آخر الأخبار
الرئيسية » مجتمع » ماهر اسعد بكر: تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية

ماهر اسعد بكر: تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية

ماهر أسعد بكر

أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي تشكل حيزاً كبيراً من أسلوب حياتنا الآن، و لم يعد خافياً أنها أصبحت تأثر على صحتنا النفسية و هذا أمرٌ واقع و أصبح معترفاً به على نطاق واسع.

يمكننا الفهم أن التكنولوجيا أصبحت عنصراً حاسماً في حياتنا، نظراً لقدرتها على إطلاعنا على آخر الأخبار بشكلٍ لحظي، بالإضافة لتمكننا من التواصل مع الأصدقاء و العائلة بشكلٍ أكثر تفاعلية، ناهيك عن السماح لنا بمشاركة تجاربنا مع العالم، و ربما يكمن هنا جزءٌ من المشكلة.

و كما تمكننا هذه الوسائل من التواصل مع الآخرين، إلا أنها يمكن أن تؤثرعلى صحتنا النفسية بطرقٍ إيجابيةٍ أحياناً، و سلبيةٍ في أكثرِ الأحيان، فعلى الجانب الإيجابي، تمنحنا وسائل التواصل الاجتماعي منصةً لمشاركة تجاربنا و قصصنا، و نشر المعرفة و الخبر، و التواصل، و لكن، و من ناحيةٍ أخرى، يمكن أن يسبب استعمالها الغير واعٍ، و أغلبنا وقع في هذا الفخ، يمكن أن يسبب الشعور بالوحدة و الكآبة و القلق.

تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية دقيقٌ و فريدٌ و خاص حسب كل فردٍ منا، لكن من المهم أن نضع في اعتبارنا أن ليس كل التفاعلات مع وسائل التواصل الاجتماعي ستؤدي إلى النتائج السلبية، إلا أنه من الضروري أن نكون على درايةٍ بالمخاطر التي يمكن أن تترتب على وجودنا الإفتراضي، و أن نحرص على اتخاذ الاحتياطات للتأكد من أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي سيكون مفيداً لصحتنا النفسية، أو على أقل تقديرٍ تخفيف الأثر السلبي بالقدر المستطاع.

فشبكات التواصل الاجتماعي قد تكون أداةً رائعةً للحفاظ على العلاقات مع أحبائنا و الحصول الدعم المجتمعي و يمكن تشكل أيضاً حافزاً قوياً و مصدراً للإلهام، و مع ذلك، قد تكون هنالك مخاطر مرتبطةٌ باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي.

يعد احتمال التعرض للقلق، نتيجة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، أحد المخاطر الرئيسية، فمثلاً قد تجعلك مشاهدة صور الأصدقاء و الأقارب و هم يحظون بوقتٍ جيدٍ على وسائل التواصل الاجتماعي تشعر بالدونية، كما يمكن أن يسبب استخدام وسائل التواصل الاجتماعي العزلة، و من السهل أن يضيع المرء في عالم الإعجابات و التعليقات و المتابعين، مما يدفعنا للتوقف عن التفاعل مع الناس في الحياة الواقعية.

بالإضافة إلى ذلك، قد تسبب الشعور بالخوف أو القلق من الشعور بالاستبعاد من الأنشطة أو المحادثات، حيث يحمل عدم الحصول على التفاعل الإلكتروني إحساس الإهمال من المتابعين، و هذا الإحساس تراكميٌ و يزيد مع الوقت، مما يسبب في تزايد الشعور بالإحباط و الإنعزال.

و بعيداً عن النصائح التي لم تعد تجدي نفعاً و القائلة بضرورة التخلي عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، بسبب ارتباطنا حتى العملي و المهني بها، يمكن أن نركز على التوجه على حلّ المشكلة ضمن هذه المنصات نفسها، فمثلاً يعتبر التركيز على التفاعلات البناءة و تجاهل الرود المسيئة أو الاستفزازية أو حتى التجاهل، الذي يمكن أن يكون غير مقصود، أحد أفضل الطرق للتحكم في كيفية تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية.

يمكننا قضاء وقتنا في التحدث مع الأصدقاء و العائلة البعيدين، بدلاً من البحث في المنشورات بلا تفكيرٍ و لا هدفٍ محدد، كما يعد الانخرط في حوارٍ هادف، و التواصل مع المعارف السابقين، و ترك تعليقاتٍ تحفيزيةٍ على المنشورات أحد التكتيكات التي يمكن اتباعها.

أيضاً يمكننا استخدام بعض التكتيكات الروتينية لإدارة كيفيّة تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية، فيمكن مثلاً تحديد مقدار الوقت الذي نقضيه على وسائل التواصل الاجتماعي، و أخذ فترات راحةٍ منها، كما يمكن التركيز على متابعة الحسابات التي تنشر منشوراتٍ محفزةٍ أو معرفيةٍ أو علميةٍ، بحيث يكون الجزء الأكبر من وقتنا يذهب في طريق التزود بالمعرفة و ليس فقط الترفيه.

من المهم أيضاً بمكان، التوقف و لو للحظات لندرك التأثيرات السلوكية التي قد تحدثها وسائل التواصل الاجتماعي، حيث من السهل أن الضياع في عالم الإعجابات و المتابعات مما يسبب لاحقاً التوقف عن التفاعل مع الناس في الحياة الواقعية، فمن المهم أن ندرك متى يصبح استخدام وسائل التواصل الاجتماعي غير صحي.

هذا فيما يتعلق بنا كمتلقيين على هذه الوسائل، لكن عندما يتعلق الأمر باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي من ناحية المقدّم، فمن الأهمية بمكان أن نكون قدوةً يحتذى بها، يستلزم ذلك أن نكون على درايةٍ تامةٍ بما ننشره و و ندرك تأثيراته المحتملة على الآخرين، يجب أن ندرك أن جمهور وسائل التواصل الاجتماعي هو جمهورٌ واسعٌ من مختلف الأطياف و الثقافات و الأعمار، و تقديم مادةٍ يمكن أن تؤثر سلباً على أحدهم هو خطرٌ محتمل، نتحمل مسؤولية مراعاة أخذ الاحتياطات كي نتجنبه.

كاتب ومؤلف سوري

سيرياهوم نيوز 4-راي اليوم

x

‎قد يُعجبك أيضاً

“اليونيسيف”: أكثر من 200 طفل قُتلوا في لبنان من جراء العدوان الإسرائيلي منذ نحو شهرين

منظّمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف” تعلن استشهاد أكثر من 200 طفل في لبنان من جرّاء العدوان الإسرائيلي منذ نحو شهرين، في وقتٍ “يجري التعامل مع ...