شاهر نصر
“ما وراء الضباب” وفي “صمت السور..” لا يسعك إلا أن تقف خاشعاً أمام ذاتٍ ربّما هي ذاتك، أو الـ نحن، وربّما هي الآخر الذي عبر قبلنا عتبة السور، بل هي ذات الجميع، يرددون يوماً ما في صوت الشاعرة لينا حمدان:
“أترى نصدّقُ أننا ما عاد يجمعنا الصدى ….؟!..”
….
“ماذا سنكتب بعدها
في صفحة الذكرى لتشهد أننا كنّا هنا
والأمس.. أحلام الصبا كانت لنا
ولنا على وهنٍ ملامح غربة كادت تلوح للنهار…؟!”
وتتدفق الصور والذكريات في جداول رقراقة متفاوتة الأعماق والنغمات، تتاخمها عناوين اختيرت بأناقة في “ما وراء الضباب” لتتناغم مع نصوص وجدانية يؤالف صدقها وشفافيتها القارئ مع النص كأنّ ذكرياته وتساؤلاته الوجدانية تنساب من بصيرته أمام مقلتيه:
“يا دربُ كيف تضيق بي
فيما تراب الأرض يندهني..
.. وقد أودعته عنوان أصحابي..
.. .. ومشوار الطفولة لاهثاً..
وحنين أهلي.. ..!!؟”
تخال النصوص سهلة بسيطة، إنما حينما تفكك مفرداتها تجدها مسبوكة على نحو يخلق من تآلفها أنغاما وصوراً منسجمة مع المعاني المضمرة التي يرمي إليها النص (بل الشاعرة) في تناغم بين الرمز والواقع، بين الخيال والملموس بين الماضي والآتي:
“قديماً.. يوم أحزنني صدىً يجري
هناك على ضفاف الحزن كالنّهرِ
…
صحوت .. وقد تغلغل بي على مهلٍ
لهاث النّور يطفئ عتمة السّهرِ
…
كما الأيام تمضي لا ضفاف لها
كما الجوري يندى آخر السّهرِ
على مهل تصبُّ الروح أشرعةً
تسافر بي وتنسى وجهة السفرِ”
كانت تلك ومضات في جمالية نصوص ديوان “ما وراء الضباب” للشاعرة لينا منير حمدان، حاملة الإجازة في الآداب – قسم اللغة العربية عضو اتحاد الكتاب العرب (جمعية الشعر) ذات الحضور والنشاط المتميز في المهرجانات المحلية والعربية، والإشراف في المنتدى الشبابي في طرطوس، صاحبة دواوين الشعر: “ظلال من نور”، “شواطئ الليل”، “أمواج” و”يوم احتراق الذاكرة” تتحفنا بديوانها الجديد “ما وراء الضباب”
(“ما وراء الضباب” إصدار دار بعل بدمشق عام 2023 يقع في 170 صفحة من القطع المتوسط)
(سيرياهوم نيوز4-صفحة الكاتب)