آخر الأخبار
الرئيسية » يومياً ... 100% » ماعلاقة الرواتب بالدعم؟!

ماعلاقة الرواتب بالدعم؟!

 

علي عبود

 

تابعنا خلال الأسابيع الماضية عشرات التحليلات حول النتائج الكارثية لإعادة هيكلية الدعم من خلال قرارات رفع أسعار المحروقات التي صدرت بالتوازي مع الزيادة “الوهمية” للرواتب والأجور بنسبة 100 %!!

الملفت إن مامن محلل أوخبير إقتصادي أجاب على سؤال منطقي جدا: ماعلاقة إعادة أوإلغاء الدعم بالرواتب والأجور؟

نعم، لقد نجحت الحكومات المتعاقبة منذ عام 2011 على الإقل بإقناعنا أن كتلة الدعم الكبيرة هي العائق الوحيد لتحسين واقع الرواتب والأجور، وهذه الإسطوانة التي لم ولن تتوقف عن الدوران، غير صحيحة على الإطلاق!

الحكومة، أيّ حكومة، “حرّة” ان تقدم، أولاتقدم، دعما إجتماعيا متعدد الأوجه للفئات المهمشة والعاطلة عن العمل، تحت مسميات متعددة، سواء على شكل سلع ومواد أساسية بأسعار رمزية، أوعلى شكل راتب بطالة، كما هو الحال في بلدان كثيرة، وهو راتب تقوم الحكومات بتأمين موارده من قطاع الأعمال الخاص!

والحكومة “حرّة” بأن تدعم، أو لاتدعم، مستلزمات الإنتاج الزراعي والصناعي بهدف تشجيع تصنيع بدائل المستوردات، وتقليل الإعتماد على تصدير المواد الأولية..الخ.

والحكومة “حرّة” أن تبيع المحروقات بالأسعار العالمية دون الإكتراث لنتائجها على الأسواق والأسعار والإنتاج حتى لو وصلت اجرة ساعة الآلية الثقيلة لاستصلاح أراضي الفلاحين إلى نصف مليون ليرة..الخ.

نعم، الحكومة،أيّ حكومة، “حرّة” أن تتعامل مع الدعم الاجتماعي، أو الدعم للقطاعات الإنتاجية او تحرير أسعار الطاقة حسب سياساتها ورؤيتها سواء أخطأت أم أصابت.. و(حرة) أن تلغي الدعم نهائيا!!

ولكن نعيد ونكرر: لاعلاقة البتة للدعم بالرواتب والأجور!

المنطق يقول، مثلما يحدث في غالبية دول العالم، والإستثناءات قليلة، من حق العاملين وهو حق مقدس، أن يحصلوا على أجر يزيد بكثير عن احتياجاتهم الأساسية والثانوية، وليس مصادفة أن يلزم دستورنا الحكومة بمنح العامل أجرا يكفي متغيرات الحد الأدنى للمعيشة!

وإذا كان الشغل الشاغل للحكومات المتعاقبة سد عجز الموازنة، وأن تتوهم هذه الحكومات على مدى العقد الماضي، أن إلغاء الدعم سيحقق هذا الهدف، فما علاقة الدعم بمنح العاملين الأجر الذي يتناسب مع أسعار السلع والخدمات التي ترفعها الجهات الحكومية قبل القطاع الخاص!

وبدأنا نسمع للمرة الأولى تصريحات لوزراء عن استمرار الحكومة بدعم قطاعي التعليم والصحة، وهذا أمر غريب ومريب، وكأنّ هذه الحكومة تُمهّد الطريق للحكومات القادمة بتنفيذ سياسات لتحويل هذين القطاعين من مجانيين إلى مأجورين، علما أنهما ليسا من القطاعات المدعومة فهما بحكم الدستور مجانيان، والحكومة، أيّ حكومة، ملزمة برصد الإعتمادات اللازمة لهما في الموازنة العامة، أي هما لايندرجان في باب الدعم الاجتماعي!

وردا على من يُروج بأن الحكومات المتعاقبة منذ عام 2011 ليس بمقدورها منح الأجور العادلة والكافية للعاملين، أو راتب بطالة للعاطلين عن العمل نقول: إن حكومات ماقبل عام 2011 عندما كانت تصدر النفط والقطن والفوسفات والقمح، وتنتج مايفيض عن حاجتها من السلع الزراعية والصناعية، ولديها احتياطي لايقل عن 17 مليار دولار، مع صفر مديونية.. لم تمنح العاملين الأجر الكافي والوافي، وبالتالي مارفضت فعله في حقبة الوفرة، من المنطقي ان ترفض فعله في حقبة الندرة!

ونحن لانختلف مع قول وزير النفط والثروة المعدنية الدكتور فراس قدور بأن “الحكومة تسعى جاهدة إلى توجيه الدعم إلى الطبقات الأكثر حاجة”، لكننا بالتأكيد نختلف معه بقوله ان الوفورات التي ستحصل بعد رفع سعر المشتقات النفطية ستستخدم لزيادة الرواتب!

الخلاصة: الراتب الكافي للعاملين بأجر حق دستوري، وليس “منّة” حكومية، وبالتالي لاعلاقة للرواتب والأجور بسياسات الدعم على مختلف مسمياتها ومتدرجاتها، ولا علاقة للعاملين بما يسبّبه دعم المشتقات النفطية من عجوزات في الموازنة العامة للدولة، فمن واجب الحكومة أن تحل أزماتها المالية والنقدية من جيوب التجار ورجال الأعمال وحيتان المال ورموز الفساد والإفساد، وليس من جيوب العمال!

 

(سيرياهوم نيوز ١-خاص)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الحرب على الوعي والمثقف الوطني المشتبك

  بقلم :د. حسن أحمد حسن   عندما يطوي السوريون تحت أقدامهم ثلاثة عشر عاماً من أقذر حرب عرفتها البشرية، ويفلحون في الحفاظ على كيان ...