ينتظر حاكم مصرف سورية المركزي الجديد، الدكتور عبد القادر تركة مليئة بالصعوبات والمشاكل، بدءاً من انخفاض سعر صرف الليرة وصولاً إلى انخفاض الاحتياطي من القطع الأجنبي، والسياسات النقدية التي تسببت بضعف ثقة المواطن بالقطاع المصرفي، ناهيك عن الوضع الاقتصادي الصعب الذي خلفه النظام البائد، وصولاً إلى العقوبات الاقتصادية التي زادت من معدلات التضخم.
أستاذ المصارف والتمويل في كلية الاقتصاد بجامعة حماة، الدكتور عبدالرحمن محمد، استعرض في حديثه للوطن التحديات الرئيسية التي تواجه الحاكم الجديد لمصرف سورية المركزي، والتي برأيه تتجلى بانخفاض قيمة الليرة السورية، والتضخم المرتفع، وندرة القطع الأجنبي، وتأثير العقوبات الغربية على القطاع المصرفي والاقتصاد، إلى جانب ضعف الثقة بالعملة وهروب الودائع وانتقال الاقتصاد إلى التعامل بالدولار، وصعوبة توحيد سعر الصرف، ناهيك عن الفساد والمحسوبيات التي تفرض تحديات الإصلاح داخل المؤسسات المالية، إضافة إلى احتياجات تمويل إعادة البناء في ظل شح الموارد.
محذراً من سياسة حبس السيولة (السيولة النقدية المحدودة)، معتبراً أن ارتفاع الطلب على النقد، بسبب ضعف الثقة في النظام المصرفي أو العملة المحلية، قد يؤدي إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي، بسبب صعوبة الحصول على تمويل أو نقص السيولة المتاحة للاستثمار.
ورأى محمد أن الحل يكمن في تحفيز الإيداع المصرفي عبر تحسين فوائد الودائع وضمان سلامة المدخرات، وتسهيل السياسة النقدية بتخفيض نسبة الاحتياطي الإلزامي للمصارف لضخ سيولة أكبر، بالإضافة إلى مكافحة التهريب بتشديد الرقابة على الحدود ومعالجة أسباب انتشار السوق الموازية، وتعويض النقد بالإلكتروني، عبر تعزيز بدائل الدفع الإلكتروني لتقليل الطلب على الكاش.
وأكد أستاذ المصارف ضرورة العمل خلال المرحلة القادمة على توحيد سعر الصرف وتقليل الفجوة بين السعرين الرسمي والسوق الموازية، والعمل على ضبط تدفق العملة الأجنبية عبر قنوات رسمية، مع ضرورة رفع الفائدة على الودائع لجذب الادخار المحلي.
كما نصح محمد بتقليل طباعة الليرة السورية غير المغطاة، والعمل على تشجيع التحويلات عبر القنوات الرسمية (مثل المغتربين) ، ووضع القواعد لتنظيم بيع النقد الأجنبي بالشكل الأمثل، والحد من تهريب العملة الصعبة نتيجة لاختلال سعر الصرف الرسمي عن السوق الموازي.
وشدد على مكافحة الفساد وفرض الرقابة الصارمة، وتقديم الدعم للمصارف الخاصة لتعزيز الثقة.
ونوه محمد بضرورة دعم الإنتاج عبر تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ودعم الزراعة والصناعة بهدف تقليل الاستيراد، وخاصة أن نقص السيولة في السوق يؤدي إلى صعوبة تمويل المشاريع ودفع الرواتب، ما يزيد من الأزمات الاقتصادية.
كما أكد على ضرورة تعزيز العلاقات مع الحلفاء اقتصادياً، والعمل على استخدام بدائل مثل المدفوعات بالعملات البديلة المحلية للدول الصديقة.
وفي مجال الدفع الإلكتروني، رأى أستاذ المصارف أن المركزي يواجه نقصاً في أنظمة الدفع الآمنة والسريعة أو انعدام الإنترنت في بعض المناطق، وانعدام الثقة في المعاملات الإلكترونية، بسبب غياب الأمان أو انتشار الاحتيال. ناهيك عن ضعف الشمول المالي، إذ إن نسبة كبيرة من السكان غير مدرجة في النظام المصرفي، إلى جانب التكاليف المرتفعة المترتبة على عمولات التحويل والدفع الإلكتروني التي قد تكون مرتفعة جداً على المواطنين.
ورأى أن الحل يكمن في تطوير البنية التحتية من خلال استثمار أنظمة دفع إلكتروني سريعة وآمنة (مثل محافظ رقمية مدعومة من المصرف المركزي)، وسن تشريعات لحماية المستهلك من وضع قوانين صارمة ضد الاحتيال الإلكتروني وضمان حقوق المستخدمين، وإطلاق حملات تثقيفية لأهمية الدفع الإلكتروني وكيفية استخدامه، مع ضرورة تخفيض رسوم المعاملات الإلكترونية لتشجيع انتشارها.
ولم يغب عن بال الأستاذ الجامعي التحديات التي تواجه الحاكم الجديد في مجال التمويل والإقراض، المتمثلة بارتفاع أسعار الفائدة التي تحد من قدرة الأفراد والشركات على الاقتراض، وضعف التمويل للمشاريع الصغيرة: المصارف تفضل كبار المقترضين (القطاع الحكومي أو الشركات الكبرى)، والمخاطر الائتمانية، إذ إن ارتفاع نسبة الديون المتعثرة يزيد من تشدد المصارف في منح القروض، ناهيك عن أن كثيراً من المواطنين لا يملكون ضمانات كافية للحصول على قروض.
ومن الحلول المقترحة برأيه، صناديق ضمان القروض؛ لمساعدة المشاريع الصغيرة والمتوسطة في الحصول على تمويل، وتخفيض الفائدة المدعومة للقطاعات الإنتاجية (زراعة، صناعة، تقنية)، وتطوير برامج إقراض بضمانات بسيطة لرواد الأعمال، والشراكة مع القطاع الخاص لإنشاء صناديق استثمارية متخصصة في تمويل المشاريع.
اخبار سورية الوطن 2_وكالات_الوطن