الدكتور خيام الزعبي
سورية أثبتت للعالم أنها وطن لا يعرف المستحيل شاءوا أم أبوا، والصفعة الكبرى كانت في الزيارة المنتظرة غداً للرئيس الأسد إلى بكين التي كانت مليئة بالتحدي ومواجهة أعداء الوطن، ورسالة جديدة لكل من يعنيهم الأمر، تقول ان سورية تمضي نحو الأمن و الإستقرار.
لم تقطع الصين علاقاتها الدبلوماسية والسياسية بدمشق طيلة سنوات الأزمة، كون أن العلاقات السورية الصينية ترتكز على أسس راسخة وقوية تعمقت أواصرها من خلال الاهتمام المشترك بين الجانبين لإعادة الأمن والاستقرار إلى المنطقة وإنجاح مسار الحل السياسي في سورية.
التطور التي تشهده العلاقات السورية- الصينية في المرحلة الراهنة يثلج القلب وينعش الأمل لبناء إستراتيجية جديدة وإحداث توازن في العلاقات الدولية، هذه العلاقات كانت العامل الرئيسي في صمود سورية في وجه مخططات الدول المعادية التي تسعى إلى إضعاف سورية وزعزعة استقرارها ونشر الفوضى في المنطقة ككل.
وزيارة الرئيس الأسد لبكين فسرها المتابعين السياسيين على إنها منعطفاً واضحاً ً وكبيراً لتطوير العلاقات السورية الصينية في المستقبل ، كما ستشكّل محطّة استراتيجية في مسار العلاقات السورية ـ الصينية ونقطة فارقة في صياغة توازنات القوى الدولية في منطقة الشرق الأوسط.
في سياق متصل إن توقيت زيارة الرئيس الأسد لبكين مهم جدا في ظل هذه الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة حالياً، ويمكن وضع هذه الزيارة في سياق التعاون والتنسيق والتشاور المستمر بين البلدين إزاء ما يحدث في المنطقة، لبلورة موقف مشترك وواضح من مجمل ما يجري على الساحتين الإقليمية والدولية، خاصة أن أمريكا وحلفاؤها في المنطقة يحاولون خلط الأوراق من جديد، ووضع العصي في عجلات أي جهود لإيجاد حل للأزمة السورية بما يلبي طموحات الشعب السوري بالإنتقال نحو مستقبل أفضل بعيداً عن التدخلات والإملاءات الخارجية، كما تحمل في طياتها رسائل إلى من يهمه الأمر بأن علاقات الشراكة الإستراتيجية القائمة بين بين سورية والصين متينة، وخارج المساومات والصفقات، ولا يمكن أن يعكر صفوها إزدياد حجم التحديات، في وقت تأمل الصين في تعزيز علاقاتها التجارية مع سورية لكسر قانون “قيصر” وتأكيداً على فشل الحِصار الأمريكي.
تعتبر الصين الشرق الأوسط عامة وسورية خاصة منطقة ذات أهمية استراتيجية واقتصادية وأمنية لها، ويعود تاريخ العلاقات الصينية السورية الى مئات السنين، إذ شكلت سورية الطريق التجاري الذي ربط بلاد الصين ببلاد العرب والذي عرف بطريق الحرير قديماً.
من هنا تُعد سورية رصيداً استراتيجياً للصين، ليس من حيث مواردها وثرواتها الطبيعية فقط، بل من زاوية ثقلها الجيو سياسي على صعيد الموقع الجغرافي والمكانة الحضارية، والدور الذي تؤديه في معادلات السياسة الشرق أوسطية، وأيضاً دورها في المنظمات الدولية التي تنتمي سورية لعضويتها، وبالتالي تشكل سورية البوابة الأساس لبناء الشرق الأوسط الجديد ، وهو ما دفعها إلى إحباط المشروع الأميركي الغربي في مجلس الأمن عام 2012 بحقها.
وإنطلاقاً من ذلك إن ثبات واستقرار هذه المنطقة رهين بالعلاقات الايجابية بين كل من دمشق وبكين، وان التنمية المستديمة في مختلف الدول لا يمكن تحقيقها إلا من خلال علاقات إيجابية وثابتة ومستقرة مع سورية، وعلى البلدان المختلفة التي تعيش في حالة من التردد في التعاطي مع دمشق إلا أن تعترف بقوتها سياسياً واقليمياً، وكما لجأت بعض الدول إلى لغة الحوار مع دمشق فمن المناسب أن يلجأ محور أعداء دمشق إلى المنهج نفسه وليس المواجهة أو الصراع معها من أجل تحقيق أمن المنطقة.
وهنا أرى بأن تعزيز العلاقات السورية الصينية تمثل في الظروف الحالية حاجة إستراتيجية للطرفين، والتنسيق بينهما سيعيد إلى المنطقة شيئاً من التوازن ومنطلقاً للتأسيس لحالة من الإستقرار في خضم المرحلة المضطربة الراهنة، لذلك آن الأوان لنتعاون مع باقي قوى التوازن بالعالم لتجاوز أزمتنا والمضي بوطننا الكبير “سورية” نحو المستقبل الزاهر، وبالتالي فإن كل هذه المعطيات تشير إلى أن الأيام المقبلة قد تحمل مفاجآت كثيرة، ما يعني نتائج جديدة ربما تكون إيجابية لبعض دول الإقليم في المنطقة وعلى الأخص سورية.
وأختم مقالي بالقول: إن زيارة الرئيس الأسد الى الصين من حيث التوقيت والطبيعة ستؤثر إيجابيا على كافة العلاقات وانتقالها إلى مرحلة جديدة، لذلك يجب أن تبقى دمشق وبكين على وئام ووفاق إنطلاقاً من إستيعاب دروس التاريخ ، لذلك ندرك جيداً أن الصين من هذا المنطلق أسهمت بقدر كبير في تغيير الصورة الجيوسياسية في الشرق الأوسط ما جعل خسائر الأمريكيين تزداد وتتعاظم في المنطقة.
سيرياهوم نيوز 4_راي اليوم