علي عبود
مانُشر عن اجتماع الجهات المعنية بتسويق محصول حمضيات موسم 2025 لايدعو للتفاؤل، بل يطرح تساؤلا مقلقا ومحبطا: ماهذه الحكومة العاجزة عن تسويق حمضياتنا؟
نعم، ينطبق على هذه الحكومة التي “تستنفر” وزاراتها قبل أو خلال مواسم تسويق الحمضيات منذ عام 2021: “أسمع جعجعة ولا أرى طحينا”!!
والأمر لايتعلق بالحمضيات فقط، وإنما على كل المحاصيل الزراعية التي يفيض إنتاجها عن حاجة السوق الداخلية، وهي لم تنجح عمليا سوى باستيراد المحاصيل التي طالما اشتهرنا بتصديرها!
لم يكن مفاجئا ماتمخض عنه اجتماع 28/8/2024 في وزارة الزراعة بحضور وزراء الاقتصاد والصناعة والزراعة في حكومة تسيير الأعمال ومحافظي اللاذقية وطرطوس، فهو كشف مثل الأعوام الماضية انه ليس لدى الحكومة أي خطط أو إجراءات، أي الآليات الدائمة والمستقرة والفعالة لتسويق الحمضيات داخليا وخارجيا!
وبما أن النقاش في الاجتماع الحكومي الموسع دار حول دور كل جهة في عمليات التسويق فهذا يؤكد أن مامن وزارة لديها الخطط لتصدير محاصيلنا الزراعية، وهي لاتقوم بدورها إلا بتوجيه من رئيس الحكومة، بل لانبالغ إذا ماوصفنا كل الإجتماعات الحكومية الخاصة بالتصدير والتسويق ودعم القطاعات الإنتاجية بـ “اجتماعات رفع العتب”!
ولا يبدو أن الحكومة تعرف، أوأنها تتجاهل أو لاتكترث، بأن أغلب مزارعي الساحل السوري يعيشون على موسم الحمضيات، وإلا ماذا يعني تقصيرها الفادح بتسويق محصولهم عاما بعد عام، بل لايهمها أساسا تراجع إنتاج الحمضيات السورية، ولا باتجاه عدد كبير من الفلاحين لاستبدالها بمحاصيل استوائية وعطرية يرى الخبراء أنها تلحق الأذى بالبيئة والتربة الزراعية!
ونرى أن اقتراح وزير الزراعة حسان قطنا بعقد “اجتماع قريب جداً لوضع النقاط على الحروف” مع اتحاد غرف الزراعة بالمحافظات ومديري الزراعة والمصدرين وغيرهم (لم يُعقد حتى الآن) لتعزيز الخطة التسويقية في السورية للتجارة وضمان حصول التسويق 100 بالمئة مجرد كلام بكلام، فقرارات تحديد السعر والتكاليف والدعم والتسهيلات والإعفاءات التي تشجع على منافسة الحمضيات السورية لمنافسة مثيلاتها الإيرانية والمصرية واللبنانية في الأسواق العراقية والخليجية..الخ، يجب أن تصدر بوقت مبكر جدا عن مجلس الوزراء، لامناقشتها في إجتماعات “لاتحل ولا تربط”!
المستغرب في حديث وزير الزراعة في حكومة تسيير الأعمال تأكيده “أن الحكومة تولي اهتماما خاصا لجهة تسهيل عمليات تسويق وتصدير محصول الحمضيات وتقدم له كل أشكال الدعم بما يضمن الإستفادة من كامل المحصول وتحقيق عائد إقتصادي جيد للفلاح” فالواقع يكشف العكس تماما: الصادرات هزيلة، والكميات التي تشتريها “السورية للتجارة” لاتتجاوز 5 ألاف طن، والفلاح يتعرض لخسائر جسيمة، والإنتاج يتراجع على حساب التوسع بمحاصيل بديلة أقل كلفة وأسرع تسويقا وأكثر ربحا..الخ.
أما التصريح الأغرب فكان لوزير الاقتصاد الذي رأى أن تصدير أقل من 12 % من حمضيات الموسم الماضي “ 100 ألف طن” رقم جيد دون أن يشير إلى عجز الحمضيات السورية عن منافسة أسعار مثيلاتها في الأسواق العراقية والخليجية والروسية.
ونستغرب إعلان وزير التجارة الداخلية حرص الوزارة “على الوصول إلى الفلاح مباشرة ولا يعنينا حلقة أخرى غيره، وكل الوسائل المتاحة للوزارة تحت تصرف الفلاح”، لأن السؤال: هل إمكانات “السورية للتجارة” التي تنتشر صالاتها في كل المحافظات لم تتح لها سوى شراء 5 آلاف طن فقط من حمضيات 2024؟
والمستغرب جدا تأكيد رئيس اتحاد الغرف الزراعية بأنه تم تلافي أكثر من 95% من صعوبات التسويق في الموسم الماضي، فهل هذا يعني أن حمضياتنا ستشق طريقها للأسواق الخارجية والداخلية بسهولة وسلاسة غير مسبوقة مقارنة بمواسم الأعوام الماضية؟
الخلاصة: تجاربنا السابقة مع إخفاقات تسويق الحمضيات السورية، مثل كل المحاصيل الزراعية الأخرى دفعتنا مرارا للتساؤل: ماهذه الحكومة العاجزة على مدى ثلاثة أعوام متتالية عن تسويق حمضياتنا؟
والسؤال المهم في القادم من الأيام: هل ستنجح الحكومة الجديدة التي ستتشكل قريبا بتسويق حمضيات 2025 لتؤكد بأن تصدير 300 أو 400 ألف طن من الحمضيات السورية المنافسة لمثيلاتها في الأسواق الخارجية ليس بالمهمة المستحيلة؟
(موقع سيرياهوم نيوز-1)