آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » ما هو المتوقع من القمة الصينية العربية؟

ما هو المتوقع من القمة الصينية العربية؟

د. تمارا برّو

من المقرر أن يزور الرئيس الصيني شي جين بينغ المملكة العربية السعودية ويعقد 3 قمم ، قمة صينية سعودية وقمة صينية خليجية وقمة صينية عربية . وبحسب وسائل الإعلام فإن القمة الصينية العربية ستعقد يوم 9 ديسمبر/ كانون الأول وأرسلت الدعوات إلى مختلف الدول العربية لحضور القمة. وبالتزامن مع اقتراب الزيارة، وعقد القمم الواردة أعلاه، نشرت وزارة الخارجية الصينية ، تقريراً عن التعاون الصيني العربي في العصر الجديد. وكان وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان قد أعلن أواخر شهر أوكتوبر/ تشرين الأول عن زيارة الرئيس الصيني وعقد القمم خلال اجتماع عبر تقنية الفيديو مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي، ومن ثم أعاد وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير، التأكيد على الزيارة . ولاحقاً أعلن قنصل الصين العام في دبي أن السعودية ستستضيف قمة عربية صينية في أوائل ديسمبر/ كانون الأول ، هذا بالرغم من أنه لم يصدر عن الخارجية الصينية أي بيان رسمي حول الزيارة لغاية الآن.

ضجت وسائل الإعلام الغربية سابقاً بخبر زيارة الرئيس الصيني إلى الرياض، حيث ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية في شهر آذار/ مارس الماضي أن الرئيس الصيني سيقوم بعد شهر رمضان بزيارة إلى السعودية ، ويجري التخطيط لاقامة حفل استقبال مشابه للذي جرى للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، عندما زار المملكة عام 2017، ولكن الزيارة لم تحصل . وفي شهر آب/ أغسطس الماضي أعادت صحيفة “الغارديان” البريطانية نشر خبر زيارة الرئيس الصيني إلى الرياض ، وأيضاً لم تتم الزيارة في ذلك الوقت.

الاتفاق على عقد القمة الصينية العربية ليس وليد اليوم، بل تم الاتفاق بين الجانبين الصيني والعربي على عقدها في الدورة التاسعة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني- العربي، التي عقدت في يوليو/تموز 2020، ولكن ما يجعل للقمة أهمية بالغة، عدا عن الاتفاقيات التي ستوقع، هو توقيتها في وقت يشهد فيه العالم تغييرات والانتقال إلى عالم متعدد الاقطاب واندحار سياسة القطب الواحد ، وركوداً في الاقتصاد العالمي، وتأتي أيضاً في وقت يحتدم فيه الصراع بين واشنطن وبكين، ووصول العلاقات الأميركية السعودية إلى أدنى مستوياتها، وقيام دول المنطقة بتنويع علاقاتها إذ تعزز علاقاتها مع الصين وروسيا والهند وغيرها.

ستكون القمة الصينية العربية أول قمة تعقد على مستوى القادة والمسؤولين بين الجانبين ، وأول زيارة للرئيس شي جين بينغ إلى الشرق الأوسط منذ تفشي وباء كورونا، وتأتي زيارته الى المنطقة بعد انتخابه أميناً عاماً للحزب الشيوعي الصيني للمرة الثالثة، وقيامه بجولات خارجية حيث أنه لم يغادر الصين منذ الجائحة أي تقريباً 3 سنوات ، فحضر قمة شنغهاي للتعاون وزار أوزبكستان وكازاخستان وحضر قمة الآسيان والتقى بالرئيس الأميركي جو بايدن كما حضر قمة الأبيك.

من المتوقع أن تشهد القمة الصينية العربية مباحثات حول أزمة الطاقة، والغذاء، والحرب الروسية الأوكرانية، وايجاد سبل لتعزيز التنمية المشتركة ضمن مبادرة “التنمية العالمية”، التي أطلقها الرئيس الصيني بعد مبادرة “الحزام والطريق”، وبناء مجتمع الصيني العربي ذي المصير المشترك. كما سيتم التوقيع على العديد من مذكرات التفاهم والاتفاقيات في مختلف المجالات منها الطاقة والطاقة المتجددة والبنى التحتية والعسكرية والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والتجارة الرقمية والفضاء والأقمار الاصطناعية والصحة والسيارات الكهربائية وغيرها، والاتفاق على زيادة الاستثمارات الصينية في العالم العربي والاسثمارات العربية في الصين، والعمل على ربط مبادرة الحزام والطريق برؤية السعودية 2030، ورؤية مصر 2030، رؤية الكويت 2035، رؤية قطر الوطنية 2030 ورؤية عمان 2040 وغيرها من الخطط لتحقيق التنمية وتعزيز الاقتصاد الوطني. كما من المتوقع أن تُستكمل أو يتم التوقيع على اتفاقية التجارة الحرة بين الصين ودول الخليج ،والتي كانت محور المباحثات التي أجراها الزعماء الخليجيون، عندما زاروا بكين أوائل هذه العام.

كما سيكون ملف الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط حاضراً ضمن المباحثات بين الجانبين، وحاولت الصين مراراً عرض وساطتها لحل الخلافات بين دول المنطقة. ومن المحتمل أن تستكمل مساعيها للسير بمبادرة السلام الصينية التي تتالف من 5 نقاط والتي تشمل “الدعوة إلى الاحترام المتبادل، الالتزام بالعدالة والانصاف، تحقيق عدم انتشار الأسلحة النووية، العمل على تحقيق الأمن الجماعي، وتسريع وتيرة التنمية والتعاون”  ، ورعاية مباحثات اسرائيلية فلسطينة وتقديم وساطتها لحل الخلافات بين إيران والسعودية.

لا يخفى أن العلاقات الصينية العربية قد تعززت خلال السنوات الأخيرة ووصلت إلى مرحلة الشراكة الاستراتيجية والاستراتيجية الشاملة مع 4 دول عربية، كما أن 20 دولة عربية انضمت إلى مبادرة الحزام والطريق باستثناء الأردن وفلسطين . ومما لا شك فيه أن زيارة الرئيس الصيني وعقد القمم الثلاث ستدفع بالعلاقات بين الجانبين إلى الأمام، خاصة أن الصين بدأت ترفع قيود فيروس كورونا، والتي أثرت سلباً على اقتصادها. فالصين الآن بحاجة إلى إعادة تنمية اقتصادها لذلك سيزداد الطلب على الطاقة وبحاجة إلى الأسواق الأجنبية بالاضافة إلى زيادة استثماراتها في الخارج.

تولي الصين أهمية كبيرة للمنطقة العربية ، نظراً لموقعها الاستراتيجي

وغناها بمصادر الطاقة وأسواقها الكبيرة، فالصين حالياً هي أكبر شريك تجاري للدول العربية ، إذ بلغ حجم التبادل التجاري بين الجانبين 330 مليار دولار أميركي عام 2021 بعد أن كان نحو 36.7 مليار دولار عام 2004. وبلغت استثمارات الصين في الدول العربية 213.9 مليار دولار خلال 2021 بعد أن كانت 196.9 مليار دولار عام 2020.

على الرغم من أن دول المنطقة راحت تنوع علاقاتها مع دول عديدة، إلا أنها أمنياً وعسكرياً ما زالت تجد واشنطن هي الخيار الأنسب لها وليس الصين لأن بكين لن تقف إلى جانب دولة ضد دولة أخرى لأنها تربطها علاقات طيبة بجميع دول المنطقة. فهي مثلاً لم تقف إلى جانب السعودية ضد إيران وبالعكس، إلا إذا نجحت وساطتها ومبادراتها لتأمين الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط وتقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة.

غني عن القول أن زيارة الرئيس الصيني إلى المملكة ستغضب وتستفز واشنطن التي ترى في بكين المنافس الأساسي لها ،وستشكل تحدياً للدول العربية، ولاسيما دول الخليج، التي ترغب في إرسال رسالة بأن الزمن الذي تملي فيه أي دولة أوامرها قد ولّى وأن الاعتماد على قطب واحد لم يعد مجدياً ، ولكن إلى أي مدى ستبقى دول الخليج ، خاصة الامارات والسعودية، قادرة على أن توازن في علاقاتها بين الصين التي ترتبط فيها اقتصادياً وأميركا التي ترتبط فيها أمنياً؟ لاسيما أننا قد شهدنا خلال الفترة الأخيرة ضغطاً أميركياً على هاتين الدولتين الخليجيتين للابتعاد عن الصين أمنياً وعسكرياً. وفي هذا السياق حذرت واشنطن دول الشرق الأوسط من التعاون العسكري مع الصين لأن ذلك سيضر بعلاقة أميركا معها.

ستشهد الأيام القليلة القادمة أحداثاً ستؤثر على مستقبل الجانبين الصيني والعربي ، ويبقى أن نرى حفاوة الاستقبال الذي سيلقاه الرئيس الصيني في السعودية أمام أعين الإدارة الأميركية.

سيرياهوم نيوز 4-راي اليوم

x

‎قد يُعجبك أيضاً

حرب النقاط…

  باسل علي الخطيب نعم، هذه الحرب لا تربح بالضربة القاضية، هذه حرب النقاط… على فكرة هذه هي المدرسة السورية في إدارة الصراع مع الكيان ...