آخر الأخبار
الرئيسية » إقتصاد و صناعة » ما بعد رفع العقوبات: أي فرص لسوريا؟

ما بعد رفع العقوبات: أي فرص لسوريا؟

 

 

بعد أيام قليلة من إعلان وزارة الخزانة الأميركية منح رخصة لمدة 180 يوماً لسوريا من جميع العقوبات التي كانت مفروضة عليها بموجب قانون «قيصر»، أعلن الاتحاد الأوروبي البدء فعلياً برفع العقوبات التي كان يفرضها هو أيضاً، الأمر الذي يعني فعلياً أن سوريا أصبحت بلا أي عقوبات، فكيف ستستفيد البلاد؟

 

خلال السنوات الماضية، عانت سوريا من الآثار التراكمية للحرب التي اندلعت عام 2011، والعقوبات التي وصلت إلى ذروتها عام 2020، ما فرض حصاراً شبه كامل على البلاد، حرمها من النفط والطاقة. كما طاول الحصار القطاعين الصحي والتعليمي، وأثّر بشكل رئيسي في قطاع صناعة الأدوية الذي تضرّر بسبب قانون العقوبات الأميركي (كبتاغون 1 و2).

 

وفي الوقت الحالي، تنتظر السلطات السورية الانتقالية، والتي أعلنت ترحيبها الشديد برفع العقوبات، ووجّهت دعوات إلى المستثمرين لدخول السوق التي ستنتهج «الاقتصاد الحر»، ثلاث عمليات متزامنة، تعوّل عليها لتقديم دفعة لسلطتها، وبدء طريق «إصلاح البلاد» التي أصبحت فعلياً مفتوحة على العالم، بعد عودة القطاع المصرفي إلى نظام «سويفت»، ورفع الحظر عن التعامل مع الحكومة بجميع مؤسّساتها.

 

وتتمثّل العملية الأولى والأكثر أهمّية، بالصندوق الخاص الذي أنشأته الأمم المتحدة في دمشق تحت مسمى «صندوق التعافي المبكر»، والذي يحتاج فعلياً إلى تمويل ضخم، تأمل المنظمة الأممية أن تساهم دول الخليج فيه بشكل كبير، إذ يمكّن هذا الصندوق مع المشاريع التي يسعى لتحقيقها الرّكيزة الأساسية في عمليات إعادة الإعمار في القطاعات الحيوية (الطاقة و الصحة والتعليم ومياه الشرب)، الأمر الذي تأمل المنظمة أن يشجع اللّاجئين والنازحين السوريين على العودة إلى مدنهم وقراهم، ليساهموا بدورهم في إعادة الحياة إلى البلاد.

 

وخلال الشهور الثلاثة الماضية، بدأت آلاف العائلات التي كانت تعيش في مخيمات بدائية للنازحين في الشمال السوري العودة إلى قراها التي عانت خلال سنوات الحرب من دمار كبير، ما أجبر هذه العائلات على السكن في خيام على أنقاض البيوت والمباني والمدمرة، من دون وجود لأي خدمات حكومية. ومن شأن استمرار غياب تلك الخدمات أن يدفع بالكثيرين إلى العزوف عن العودة في الوقت الحالي، وبالتالي يؤدي إلى توقّف العجلة التي تسعى المنظمة الأممية إلى إطلاقها.

 

لا يمكن لصندوق «التعافي المبكر» تغطية تكاليف إعادة الإعمار

 

 

أما العملية الثانية فتتمثل بتشجيع المستثمرين على دخول السوق السورية بعد رفع العقوبات التي كانت تعيقهم، سواء بسبب الخوف من دخول سوق معاقبة قد تدخل من يلج إليها دائرة العقوبات، أو بسبب صعوبة العمل بشكل عام في ظل حصار سوريا. ولكن الإشكالية التي تواجه هذه العملية تكمن في عدم رفع العقوبات بشكل كامل، وتعليقها بموجب رخصة مدتها 180 يوماً، في سياق التفاف الإدارة الأميركية على الكونغرس الأميركي، الذي يتطلّب إنهاء العقوبات بموجب قانون موافقته على ذلك (قيصر مثلاً)، ما يعني عدم ضمان تجديد الرخصة.

 

وبالانتقال إلى العملية الثالثة، فهي تعتمد بشكل أساسي على الدول التي أعلنت دعمها للسلطات الجديدة، وعلى رأسها تركيا وقطر والسعودية؛ إذ تسعى هذه الدول (تركيا بشكل خاص) إلى بدء استثمارات كبيرة في سوريا، وفي قطاع الطاقة على وجه الخصوص، وهو ما يسهّل تعليق العقوبات عليها القيام به. غير أن آثار تلك الاستثمارات على الاقتصاد السوري بشكل عام ما تزال غامضة في ظل عدم وضوح طبيعة العقود التي سيتم توقيعها، ونسبة سوريا منها، وخصوصاً قطاع نقل المشتقّات النفطية، والذي من المنتظر أن يشهد نشاطاً كبيراً، في ظل رغبة قطر في الاستفادة من موقع سوريا، ومساعي العراق لإعادة تفعيل عمليات تصدير النفط من السواحل السورية، وطموح تركيا إلى تأدية دور محوري في عملية توزيع النفط والغاز، باعتبارها حلقة وصل مهمة في هذا القطاع، خصوصاً بعد الحرب الروسية في أوكرانيا، وما تخللها من إحجام أوروبي عن استجرار الغاز من روسيا، بالإضافة إلى تضرّر البُنى التحتية لنقل الغاز الروسي نحو أوروبا.

 

وفي الوقت الذي شرع فيه الاتحاد الأوروبي في عمليات رفع العقوبات عن سوريا بشكل فِعلي، فهو بدأ يستعد لفرض عقوبات على كيانات وشخصيات متورّطة في المجازر الطائفية التي شهدها الساحل السوري، والتي ما تزال آثارها مستمرة في ظل الهشاشة الأمنية التي تعيشها البلاد، وامتلاك فصائل متشدّدة سلطة غير مسبوقة، واستمرار الشحن الطائفي في الشارع السوري. ويمكن أن يفتح ذلك الباب أمام تغيّر في المزاج الأوروبي نحو سوريا، وبالتالي توسيع دائرة العقوبات، الأمر الذي يشكّل تهديداً كبيراً لحالة الاستقرار في السوق السورية، والتي تسعى السلطات الانتقالية والدول الدّاعمة لها لإرسائها.

 

والجدير ذكره، هنا، أن سوريا تعرّضت على مدار سنوات الحرب لدمار غير مسبوق، طاول جميع القطاعات، وأضيف إليه الانهيار الكبير الذي ضرب المؤسّسات الحكومية بعد سقوط نظام بشار الأسد. وتشير تقديرات سابقة للأمم المتحدة، في هذا السياق، إلى أن عملية إعمار سوريا تحتاج إلى نحو 400 مليار دولار، وهو مبلغ لا يمكن لصندوق «التعافي المبكر» تغطيته، لتبقى الآمال معلّقة على حجم الاستثمارات التي ستدخل السوق السورية، والتي تحكمها بشكل أساسي العقوبات وموثوقية عدم عودتها، بالإضافة إلى الحالة الأمنية المستقرة، والتي تتطلّب عملاً كبيراً في ظل الفوضى الفصائلية التي تعيشها البلاد في الوقت الحالي.

 

 

 

 

أخبار سوريا الوطن١-وكالات-الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

وزير الطاقة السوري يبحث مع ممثلة اليونيسيف تعزيز التعاون في إدارة الموارد المائية

بحث وزير الطاقة السوري المهندس محمد البشير، ومعاونه لشؤون الموارد المائية المهندس أسامة أبو زيد مع وفد من منظمة اليونيسيف التابعة للأمم المتحدة برئاسة ممثلة المنظمة ...