نبيه البرجي
أما وقد وجدنا أنفسنا وحيدين على “الطريق الى القدس” . الآخرون على “الطريق الى أورشليم”، اذا شئتم، على “الطريق الى واشنطن”.
أما وأن المسيحيين والسنّة والدروز، احتضنوا الشيعة ببيوتهم وبقلوبهم، آن الأوان للخروج من تلك الثقافة التي لم تكن يوماً ثقافة الشيعة. فائض الفوضى كنتيجة جدلية لفائض القوة .
ماذا تعني ساعة وقف النار : ساعة الموت الآخر أم ساعة الحياة الأخرى ؟ لعل المطران الجليل جورج خضر كان يدق على رؤوسنا حين قال “لقد كتب على لبنان ألا يعيش , والا يموت”. الروائي الأميركي دوغلاس كنيدي قال “هنا لا تشعر اذا كنت في الجنة أم في جهنم” , ما دمنا قد آلينا على أنفسنا، كلنا دون استثناء، أن نجعل من لبنان ضحية النقاطع بين لعبة الأمم ولعبة الطوائف .
عادة الدول تتغير بعد الحروب. عادة رجال الدولة يتغيرون (ونستون تشرشل مثالاً). خوفنا العودة الى حلبة المصارعة. غالباً صراع الديكة لخدمة هذا البلاط أو ذاك. لخدمة هذه السياسة أو تلك. بالصوت العالي نقول يحق للبنان أن يكون لبنان، ويحق للبنانيين أن يكونوا لبنانيين، بالخروج الفوري من حال التسكع ومن حال التسول ..
هنا السؤال الكبير، وبعد تلك التجربة الهائلة (أكثر من أن تكون مريرة)، لا من هو مايسترو المرحلة المقبلة، وانما ما هي قضية المرحلة المقبلة. تلك الضربات على الرأس تكفي للتخلي عن اللغة القبلية أو اللغة الطائفية، والدخول في لغة القرن ؟
لا حرب بعد الآن . أميركا الآن بيننا وبين “اسرائيل” . الايرانيون يطرقون الأبواب الأوروبية (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) للعبور الى الضفة الأخرى من الأطلسي . هذا ليس زمن الايديولوجيات، ولا زمن الرؤوس المقفلة . أين “اسرائيل” في هذه الحال ؟ يقال لنا “لسوف تجدون العجائب (أم المصائب ؟) في عهد دونالد ترامب .
على الشاشات، لا تزال الغربان تغرز مخالبها في وجوه الآخرين . متى يدركون أن هذه “اسرائيل” وقد خبرناها بدماء أهلنا، وبجدران منازلنا , وحتى بقبور آبائنا . قضيتنا لبنان الموحد , لا الطائفي ولا القبلي . وحين تزال الحدود بين الدول , كيف لنا أن نضع الحدود بين الطوائف ؟
بحثاً عن مكان لنا في المنطقة , وبعدما تبيّن لنا أننا ضحايا تلك العقد الجيوسياسية الرثة , كما لو أن هناك في المنطقة من مشروع سوى المشروع الأميركي , ومن وجود الا الوجود الأميركي .
ربما الأكثر اثارة للذهول , خوف “اسرائيل” تراجع دورها وحتى اندثاره في المرحلة المقبلة , مع ازدياد التفاعلات الايديولوجية فيها , نتيجة لما أحدثته الحرب في غزة وفي لبنان , والى حد العودة الى حرب القبائل (أو حرب الأسباط) بعد وفاة الملك سليمان في بدايات القرن العاشر قبل الميلاد .
لا حرب ضد لبنان . الحرب ضد مَن، حين يشترط نتنياهو للتوقيع على اتفاق النار استئناف شحن أنواع معينة من الأسلحة الى “اسرائيل” التي ماذا تعدّ للضفة , وماذا تعدّ لغزة، بعدما هال دونالد ترامب أن تكون مساحة الدولة العبرية أقل من مساحة نيوجيرسي التي , وكما ذكرنا , تحتل المرتبة الـ 47 في المساحة بين الولايات الأميركية .
في المعلومات أن انتخاب رئيس الجمهورية في غضون الأسابيع المقبلة . المشهد الداخلي لا بد ان يتغير . المشهد الاقليمي ، التفاهم السعودي ـ الايراني في ذروته , ما ينعكس حكماً على الساحة السياسية في لبنان . هذا ليس وقت الصيحات البعيدة بازالة “اسرائيل” . لولا المقاومة في الجنوب , والتي حدت من جنون الذئاب في “اسرائيل” , لزال لبنان , وزالت دول عربية أخرى . هل نسمّي ؟!
الوصاية الأميركية على لبنان ؟ هي الوصاية الأميركية على كل الشرق الأوسط , بما في ذلك “اسرائيل” ؟ حتماً . متى الوصاية اللبنانية على لبنان ؟
نتوقف عند سؤال أكاديمي تونسي “ما دمنا أمام الفصل الثاني من “ميثاق ابراهيم” , هل للرئيس الأميركي المنتخب أن يقول لنا من كان الابن الأثير لدى الأب , اسحق أم اسماعيل” ؟
من سنوات سأل الفيلسوف الفرنسي ادغار موران “هل الشرق الأوسط الذي يعاني من فائض في التاريخ , بحاجة الى من يعيده الى التاريخ (وهنا الآفات الكبرى) أم بحاجة الى ما بعد التاريخ (وهنا الآفاق الكبرى) ؟؟
في اعتقادنا , في لبنان أو في المنطقة , نحن أمام منعطفات كبرى . كيف ؟ الأيام
حين تنطق …
(اخبار سورية الوطن 1-الديار)