آخر الأخبار
الرئيسية » السياحة و التاريخ » ما هو حائط البراق أو كما يسميه البعض الآن زورا وتزيفا بحائط المبكى؟

ما هو حائط البراق أو كما يسميه البعض الآن زورا وتزيفا بحائط المبكى؟

 

مي محمد

يقعُ الجدار أو حائط البُراق في مدينة القدس ، وتحديداً في الجهة الغربيّة للمسجد الأقصى المبارك ، حيث يُعتبَر جزءاً من جدار المسجد الأقصى ، ويَحدُّه باب المغاربة من الجهة الجنوبيّة ، بينما يبلغ طول حائط البُراق حوالي 58 متراً ، ولا يتجاوز إرتفاعه ال 20 متراً ، و يحتوي علي 25 صفّاً من الحجارة ، وأقدم تلك الصفوف هي الصفوف السُّفلية من الجدار كما انّه يستقرُّ في باطن الأرض نحو ثلث الارتفاع الظاهر من الجدار .

الجدار تُقابلُه ساحة كان يتَّخذها سكّان حارة المغاربة مَمرّاً لهم قبل هدمها من قبل اليهود ، وهي تُعتبَر أخفض نقطة في أرض مدينة القدس القديمة ؛ إذ ترتفع عن سطح البحر نحو 708 أمتار .

يرجع السبب فى تسمية حائط البُراق بحائط البراق هو من خلال معجزة الإسراء والمعراج ، عندما أُسرِيَ بالنبيّ محمد -صلّى الله عليه وسلّم- من مكّة المُكرَّمة إلى بيت المقدس ، على مَتْن دابّة البُراق ، حيث ربطها النبيّ الكريم عند الحائط الغربيّ للمسجد الأقصى المبارك ، وبسبب ذلك نُسِب إسم الحائط إلى الدابّة ، وهذا ما أكسبَه مكانة إضافيّة ؛ إذ إنّه مُرتبطٌ بزيارة النبيّ له في معجزة الإسراء والمعراج ، علاوة على أنّه أحد جدران المسجد الأقصى المبارك ، علماً بأنّ اليهود يُسمّونه اليوم (حائط المَبكى)؛ لأنّهم يجتمعون عنده ، ويُؤدُّون بجانبه صلواتهم التلموديّة التي تتَّخذ شكل البكاء ، والنُّواح.

بدأت الزيارات اليهوديّة للحائط قَبل عام 1967م ، حيث كانوا يبكون عند آثارهم القديمة ، على إعتبار أنّه الحائط الغربيّ لهيكل سليمان -على حَدّ زَعْمهم-، وبعد عام 1967م ، عندما إحتلّ الصهاينة المدينة القديمة ، هَدَموا حارة المغاربة بما فيها من إرثٍ تاريخيٍّ عريق، وشَرَّدوا أهلها ، وإستولوا على مفاتيح باب المغاربة.

ثمّ أنشأ الإحتلال الصهيونيّ ساحة كبيرة مقابل (حائط المَبكى) حتى تتَّسعَ لجموع اليهود ، وحوّل مدرسة التنكزيّة التاريخيّة الإمتداد الشمالي لحائط البراق ومجموعة مَقرّات للشرطة الإسرائيليّة ، وكأنّ الحائط إرثٌ يهوديّ، أو أنّ لهم حقّاً فيه ، علماً بأنّ الموسوعة اليهوديّة التي تُعتبَر مرجعاً مُهمّاً لمُعتقدات اليهود والتي صدرت عام 1901م ، لم تأتِ على ذِكره أبداً ولو تلميحاً .

إضافة إلى أنّه تمّ نَفْي الادّعاء بأحقّيتهم فيه من قِبَل اللجنة الدوليّة المُتفرِّعة عن عُصبة الأُمَم عام 1929م. وهو مالم يحترم كغيره من القرارات الدوليّة .

بدايات أطماع اليهود في حائط البُراق قَبل ظهور الأطماع الصهيونيّة لليهود ، وقد أَحسنَت الدولة العثمانيّة في معاملتها لهم ، وأَعطَت الإذن للمطرودين اليهود من إسبانيا بالإقامة في فلسطين، حيث كانوا يُفضِّلون الإستقرار في طبريّا ، وصَفَد ، إلّا أنّ وجودهم في القدس بدأ يتزايد حتى وصل عددهم إلى 1650 نسمة في منتصف القرن الخامس عشر ، ولم يكن لليهود حينها أيّ اهتمام بحائط البُراق ، إلّا أنّهم سرعان ما أخذوا يجتمعون حوله ، ويحيكون حوله الأساطير والادّعاءات، إلى أن صار رمزاً دينيّاً عندهم ، ويُذكَر أنّ السلطان سليمان القانونيّ قد تسامحَ معهم ، ومَنَحهم حقّ المكوث عند الحائط ، وحتى خلال الحُكم المصريّ للشام ، فُرِضَ على اليهود دَفع 300 جنيه إنجليزيّ في كلّ عام ، حيث يُسدِّدونها لوكيل الوَقْف ، مقابل السماح لهم بالبقاء جوار حائط البُراق ، وبعدها مَنَع إبراهيم الباشا اليهود من ترميم، وتبليط المَمَرّ المجاور للحائط ، وفي عهد السلطان عبد الحميد ، أُعطِيَ الإذن بزيارة الحائط لليهود المُقيمين في القدس ، وإقتصرَت الزيارة فقط على من يحمل الجنسيّة العثمانيّة منهم؛ بُغية ضَبط وتقنين وجودهم هناك.

جهود التهويد ومحاولات الإستحواذ قُبَيل الحرب العالَميّة الأولى ، إحتجَّ وكيل الوَقْف الإسلاميّ في القدس، على بدء اليهود بجَلْب الكراسي للجلوس عند حائط البُراق ، وطالَبَ بوَقْف هذه الأفعال ، فأصدرَ مجلس إدارة لواء القدس حزمة من التعليمات المُنظِّمة لزيارة اليهود للحائط ، مانعاً إيّاهم من جَلْب الكراسي بالقرب منه ، إلّا أنّه بعد إنتهاء الحرب العالَميّة الأولى ، وصدور وعد بلفور عام 1917م ، تغيَّر حال اليهود في المدينة ، وأخذوا ينشرون المقالات ، والصور التي يدّعون فيها إقامة الهيكل القديم مكان المسجد الأقصى ، فبرزَت أنيابهم ، وبانَت نواياهم ، علماً بأنّ محاولاتهم في شراء الأماكن المجاورة للحائط بأثمان باهظة قد باءت بالفشل ، بالرغم من أنّ بريطانيا -وهي الدولة المُنتَدَبة على فلسطين- قد إعترفت في الكتاب الأبيض الصادر عام 1928م ، بأنّ حائط البُراق ، والحائط الغربيّ ، وما يُجاوِرُه هو مُلكٌ للمسلمين فقط.

إنتفضَ المقدسيّون في عام 1929م ، مُعلِنين ثورة البُراق التي إستمرت لأسبوعين مُتتالِيَين ، حيث قُتِل فيها عدد كبير من اليهود ، إاستُشهِد العشرات من المسلمين ، وقد كانت هذه أوّل إنتفاضة تَعُمّ أرجاء فلسطين ، وبعد هذه الأحداث ، تم تأسيس جمعيّة حراسة الأقصى ، وشُكِّلت لجنة دوليّة؛ للتوصُّل إلى حلّ النزاع الدائر حول حائط البُراق ، وطلبَت الحكومة البريطانيّة تقديم الدلائل والمُستنَدَات من المسلمين ، واليهود حول حقوقهم التاريخيّة في حائط البُراق ، فقدَّم المسلمون ما لديهم من وثائق ، وإثباتات مُؤكَّدة ، ولم يُقدِّم اليهود سوى بحث فقهيّ واحد ، حيث طالب اليهود بأن تعترفَ اللجنة الدوليّة بحقِّهم في (حائط المَبكى)؛ لإقامة صلواتهم عنده، بالإضافة إلى البَدء بإخلاء حيّ المغاربة، مقابل أن تُعطيَ لوزارة الأوقاف الفلسطينيّة مَقرّاً جديداً لها.

ممّا جعل اللجنة الدوليّة التابعة لعُصبة الأُمَم تُصدرُ بيانها الختاميّ عام 1930م، والذي نصّت فيه على أنّ “للمسلمين وحدهم تعود ملكيّة الحائط الغربيّ ، ولهم الحقّ العينيّ فيه ؛ لكونه يُؤلِّف جزءاً لا يتجزّأ من ساحة الحرم الشريف التي هي من أملاك الوقف الإسلاميّ ، وللمسلمين أيضاً تعود ملكيّة الرصيف الكائن أمام الحائط ، وأمام المحلّة المعروفة بحارة المغاربة ؛ لكونه موقوفاً حسب أحكام الشرع الإسلاميّ”، وبالتالي فقد أدّى هذا إلى أن تعترفَ الحكومة البريطانيّة في كتابها الأبيض بملكيّة المسلمين للمكان كلّه ، وحقِّهم الحصريّ في التصرُّف فيه.

ضعُف صوت اليهود ظاهريّاً بعد توثيق الإعتراف الدوليّ بحقّ المسلمين في ملكيّة الحائط ، وما جاوره ، إلّا أنّهم بعد إحتلال المدينة القديمة عام 1967م ، شَنّوا حملة لتزوير هويّة المكان ، والسعي إلى تهويد كلّ معالمه ، فهَدَموا حيّ المغاربة ، وشَرَّدوا سُكّانه ، وصادروا الأوقاف الإسلاميّة ، وإستولوا على مفاتيح باب المغاربة المُؤدّي إلى المسجد الأقصى المبارك ، وقد أبرم الإحتلال عام 1971 م إتّفاقية مع شركة تطوير الحيّ اليهوديّ ، تقضي بموجبها تأجيرها الأوقاف الإسلاميّة في المنطقة ، وإلى هذه الإتّفاقية يستندُ مُنفِّذو المُخطَّطات الرامية إلى تهويد الإرث ، والمُقدَّسات الإسلاميّة.

وإستمرَّ الإحتلال الصهيونيّ في مُخطَّطه ؛ ففي عام 2004 م ، أسّس صندوق تراث حائط المَبكى المسؤول عن الحفريّات المُقامة في ساحة البُراق، وما يُبنى عليها من مُخطَّطات تهويديّة ، تسعى إلى بناء مركز دينيّ في الجهة الشماليّة لساحة البُراق ، ومتحف (بيت الجوهر) ؛ للتعريف بالديانة اليهوديّة، ومُضاعفة حجم مركز (بيت شتراوس)،

وفي عام 2012م ، أعطى الإحتلال الإذن للمُؤسَّسات التخطيطيّة في القدس ببَدء تنفيذ مشاريعهم ؛ لتضييق الخِناق على المسجد الأقصى ، و مزاحمته بالكنائس ، والمعابد ، والحدائق التوراتيّة ؛ وذلك لطَمْس معالِم المدينة المُقدَّسة ، وتشويه إرثها الإسلاميّ ، وحضارتها الضاربة في جذور التاريخ البشريّ

(سيرياهوم نيوز٢-قانون بالعربي)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

“جمهورية التشيك”..قلب اوروبا المليئة بالكنوز الثقافية والتاريخية

  الدولة الساحرة التي تجمع بين التاريخ العريق والهندسة المعمارية المدهشة، ستفاجئك بكل تأكيد! دعنا ننطلق في رحلة لاكتشاف حقائق مذهلة عن هذا البلد الرائع! ...