آخر الأخبار
الرئيسية » منوعات » ما قصة اختراع مشبك الشعر الذي تستخدمه النساء حول العالم؟

ما قصة اختراع مشبك الشعر الذي تستخدمه النساء حول العالم؟

أثناء الإغلاق العام بسبب وباء كوفيد-19، عندما لم تكن زيارة صالونات التجميل ممكنة، راج استخدام مشبك الشعر المفضّل في فترة التسعينيات، لكونه قطعة إكسسوار عصرية وعملية.

لكنّ قلة من الناس تدرك أن هذا المشبك (وهو على شكل مخلب) ظهر بداية في ورشة عمل متواضعة في فرنسا، وكان والدي بالتبني هو من اخترعه.

يتذكر والدي: “كنا دائما نقول: أينما ذهبت في هذا العالم، فستجد زجاجة كوكاكولا، وملصقا لمايكل جاكسون ومشبك الشعر الذي اخترعته”.

نشأتُ في فرنسا في عائلتين؛ فمسقط رأس والدتي ماريا، التي أنجبتني، هو جمهورية كابو فيردي (الرأس الأخضر) الواقعة قبالة ساحل غرب إفريقيا. هربت والدتي من الجزر عندما حملت بي، وكانت بعمر الـ24، أرادت التخلص من حياتها الصعبة من أجل مستقبل أفضل في أوروبا.

ومن أجل ذلك، هربت في منتصف إحدى الليالي لتستقل طائرة متجهة إلى جمهورية غينيا بيساو. ومن هناك بدأت رحلتها الشاقة التي استمرت عدة أشهر للوصول إلى البرتغال وبعدها إلى فرنسا، بمساعدة أصدقاء وأفراد العائلة على طول الطريق.

ولدتٌ بعد ذلك بأسابيع في شهر ديسمبر/كانون الأول عام 1976 في مدينة ريوم الصغيرة شرقي فرنسا.

مع والدتي ماريا عام 1977

مع والدتي ماريا عام 1977

نمنا على قارعة الطرق في أوج فصل الشتاء حتى اكتشفت مكانا مهجورا، ومنذ ذلك الوقت تدهورت صحتها.

سمع زوجان فرنسيان شابان، هما كريستيان بوتو وزوجته سيلفيان، بمحنتنا وعرضا اصطحابي لإمضاء ليلة واحدة معهما ومساعدة والدتي في العثور على منزل لنا.

لكنني لم أغادر منزلهما أبدا.

ولطالما قالت أمي ماريا إن عائلة بوتو ستحصل على مقابل لكرمها معنا؛ واتضح فيما بعد أنها كانت على حق.

لننتقل سريعا إلى الثمانينيات؛ زمن الشعر الطويل وزمن الأحلام الكبيرة بالنسبة لكريستيان أيضا.

ترك كريستيان المدرسة في سن الرابعة عشرة دون أية مؤهلات، ولكن مع شغف كبير لصنع الأشياء. عندما كان في السابعة والعشرين من العمر ومفلساً حوّل فرن خبز قديم مساحته 17 مترا مربعا في حديقة والديه، إلى ورشة عمل.

توسّع عمله تدريجياً وبحلول عام 1986 افتتحت شركة كريستيان وسيلفيان (CSP Diffusion) أول مصنع لها في بلدتنا، أويونا، لتصنيع العديد من المواد البلاستيكية مثل ربطات الشعر والأمشاط وحتى لعبة “اليويو”.

ثم جاءت اللحظة التي غيرت مصيرنا إلى الأبد.

يقول كريستيان: “ذات يوم كنت أضم أصابعي وأفردها. وفجأة لمعت الفكرة: انا أبيع الأمشاط والمشابك، لم لا أجمع الاثنين معا؟”

وهكذا وُلد مشبك شعر الأيقوني على شكل المخلب.

ويقول بكل فخر: “كان مناسبا لأي نوع من أنواع الشعر: المجعد، والناعم، السميك، والطويل، والقصير”.

الطفلة آن ماري دياس بورغس مع والدها بالتبني كريستيان بوتو.

الطفلة آن ماري دياس بورغس مع والدها بالتبني كريستيان بوتو.

سألته، هل حقيقة كوني ابنتك الأفريقية، جعلك تفكر بعمق أكثر بأهمية أن تكون التصميمات مناسبة لجميع أنواع الشعر؟

نفى ذلك، أو على الأقل لا يتذكر أنه كان واعيا لهذا الأمر طيلة كل تلك السنوات الماضية.

كانت عالمية ذاك المشبك مناسبة للعصر.

في تلك الحقبة، تقاربت الأزياء الراقية مع تلك التي تباع في المحلات التجارية أكثر من أي وقت مضى، وكانت ملاقط الشعر تلك غير مكلفة وديمقراطية: إذ كانت مرغوبة من قبل الأغنياء والأشخاص العاديين على حد سواء.

يقول ألكسيس روسو، مصفف الشعر وسفير العلامة التجارية لوريال: “هذا الملقط يعيدني إلى طفولتي، عندما كانت والدتي تستخدمه يوميا على شعور زبائنها. لقد كان أيضا عامل تغيير قواعد اللعبة بالنسبة لأصحاب البشرة الملونة، إذ كان الشعر الطويل المرخي هو الموضة في ذلك الوقت. لقد غير هذا الملقط الوضع بالنسبة للنساء من جميع الأعراق”.

وفي نهاية المطاف، أصبح ملقط الشعر منتشرا في كل مكان، حتى أنه يظهر في تسريحة شعر ريتشل الشهيرة في البرنامج التلفزيوني الشهير فرندز (Friends)، الشخصية التي أدتها جينيفر أنستون.

ريتشل في البرنامج التلفزيوني الشهير فرندز

ريتشل في البرنامج التلفزيوني الشهير فرندز

ولكني لم أدرك الأمر حتى أخذت كل صديقاتي في المدرسة بالإلحاح عليّ للحصول على مزيد من تلك الملاقط التي أدركت مدى نجاحها.

ومع منتصف التسعينيات، كانت شركتنا العائلية تبيع مئات الآلاف من مشابك الشعر تلك في كل أنحاء العالم شهريا، ووسّعنا المصنع فتضخم عدد الموظفين ووصل إلى خمسين فردا لتلبية الطلب المتزايد باستمرار.

وخلال العطلات المدرسية، كنت أجلس في الورشة إلى جانب أطفال كريستيان وسيلفيان، ساندرين وجان فرانسوا، لفحص كل ملقط واحدا واحدا، وتنظيف أي أثار عليها، وإزالة أي أثر لبلاستيك زائد قبل تعبئتها للشحن.

الشيء الوحيد بقي عالقا بذهني هو رائحة ذوبان البلاستيك. قد يبدو الأمر غريبا، لكن بالنسبة لي كانت تلك الرائحة تلخص ذكريات الطفولة الدافئة.

من الصعب تصديق حجم العمل الذي يبذل من أجل إنتاج هذا المنتج الصغير.

إعلان لملقط الشعرإعلان لملقط الشعر

يقول كريستيان إن الأمر يبدأ بالرسم “ثم نصنع نموذجا مصغرا صمغيا، قالبا من الجص، ونصب نوعا من السبائك المعدنية في الأعلى لنحصل على القالب النهائي. يوصل هذا القالب بآلة ضغط ضخمة. تسكب أسيتات سائلة ساخنة فيها. يترك حتى يبرد فيأخذ الملقط شكل المخلب”.

“إنه نتاج حب حقيقي. كان يستغرق تصنيع قالب واحد نحو 200 ساعة”.

كانت أكبر الأسواق هي الولايات المتحدة واليابان، لكن دولا أوروبية مثل اليونان لم تستطع الحصول على ما يكفي من تلك المشابك. “لقد كان رائعا، ومبتكرا للغاية”، هذا ما يتذكره فاني لاباس من أثينا، وكان واحدا من أوائل وأكبر عملاء والديّ، وطلب مرة ما يعادل مئة ألف مشبك في طلبية واحدة.

واليوم، غالبا ما نربط اليوم المشبك بألوان كلاسيكية مثل الأسود ولون صدفة السلحفاة.

ولكن في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، كان المشبك مواكبا لأحدث الصيحات وكان ذلك يعني جلب مستشاري الأزياء والألوان لتقديم ألوان متنوعة، وتجنيد ماركة المجوهرات سواروفسكي للحصول على مجموعة ألماسية حصرية مناسبة للذوق الملكي.

تتذكر والدتي بالتبني، سيلفيان: “كان أحد عملائنا هو المورد الوحيد للعائلة المالكة في السويد. كان متجرها في ستوكهولم شبيهاً بمتجر الجنيّات. كان لديها صفوف من مشابكنا المزينة بأحجار الراين، أغلى قطعنا، وكانت تبيعها جميعها”.

العملاء في التسعينيات مع أحدث التصميمات

العملاء في التسعينيات مع أحدث التصميمات

وكان لبريطانيا أيضا اهتمام بتصاميمنا الجديدة والمثيرة. وأخبرني أحد عملائنا، بول كريسكولو، أنها المرة التي وقعت عيناه على مثل هذا المشبك.

“كنت أعمل في هذا المجال لسنوات ولكن عندما وصل كريستيان إلى مكتبنا في لندن بهذا المشبك عرفنا على الفور أنه سيصبح شهيرا”.

ومع نمو عمله التجاري، ازداد أيضا إيمان والديّ بمبادئهما. وكان للثقة أهمية قصوى.

وتقول سيلفيان: “بعنا الكثير من المشابك، لكننا أيضا صنعنا أصدقاء كثيرين”.

جلب النجاح فرصة للسفر، ويقول كريستيان: “لم أكن قد غادرت منطقتنا في فرنسا من قبل، لكن مع هذا المشبك صرت أقابل عملاء في طوكيو أو تورنتو أو المغرب”.

في ذاك الوقت كنت مراهقة وصار بامكاني التحدث باللغة الإنجليزية، مما جعلني مصدر قوة لفريقنا في رحلات العمل في الخارج. كنت متحمسة في المرة الأولى التي رأيت فيها نيويورك. نزلنا في أحد أفخم فنادق المدينة وأذكر أنني نظرت من النافذة ووعدت نفسي بأنني أيضا سأطارد أحلامي.

لقد كان العمل شاقا وواجهنا بعض الإخفاقات التي لا تُنسى أيضا؛ فمثلا جمعت مرة مئات المشابك غير المتطابقة لعميل مهم جدا في نيويورك. ومع ذلك، تعلمت الكثير من التجربة، والآن أتحقق مرتين أو ثلاثة من كل عمل أقوم به.

فتح والداي بالتبني منزلهما وقلبيهما لي، وأعطياني الجرأة على أن ألاحق أحلاما كبيرة وشجعاني على القدوم إلى المملكة المتحدة.

لولاهما، لما كنت اليوم ما أنا عليه، منتجة ومقدمة لبرنامج (Cash Éco) التابع لخدمة بي بي سي الأفريقية. ومؤخرا تم انتخابي كسادس امرأة أفريقية أكثر تأثيراً في المغترب، ومن بين أكثر 100 امرأة أفريقية ذات تأثير.

كم هو مدهش أن أشهد إحياء اختراع والدي بعد ثلاثين عاما.

يقول روسو من شركة لوريال “نعلم أن الموضة تميل إلى تكرار نفسها، ومثلما عادت تسريحة ذيل الحصان وبناطيل (الشارلستون) الفضفاضة إلى الظهور، كذلك عاد هذا المشبك العتيق”.

تقول سيلفيان: “ما زلنا نشعر بذات الفخر والإثارة حتى اليوم عندما نرى أجيالا شابة ترتدي مشبكنا. إنه حقا تصميم كلاسيكي”.

ولكن مع كل هذا النجاح، هل هناك ما يندم عليه كريستيان وسيلفيان؟

يقول كريستيان: “كان علينا أن نتقدم بطلب للحصول على براءة اختراع. كان المشبك محميا في فرنسا ولكن ليس في الخارج. هناك نسخ منه في جميع أنحاء العالم، لقد نسخ لأن الأشياء الجيدة وحدها هي ما يستحق التقليد”.

وأنا أعلم أن شيئا واحدا لا يندمون عليه على الإطلاق: استضافتي.

قال لي والدي بالتبني: “وصفنا الناس بالجنون لأنكما كنتما مهاجرتين وبالكاد كان لدينا ما يكفي لأنفسنا، لكن عندما حملتك بين ذراعي، كان حبا من النظرة الأولى”.

وتضيف أمي بالتبني: “عندما رأيتك، شعرت أنك ابنتي”.

——————————————————

نصائح أساسية من كريستيان وسيلفيان بوتو:

أحب ما تفعله، إنه أمر لا بد منه

ثق بنفسك وبمنتجك

انتبه جيدا لاحتياجات عملائك

احصل على براءة اختراع لمنتجك، سيكون دفع المال في وقت مبكر مفيدا لك في النهاية

تكتم على مشاريعك الجديدة، وأخبر فقط الأشخاص الذين تثق بهم عنها.

سيرياهوم نيوز 6 – بي بي سي _ عربي

x

‎قد يُعجبك أيضاً

سوريا: هجوم صاروخي عنيف استهدف القاعدة الأميركية في حقل كونيكو

  هجوم صاروخي يستهدف القاعدة العسكرية الأميركية في حقل كونيكو في ريف دير الزور شرقي سوريا.       أفاد مراسل الميادين في سوريا، عن ...