آخر الأخبار
الرئيسية » حول العالم » ما بعد خطاب شومر… «غليان ديموقراطي» ضدّ إسرائيل

ما بعد خطاب شومر… «غليان ديموقراطي» ضدّ إسرائيل

خضر خروبي

 

جاءت المواقف التصعيدية الأخيرة الصادرة عن زعيم الأغلبية الديموقراطية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، ضدّ رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، لتفتح فصلاً جديداً من فصول التوتّر الشخصي والسياسي الذي طبع علاقة الأخير بالرئيس الأميركي جو بايدن. فالرئيس الذي بدأ يتوجّس من احتمال الهزيمة الانتخابية، بعد تحذير خطّي وجّهه إليه أكثر من 100 شخصية من مموّلي الحزب الديموقراطي، ينذرونه فيه من التبعات السلبية لمضيّه في «دعمه غير المشروط» لإسرائيل على حظوظه الرئاسية، شرع، كما يبدو، في «تصويب» جانب من سياساته الإسرائيلية.أمّا شومر، الزعيم الأميركي اليهودي، الذي رفض طلب السماح لنتنياهو بمخاطبة أعضاء الكونغرس من الحزب الديموقراطي في جلسة منفردة، بدعوى أن إقحام الموقف من الدولة العبرية في اللعبة السياسية داخل الولايات المتحدة «لا يعود بالفائدة على إسرائيل»، فكان قد وجّه دعوة ضمنية للجمهور الإسرائيلي، من أجل تنحية نتنياهو، مفنّداً أوجه اعتراض الإدارة على سياسات الحكومة الإسرائيلية، بدءاً بالخلاف حول بعض التفاصيل الميدانية والإنسانية المتّصلة بالوضع في غزة، واتهام واشنطن لتل أبيب بـ»تقويض حل الدولتين»، و»تسييس» ملف العلاقات الأميركية – الإسرائيلية، بالتعاون مع الجمهوريين، في موازاة محاولة شومر التفريق بين دعم إسرائيل «الدولة»، وانتقاد السلطة فيها.

في المقابل، وجد نتنياهو نفسه أمام معضلة الشروع في ردّ مماثل على الخطاب الـ»المشين» لشومر، إذ عاد، خلال كلمة ألقاها في اجتماع افتراضي مغلق يوم الأربعاء الفائت أمام أعضاء الحزب الجمهوري في مجلس الشيوخ، إلى اللعب على التناقضات الحزبية في الولايات المتحدة، متعمّداً تحريض حلفائه، خصوصاً أولئك المحسوبين على الجناح المؤيد للرئيس السابق دونالد ترامب، على فريق الإدارة وقادة الديموقراطيين، في وقت تتعمّق فيه التصدّعات في العلاقات بين الجانبين. وقد تجلّى ذلك، في إقرار وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، باستمرار الخلافات مع المسؤولين الإسرائيليين حول عدّة عناوين، في طليعتها إصرار نتنياهو على اقتحام رفح بزعم أنه «ليست لدينا طريقة لهزيمة حماس، من دون الدخول إلى رفح والقضاء على بقية الكتائب هناك».

 

خطاب شومر: أيّ تقاطعات مع سياسة بايدن؟

ليس من قبيل المصادفة أن يتزامن كلام شومر، مع تزايد حدّة انتقادات مسؤولي الإدارة لحكومة نتنياهو، ومنها تأكيد نائبة الرئيس، كامالا هاريس، مثلاً، أنه «لا أعذار» لإسرائيل في عدم السماح بإدخال المزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة. وفي هذا الإطار، استندت صحيفة «نيويورك تايمز» إلى تكثيف قيادات الحزب الجمهوري هجومها على شومر، ومنها اتهام زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، خصومه الديموقراطيين بالتسبّب في «تصدّع على مستوى دعم إسرائيل، والذي لطالما كان عابراً للانقسامات الحزبية»، ليردّ السيناتور الديموقراطي، كريستوفر مورفي، عليه بالقول إن «تكريس العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة كقضية حزبية ليس هو الحلّ»، للدلالة على أن خطاب نتنياهو يسهم في «تفاقم الانقسامات الحزبية، تحت قبة الكونغرس». ولفتت إلى أن احتضان الجمهوريين لنتنياهو، وتحديداً عبر السماح له أخيراً بإلقاء خطاب أمام أعضاء الكونغرس من حزبهم دون سواهم، إنّما يشكّل «نسخة متطرّفة من التكتيك السياسي الذي دأب السواد الأعظم من الجمهوريين على اتّباعه منذ فترة طويلة، والذي يركز على تصوير الديموقراطيين الذين يتبنّون مقاربة نقدية إزاء نتنياهو أو سياساته، على أنهم يحملون توجّهاً مناهضاً لدولة إسرائيل، أو «معادياً للسامية». بدورها، توقفت صحيفة «واشنطن بوست» عند التحالف الانتخابي الموضوعي بين نتنياهو وترامب، لتقول إن خطاب نتنياهو المشار إليه يندرج ضمن «مساعي الجمهوريين في الكونغرس لإبراز ولاء حزبهم غير المشروط لإسرائيل، في مقابل الحزب (الديموقراطي) الذي اجتذب تاريخيّاً معظم الناخبين الأميركيين اليهود» من جهة، ويعكس «حالة الغليان التي تنتاب الديموقراطيين إزاء استراتيجية الحرب التي تتّبعها إسرائيل في غزة» من جهة ثانية.

تتزايد الضغوط على بايدن من داخل حزبه، ولا سيما من قواعد وقيادات الديموقراطيين في الولايات الحاسمة في السباق الرئاسي

 

دوافع الإدارة الأميركية للصدام مع نتنياهو

في محاولتها شرح خلفيات الهجوم المتصاعد توالياً من جانب أركان البيت الأبيض، والحزب الديموقراطي ضد «زعيم الليكود»، رأت «واشنطن بوست» أن حرب غزة «كشفت عن بعض خطوط الصدع الحادّة في أروقة الحزب الديموقراطي، حيث يدفع الجناح الليبرالي داخل الحزب بأجندة متّصلة بالمخاوف المتعلقة بحقوق الإنسان في القطاع، ضمن سياق سياسي متّصل بالعلاقة التحالفية الأكثر ثباتاً بالنسبة إلى الولايات المتحدة». وتضيف أن بايدن يواجه ضغوطاً متزايدة من التيار المناهض للحرب داخل حزبه، والداعي إلى قطع المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل، ولا سيما أن قطاعاً واسعاً منهم شارك في الفعاليات الاحتجاجية ضدّ الرئيس الثمانيني في الانتخابات التمهيدية للديموقراطيين التي جرت أخيراً في عدد من الولايات المتأرجحة الرئيسية.

وتتوقّف الصحيفة عند الضغوط المتزايدة على بايدن من داخل حزبه، ولا سيما من قواعد وقيادات الديموقراطيين في تلك الولايات الحاسمة في السباق الرئاسي، مستعرضةً عريضة كان قد بعث بها، قبل أيام، 18 عضواً من الحزب الديموقراطي في مجلس الشيوخ، بمن فيهم السيناتور عن ولاية ويسكونسين تامي بالدوين، والسيناتور عن ولاية أوهايو شيرود براون، والسيناتور عن ولاية ديلاوير توم كاربر، يحثّون فيها الرئيس على وضع «خارطة طريق» علنية تؤسّس للاعتراف بالدولة الفلسطينية، مشدّدين على أن الوضع في غزة «وصل إلى منعطف حاسم»، وأن «دورك القيادي بات مطلوباً في هذا الوقت أكثر من أيّ وقت مضى». وتأسيساً على ذلك، تجزم الصحيفة بأن بايدن عمد إلى النأي بنفسه عن نتنياهو في الأسابيع الأخيرة، وسط تفاقم حالة الإحباط لدى البيت الأبيض من رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي المتكرّر للطلبات الأميركية، مبيّنة أن «ما يثير غضب إدارة بايدن والعديد من الديموقراطيين يتمثّل في الظروف المروّعة في غزة، وخصوصاً في مناطق الشمال، حيث حذّرت منظمات إغاثية من أن خطر المجاعة أصبح وشيكاً».

 

بدائل أميركية لنتنياهو؟

أطلق دفء العلاقات بين الإدارة الأميركية، وعضو حكومة الحرب الإسرائيلية، بيني غانتس، الذي لاقى حفاوة لافتة خلال زيارته لواشنطن أخيراً، تكهنات حول «تزكية» الولايات المتحدة للرجل ليكون حليفها المفضّل، على رأس حكومة مقبلة في تل أبيب، علماً أن وزير الحرب الإسرائيلي تقاطع مع نتنياهو، لدى لقائه بلينكن، أمس، على تأييد البدء في عملية عسكرية في رفح، إلا أنه تمايز عنه، في تبنّيه لهجة «أكثر نعومة» حيال الضيف الأميركي. وفي هذا الصدد، يؤكد محلّلون غربيون وإسرائيليون أن غانتس يُعدّ «زعيماً أكثر عقلانية ومقبولية» في نظر إدارة بايدن، على اعتبار أنه، وخلافاً لنتنياهو، الذي يربط مستقبله السياسي باستمرار الحرب في غزة، لا يواجه اتهامات بالفساد، ولم يعهد عنه التدخّل في السياسة الداخلية للولايات المتحدة. والسيناريوهات عن موقف أميركي يدفع إلى تغيير المشهد السياسي في تل أبيب، تناقلها الإعلام الإسرائيلي، على غرار صحيفة «هآرتس» التي اعتبرت أن «غانتس، وإن كان سيعتمد بصورة مؤكدة نهجاً متشدداً تجاه الفلسطينيين أسوة بنتنياهو، إلا أنه لا يحمل اسم نتنياهو وسمعته المشوّهة (سياسياً)». وتختم الصحيفة القول إن «المشرّعين الديموقراطيين في الولايات المتحدة يدركون تماماً حقيقة الموقف الصعب الذي يجدون أنفسهم فيه أثناء محاولتهم التوفيق بين انتقادهم السياسة الإسرائيلية، والحفاظ على دعمهم لإسرائيل كحليف»، مشدّدة على أن «غانتس يوفر لهم آلية تصحيح تلقائية» لهذه المعضلة.

 

سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية

x

‎قد يُعجبك أيضاً

استخباراتي أمريكي: شعبية بوتين أعلى من شعبية ماكرون وبايدن وترودو وشولتس مجتمعين

أكد المحلل السابق لدى وكالة المخابرات المركزية الأمريكية لاري جونسون أن آمال الغرب بأن تجبر العقوبات المجتمع الدولي على النّأي عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ...