*بقلم:علي عبود
لم يكن رئيس الحكومة في حواره التلفزيوني الأخير موفقا لافي الشكل ولا في المضمون !
في الشكل : الحوار مع رئيس الحكومة في أي بلد يجريه صحفيون محترفون ، وليس مع عدد من مذيعي الأخبار يطرحون أسئله أعدها آخرون ، وسقى الله على أيام رئيس الحكومة السابق الدكتور عبد الرؤوف الكسم الذي كان رجل دولة بامتياز ، فقد آمن بدور الإعلام الرسمي حتى لوكان يعمل بتوجيهات الحكومة ، وكان حريصا على عقد اجتماع دوري شهريا مع كتاب الزوايا والتعليقات ورؤساء اقسام الصفحات المحلية ، أحيانا بحضور رؤساء التحرير ، وغالبا بدونهم لمناقشتهم بكل القضايا الملحة والمستجدة ،بل كان يبدأ صباحه الباكر جدا بقراءة الصحف السورية وبشكل خاص الزوايا المحلية بدليل انه كان يناقش كتابها بتفاصيلها المملة!
وفي هذا السياق نشير إلى أن أهم البرامج الإقتصادية في التلفزيون السوري أعدها وقدمها ،مثل سائر تلفزيونات العالم ، لا أكاديميون ولا مذيعون ، وإنما إعلاميون يعملون في الصحافة الورقية ومن أبرزهم الزميل المرحوم سمير صارم والزميل عبد الفتاح العوض!
في المضمون : لم يقل رئيس الحكومة أي شيىء جديد في الحوار التلفزيوني فكل ماقاله مكرر بكلمات القاها بمناسبات قريبة أوبعيدة ، أوهو تكرار لتصريحات الوزراء المسؤولين مباشرة عن أزمات الناس!
وبما أن الخلل بدأ في الشكل ،إي في غياب من يطرح الأسئلة التي تؤرق المواطنين ولا يرضى بأي إجابات روتينية مكررة ومملة لا تقنع من يعاني الأمرين بتأمين لقمة العيش .. فقد فقد الحوار أي مضمون ،ولم يسفر عن أي إحابات شافية ووافية أوغير متوقعة!
أكثر من ذلك .. فشل المحاورون “المذيعون” بإحراج رئيس الحكومة بأسئلة ترغمه على كشف المستور ، وهذا يعني أن رئيس الحكومة لم يضطر إلى قول الأهم فيما لو أجرى الحوار محترفون أي أرباب المهنة !
ولوكان رئيس الحكومة حريص على المصارحة والمكاشفة لاقتدى بسلفيه الكسم والزعبي في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي إي لكان عقد لقاءات دورية مع كتاب الزوايا ورؤساء الأقسام المحلية والإقتصادية في الصحف والمواقع الألكترونية السورية للإجابات ، بل الحوار مع أرباب المهنة حول معاناة ملايين السوريين وآفاق الحلول القريبة والبعيدة لهذه الحلول!
لاحظوا باستثناء صحيفتي الوطن الخاصة والبعث الحزبية وقلة من المواقع الألكترونية ، لم يُنشر الكثير عن حوار التلفزيون السوري مع رئيس الحكومة .. ترى هل هو توجيه من المكتب الإعلامي لرئاسة مجلس الوزراء أم توجيه من وزير الإعلام؟
مالم يقله رئيس الحكومة مثلا ، وكان يُمكن لأي صحفي محترف أن يدفعه لقوله هو : أن تراجع واقع الخدمات من مشتقات نفطية وكهرباء هو تقصير حكومي، وليس واقع فرضته الحرب، بدليل أن أزمة المحروقات بدأت في ثمانينات القرن الماضي ،بل أن أزمة الكهرباء في التسعينات جعلت الرئيس الراحل حافظ الأسد يترأس إجتماعا للحكومة يُعلن فيها جملته الشهيرة: الكهرباء حق لكل مواطن!
وإذا كانت الحرب الإرهابية دمرت 55 إلى 60 بالمئة من المحطات وخطوط النقل ومراكز التحويل، فإن السؤال المهني الذي كان يجب طرحه على رئيس الحكومة : ماذا قدمت إيران الحليفة وروسيا الصديقة من عروض لتزويدنا بالمحروقات وترميم محطات التوليد القائمة وإقامة الجديد منها ، وهما اللذان يعلنان مرارا وتكرارا انهما مستعدتان لحل أزمة المحروقات والكهرباء في لبنان خلال أقل من عام؟
أما بالنسبة إلى الغاز كان من السهل جدا على أي صحفي متابع أن يُحرج رئيس الحكومة ويرغمه على الإعتراف بأن أزمة الغاز رغم شدتها وقساوتها هذه الأيام ليست جديدة بل كانت تتجدد قي كل شتاء منذ ثمانينات القرن الماضي لأن مامن حكومة سابقة حتى في أيام الرخاء اهتمت بحل أزمة المحروقات!
ولا يختلف الأمر بالنسبة لأزمة النقل ، فقد كان سهلا جدا إحراج رئيس الحكومة ودفعه إلى مالا يحب أن يقوله وهو : نعم .. الحكومات السابقة لم تكن جادة بحل أزمة النقل العام فلا هي استوردت الباصات الكافية ولا وافقت على إقامة المترو في محافطتي دمشق وحلب ولا وافقت حديثا عل قطارات النقل الكهروضوئية للضواخي!!
بالمختصر المفيد : لاندري من ورّط رئيس الحكومة بإجراء حوار تلفزيوني مع مذيعين بدلا من حوار موسع مع أرباب المهنة ، وهي ورطة لم تكن موفقة لا بالشكل ولا بالمضمون وكانت إنعكاساتها والردود عليها سلبية جدا جدا!!
(سيرياهوم نيوز4-1-2022)