واشنطن – سعيد عريقات
قالت شبكة “إن بي سي نيوز” ، أن مصدرين دبلوماسيين كشفا للشبكة إن الولايات المتحدة تحرز تقدمًا نحو اتفاق تاريخي يقضي بتطبيع المملكة العربية السعودية علاقاتها مع إسرائيل مقابل اتفاقية دفاع أميركية والمساعدة في تطوير برنامجها النووي المدني.
وتكتسب المحادثات المعقدة زخمًا، في إطار ما يعرب عنه المسؤولين من جميع الأطراف عن تفاؤل متزايد في الأيام الأخيرة بأنهم قد يجتمعون قريبًا للتوصل إلى اتفاق من شأنه أن يغير المشهد السياسي في الشرق الأوسط ويحقق انتصارًا كبيرًا في السياسة الخارجية للرئيس الأميركي جو بايدن.
وقالت آندريا ميتشل ، مراسلة الشبكة المخضرمة في وزارة الخارجية “إن الاعتراف الرسمي بالدولة اليهودية من قبل القوة الأكثر نفوذاً في العالم العربي من شأنه أن يمثل تحولاً جذرياً في المنطقة بعد أكثر من نصف قرن من الصراع والعداء، كما يمكن أن يمثل أيضًا انقلابًا دبلوماسيًا لإدارة بايدن، التي عكست موقفها المتشدد تجاه المملكة العربية السعودية في محاولة للجمع بين حليفين مقربين للولايات المتحدة في سعيها لدرء طموحات الصين المتزايدة”.
ولكن الشبكة تقر بأنه لا تزال هناك عقبات كبيرة، بما في ذلك الصراع الإسرائيلي المستمر مع الفلسطينيين. وحول هذه المسألة “قال المصدران (للشبكة) إن الاتفاق سيشهد منح الفلسطينيين أراض غير محددة في الضفة الغربية، لكن لا تزال هناك أسئلة كبيرة حول ما سيعنيه ذلك بالنسبة لمستقبلهم”.
من جهتها قالت صحيفة “ذي هيل” المختصة بشؤون الكونجرس الأميركي في مقال مطول لها الأحد ولسوء الحظ، يبدو أن القضية الفلسطينية سيتم تجاهلها مرة أخرى. وقد وصفها نتنياهو باستخفاف بأنها “صندوق اختيار يجب التحقق منه”، في إشارة إلى أن إسرائيل تنظر إلى الفلسطينيين باعتبارهم فكرة لاحقة. وما لم يحدث شيء جذري في هذه المفاوضات، فإن التطبيع بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل لن يفعل شيئا سوى ضمان الخضوع الدائم للفلسطينيين للحكم العسكري الإسرائيلي وشل تطلعاتهم”.
إن مناقشة السلام، وهو مفهوم يرتكز على مُثُل المساواة والعدالة والاستقرار، تبدو جوفاء، ولكنها تتجاهل عمدا محنة الفلسطينيين. وفي ظل الوضع الراهن، لم يتبق للشعب الفلسطيني أي قوة أو أمل أو وسيلة لتغيير حالته. تسيطر إسرائيل على كل جانب من جوانب الحياة الفلسطينية، وتمارس هذه السيطرة بطريقة مهينة للإنسانية بحسب الصحيفة.
وتشير الصحيفة إلى أنه “من أجل جعل السلام ممكنا، يجب على كل من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية أن توضحا أن الفلسطينيين جزء من المعادلة، وأن التطبيع لا يعني إبعادهم عن الحلقة”.
وتشير الصحيفة إلى فشل اتفاقات أبراهام التطبيعية لم تجلب السلام بل رفعة من حدة العنف الذي يمارسه المستوطنون ضد الفلسطينيين بشكل مضطرد منذ توقيع تلك الاتفاقيات قبل ثلاث سنوات، محذرة من “إن أي اتفاق يتجاهل الفلسطينيين سيكون بمثابة سوء ممارسة دبلوماسية وتحريف لمفهوم السلام، لأنه سيترك الفلسطينيين بلا دولة إلى الأبد وبدون ملاذ”.
ويعتقد الخبراء إن تقديم اتفاق رسمي للدفاع المشترك بين واشنطن والرياض، وهو ترتيب على قدم المساواة مع الضمانات الأميركية للحلفاء الرئيسيين مثل اليابان وكوريا الجنوبية، يمكن أن يؤدي أيضًا إلى تعقيد السياسة الداخلية لأي صفقة.
إذا تم التوصل إلى الصفقة، يعتقد المسؤولون الأميركيون أن ذلك سيتم في أوائل العام المقبل، قبل أن تجعل حملة الانتخابات الرئاسية من الصعب الحصول على 67 صوتًا في مجلس الشيوخ، الذي يتعين عليه التصديق على معاهدة الدفاع وسيحتاج إلى الموافقة على مساعدة المملكة.
ووفقًا لمسؤول أميركي كبير، تريد إسرائيل أيضًا إبرام معاهدة دفاع مع الولايات المتحدة لتتناسب مع أي معاهدة سعودية جديدة، لكن الولايات المتحدة لم توافق على ذلك. وتحصل إسرائيل بالفعل على ما يقرب من 4 مليارات دولار سنويا من المساعدات العسكرية الأميركية، ويعتقد مسؤولو الإدارة أن ذلك قد يزيد من صعوبة الحصول على اتفاق معقد بالفعل من خلال مجلس الشيوخ.
يذكر أن استطلاع حديث أجراه “معهد كوينسي – Quuency Institute” ” أظهر أن أكثر من نصف الأميركيين سيعارضون اتفاقًا بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية ينص على إلزام واشنطن بجنود أميركيين للدفاع عن السعودية في حالة نشوب حرب، خاصة وأن الشروط الدقيقة لأي اتفاق دفاعي تظل غير واضحة.
بدوره قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لشبكة إم إس إن بي سي MSNBC يوم الخميس إن صفقة بهذا الحجم ستكون “تحويلية”. وحذّر من أنه لا يزال هناك “الكثير من القطع المتحركة”، وأن هبوطها جميعًا سيتطلب “قدرًا هائلاً من العمل”.
بالنسبة لبايدن، يمكن أن تقدم الصفقة دفعة قبل الانتخابات الرئاسية لعام 2024، لتنافس اتفاقيات أبراهام التي وقعها الرئيس آنذاك دونالد ترامب – وهي سلسلة من الاتفاقيات التاريخية الموقعة في عام 2020 لتطبيع العلاقات بين إسرائيل ودول الخليج الإمارات العربية المتحدة والبحرين.
وتقول ميتشل من إن بي سي : “من المرجح أن يُنظر إلى الاعتراف بإسرائيل على أنه خيانة من قبل الفلسطينيين وأولئك الذين يدعمون الدولة الفلسطينية، والذين اعتمدوا على الرياض باعتبارها حجر الأساس لدعم العالم العربي”.
يذكر أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وصف في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الخميس، فكرة السلام في الشرق الأوسط دون الحقوق الكاملة للشعب الفلسطيني بأنها “وهمية”. فالاتفاق الذي لا يتضمن تنازلات حقيقية لقضيتهم قد يغذي الغضب في المنطقة.
وفي تصريح منفصل لوكالة الأنباء الفلسطينية وفا، اليوم الجمعة، قال نبيل أبو ردينة المتحدث باسم عباس: “السلام يبدأ مع فلسطين، والاستقرار يبدأ بحصول الشعب الفلسطيني على حقوقه الوطنية المشروعة وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة مع القدس الشرقية. عاصمتها. ومن دون ذلك لا سلام ولا أمن ولا استقرار في المنطقة”.
ويعتقد الخبراء إن العلاقات المتنامية بين إسرائيل والسعودية كانت مدفوعة إلى حد كبير بالقسوة المتبادلة تجاه إيران.
وعلى الرغم من أن الرياض وافقت على اتفاق توسطت فيه بكين لاستعادة العلاقات الدبلوماسية مع طهران في وقت سابق من هذا العام، إلا أن واشنطن قد ترى في إقامة علاقات سعودية رسمية مع إسرائيل وسيلة لمكافحة العدوان الإيراني ومواجهة جهود الصين لتوسيع نفوذها في المنطقة.
وفي لقاء مع بايدن في نيويورك يوم الأربعاء، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن التوصل إلى اتفاق “لتحقيق المصالحة بين العالم الإسلامي والدولة اليهودية” أصبح في متناول اليد.
لكن النقطة الشائكة قد تكون حكومة الزعيم الإسرائيلي نفسه، وهي الحكومة الأكثر تديناً ويمينية في تاريخ بلاده. وقد يبدي شركاؤه في الائتلاف مقاومة قوية لأي تنازلات كبيرة للفلسطينيين، الأمر الذي قد يؤدي بدوره إلى كسر الاتفاق بالنسبة للمملكة العربية السعودية.
كما أثار زعيم المعارضة يائير لابيد مخاوف بشأن أن تصبح المملكة العربية السعودية “دولة عتبة نووية” في حالة التوصل إلى اتفاق.
يذكر أنه في حديثه مع شبكة فوكس نيوز يوم الأربعاء، تعهد ولي العهد السعودي الأمير بن سلمان بالعمل مع “كل من هو موجود” في الحكومة الإسرائيلية طالما أن الصفقة تضمن “احتياجات” الفلسطينيين. وبدا متفائلا بشأن الاتفاق المحتمل قائلا إنه سيكون أكبر اتفاق دبلوماسي منذ نهاية الحرب الباردة. وقال لشبكة فوكس: “كل يوم نقترب أكثر”.
(سيرياهوم نيوز ٣-القدس )