع في الغاب يشتري المازوت الحر بسعر يعتبر من أعلى الأسعار في البلاد إذ وصل سعر ليتر المازوت في الغاب لـ 15 ألف ليرة!
لذا ففي الوقت الحالي من الجيد إذ تمكنت الهيئة القيام بدور يقتصر على التنظيم الإجرائي فقط، في حين كان يتوقع المزارعون وفقاً لما قالوه لـ«الوطن» من الهيئة تقديم الدعم على صعيد الاستشارات الزراعية، المساعدة في تأمين الآليات اللازمة للعمل من جرارات، آليات حفر وغيرها، المساهمة في تأمين الأسمدة والمحروقات.
عفيف أشار إلى أنه لا يمكن الاعتماد على الهيئة فقط بل لابد أن تقوم السورية للتجارة بدورها أيضاً على الأقل عبر مساعدة المزارعين وشراء كميات من مواسمهم بأسعار تشجيعية وتخزينها بما يخفف عن المزارعين من الخسارات ويخفف عن المواطنين عبء ارتفاع الأسعار.
وفي الختام قال عفيف إن هذه الآلية في التسعير وإدارة الموارد السيئة سوف تقضي على الزراعة في الغاب وغيره، إذ إن المزارع أصبح الخاسر الأكبر، داعياً إلى تطبيق فكرة القرى التنموية الزراعية وتعميمها على مناطق الغاب ومنها إلى كل المناطق الزراعية، باعتبارها الحل الأمثل للخروج من المأزق الزراعي الحالي.
بدوره مدير هيئة تطوير الغاب المهندس أوفى وسوف أوضح لـ«الوطن» أن الهيئة كانت تعاني سابقاً قلة الإمكانيات، أما منذ عام 2019 -2020 وحتى اليوم يمكن القول إن الهيئة قد استعادت 80 بالمئة من إمكاناتها، وخلال الفترات الماضية ساهم الغاب وحده بنحو 35 بالمئة من إنتاج القمح على مستوى البلاد، وخلال عام 2023 تم تسليم 137 ألفاً و500 طن من القمح لمؤسستي إكثار البذار والحبوب وهي إنتاج منطقة الغاب لوحدها.
وفي رده على ما ورد سابقاً قال وسوف: فيما يخص المازوت والمحروقات فهي عملية مؤتمتة لا دخل مباشراً للهيئة بها، وكل من يقدم ثبوتياته يحصل على حقه، في حين أن تأمين الجرارات والحصادات وغيرها ليس مسؤولية الهيئة فنحن آلياتنا ثقيلة وضخمة، وتمتلك الهيئة «تركسات، بواغر، شاحنات ناقلة كبيرة لترحيل مخلفات تعزيل المصارف المطرية وقنوات الري، وسيارات إطفاء».
وتابع وسوف بأن مهام الهيئة هي المساعدة في استصلاح الأراضي الصخرية والحجرية للزراعة عبر آلياتها، ومنع حدوث طوفانات على الأراضي الزراعية قائلاً: منذ أعوام كانت قيم تعويضات الطوفان تفوق كلفة المحاصيل الزراعية، أما خلال الفترة الماضية لم يسجل أي طوفان، مشيراً إلى أن الهيئة تقوم بتأمين الحماية أيضاً للثروة الحيوانية عبر تأمين اللقاحات من الأمراض السارية والمعدية، إضافة إلى إقامة برامج تمكين للمرأة الريفية، وصيانة وتأهيل الطرق الزراعية والمشاركة في تزفيتها، وإيصال المياه للأراضي الزراعية.
وأما ما يخص الإحصائيات فقال وسوف: نحن على تواصل كامل مع المزارعين ففي كل قرية يوجد مركز بيطري، مركز ري، مخفر حراجي، ووحدة إرشادية، وجميعها تشرف عليها الهيئة.
سيرياهوم نيوز1-الوطن