خالد عرنوس
تقام يوم السبت القادم بداية من الساعة السادسة مساء مباراة المركزين الثالث والرابع أو كما تسمى مباراة الترضية وتجمع منتخب كرواتيا بالخاسر من لقاء نصف النهائي الثاني الذي أقيم مساء أمس.
وشهدت هذه المباراة الكثير من المواقف والقصص والأرقام على مدار تاريخ المونديال خاصة أنها لم تغب سوى في مناسبتين، الأولى في النسخة الافتتاحية عام 1930 ولم تكن مدرجة في جدول البطولة حسب بعض المصادر غير أن مصادر الأخرى تقول إن الفريق اليوغسلافي رفض خوض المباراة احتجاجاً على الظلم التحكيمي في مباراة نصف النهائي وقد منح ميدالية برونزية حاله حال الفريق الخاسر في نصف النهائي الآخر المنتخب الأميركي، والثانية عام 1950 يوم أقيمت دورة رباعية للفرق الأربعة المتأهلة من دور المجموعات وعلى إثرها تحدد البطل وأصحاب المراكز التالية، والطريف أن بعض المحاولات جرت لإلغاء مباراة الترضية على اعتبار أن الفريقين المهزومين في شبه النهائي يتأثران نفسياً وبالتالي يخوضانها مكرهين.
مطالبات بالإلغاء
في بطولة 1982 وعقب الخسارة الداراماتيكية للفرنسيين أمام الألمان قدمت فرنسا طرحاً للفيفا بإلغاء هذه المباراة بعدما أعلن مدربهم ميشيل هيدالغو أنها غير مهمة ولن يكون طرفاها جاهزين نفسياً وبالتالي يمنح كليهما ميدالية المركز الثالث على غرار بطولة أوروبا للمنتخبات التي ألغيت فيها مباراة الترتيب منذ الدور التي أقيمت في فرنسا عام 1984 ومازال هذا القرار قائماً أو على غرار بعض المسابقات الفردية في دورة الألعاب الأولمبية حيث يمنح الخاسران المرتبة الثالثة والميدالية البرونزية إلا أن الاتحاد الدولي لكرة القدم رفض هذا الاقتراح تماماً بل أصر على إقامة هذه المباراة ليكتمل ترتيب الفرق الأربعة الأوائل رسمياً ومنح الفائز فيها مكافأة مالية أعلى ليصبح نصيب صاحب المركز الثالث 27 مليوناً في حين ينال الرابع 25 مليوناً، ومع مرور الزمن أضحت مباراة الترضية فرصة لظهور اللاعبين الذين لم يشاركوا كأساسيين في صفوف فريقيهما خلال البطولة لكنها مازالت فرصة لإثبات الوجود أو على الأقل كتعويض ولو بسيطاً عن فقدان فرصة الظهور في النهائي وربما كانت مجالاً رحباً لبعض النجوم لإثبات الوجود كما ظهر في بعض المناسبات السابقة.
نتائج مثيرة
أقيمت مباراة المركزين الثالث والرابع 19 مرة وشهدت بعضها نتائج كبيرة وأهدافاً غزيرة ولم تغب الأهداف عن أي منها، وحملت ثلاث مرات نتيجة 1/صفر كأقل نسبة أهداف في حين شهدت مباراة 1958 تسعة أهداف كاملة، وبالمجمل شهدت المباريات الـ19 تسجيل 73 هدفاً أي بمعدل 3,8 أهداف في المباراة الواحدة، واللافت أن مباراة واحدة لم تحسم خلال دقائقها التسعين فذهبت إلى التمديد وحسمت فيه.
وجمعت أولى مباريات الترتيب في مونديال 1934 الجارين الألماني والنمساوي في ديربي مشهود خاصة في ظل أوضاع البلدين يومذاك، وقد استطاع المانشافت الفوز بثلاثة أهداف لاثنين بعد مباراة مثيرة بدأت بحادثة طريفة عندما تشابهت قمصان الفريقين (اللون الأبيض) فكان أن ارتدى لاعبو النمسا قمصاناً سماوية اللون من نادي نابولي على اعتبار أن المباراة أقيمت في مدينته، وسجل الألماني إرنست لينهر أسرع هدف في البطولة حتى ذلك الحين وبقي رقماً قياسياً حتى كسر في مونديال 1962 وجاء بعد 24 ثانية.
وفي مونديال 1938 تقابل السيليساو البرازيلي مع نظيره السويدي بعد خيبة الأول بعدم بلوغ النهائي بعد الخطأ الفني للمدرب بعدم إشراك الهداف ليونيداس أمام الطليان في نصف النهائي، وشهدت مباراة السيليساو والبلاغولت عودة مشهودة للأول بعدما تأخر بهدفين في الشوط الأول وخرج فائزاً بالأربعة وسجل ليونيداس هدفين فأكد تتويجه هدافاً لتلك النسخة معوضاً بعض الخيبة.
ليلة فونتين
في مونديال سويسرا 1954 تقابل منتخبا الأورغواي الذي خسر لقبه أمام المجر مع نظيره النمساوي الخاسر بقسوة من جاره الألماني الغربي ولأن السيليستي عاش لحظات خيبة أمل فقد خسر المركز الثالث لمصلحة الفريق النمساوي ليحقق الأخير أفضل إنجاز له في البطولة وهي المباراة رقم 100 في المونديال، وفي السويد 1958 جمعت مباراة الترضية منتخبي فرنسا وألمانيا بطل العالم الذي خسر لقبه لمصلحة أصحاب الأرض، وعبر جيل رائع في تلك الحقبة استطاع الديوك الزرق الفوز بنتيجة كبيرة وصلت إلى 6/3 كأكبر نتيجة تسجل في مباراة الترتيب وتلقى المانشافت أكبر عدد من الأهداف في مباراة مونديالية، والحدث الأبرز تمثل بتسجيل الفرنسي جوست فونتين رباعية كاملة من أهداف فريقه فتوج هدافاً لتلك النسخة متخطياً رقم كوتشيش المجري في 1954 (11هدفاً) ومسجلاً رقماً قياسياً في تاريخ البطولة بلغ 13 هدفاً لم يجرؤ أساطير المونديال على الاقتراب منه.
وفي مونديال تشيلي جمعت المباراة بين اللاروخا التشيلياني صاحب الأرض مع نظيره اليوغسلافي واستطاع اللاروخا حسم النتيجة في الدقيقة الأخيرة بهدف أسطورته ليونيل سانشيز ليحتل المركز الرابع وهو أفضل ترتيب للفريقين، وجمعت مباراة مونديال 1966 بين فريق يصلان إلى هذا الدور للمرة الأولى، وقد فاز البرتغالي على السوفييتي 2/1 وواصل فيها الهداف إيزيبيو تألقه فسجل هدفه التاسع متوجاً بلقب الهداف في مشاركة بلاده الأولى، وبقي هذا أفضل إنجاز بتاريخه وسجل إيزيبيو هدفاً من ركلة جزاء هي الرابعة له في تلك النسخة.
وفي بطولة 1970 اجتمع أربعة أبطال في نصف النهائي فجمعت مباراة الترتيب منتخبي ألمانيا والأورغواي وفاز الأول بهدف بعدما أشرك المدرب شون عدداً من البدلاء ليصبح أول منتخب يحتل المراكز الأربعة الأول في تاريخ البطولة.
البرازيل ثم بولندا
في 1974 جمعت المباراة البطل البرازيلي مع المفاجأة البولندية وواصل البولنديون تألقهم في هذه المباراة ليصلوا لأفضل إنجاز بفضل ثعلبهم لاتو الذي سجل هدف المباراة الوحيد بهجمة عنترية، في النسخة التالية لم يخسر البرازيلي أي مباراة لكنه وجد نفسه يلعب مباراة الترتيب بفارق الأهداف عن جاره الأرجنتيني وجمعته مع الآتزوري الإيطالي في إعادة لنهائي 1970 الخالد وبعد تقدم الأخير بهدف كاوزيو عاد السيليساو بهدفين من ماركة (لا يصد ولا يرد) من نيلينيو وديرسو.
وفي 1982 عاد المنتخبان البولندي والفرنسي لخوض هذه المباراة للمرة الثانية وقد أشرك مدرب الأخير اللاعبين البدلاء وانتهت بولندية 3/2 ليصبح البولندي ثاني فريق يحرز المركز الثالث مرتين بعد البرازيل.
وعاد شارك منتخب الديوك ليظهر في مواجهة الترتيب في 1986 لكنه فاز هذه المرة مستفيداً من خوض منافسه وجاره البلجيكي الوقت الإضافي لثلاث مباريات في البطولة ففاز بالتمديد بنتيجة 4/2 وكذلك أشرك المدرب الفرنسي هنري ميشال معظم البدلاء.
ومرة أخرى اجتمع أربعة أبطال في مربع 1990 وكانت الخسارة من نصيب أصحاب الأرض الطليان والإنكليز الذين خاضوا هذا الدور للمرة الثانية بتاريخه وانتهت المواجهة بفوز الآتزوري 2/1 وسجل سكيلاتشي هدفاً توج به هدافاً برصيد 6 أهداف متفوقاً على التشيكوسلوفاكي سكورافي (5 أهداف)، وأصبح الآتزوري ثاني منتخب يخوض 7 مباريات في بطولة واحدة من دون هزيمة ولم يتوج باللقب بعد البرازيل 1978.
الأعلى والأسرع
فريق جديد حل على دور الأربعة في 1994 وهو البلغاري وواجه السويدي في مباراة الترتيب وفاز الأخير برباعية نظيفة كأعلى فوز في هذه المباراة، وفي أول مشاركة له في المونديال استطاع المنتخب الكرواتي احتلال المركز الثالث في نسخة فرنسا 1998 بعد الفوز على نظيره الهولندي 2/1 وفيها انتزع دافور سوكر لقب الهداف بـ6 أهداف أيضاً.
وفي 2006 فاز المضيف الألماني على نظيره البرتغالي بثلاثة لهدف ثم كرر الفوز بنتيجة 3/2 في بطولة 2010 على نظيره الأورغوياني ليصبح المانشافت الأكثر حصولاً على المركز الثالث في تاريخ المونديال (ثلاث مرات).
وفي 2014 حصل المنتخب الهولندي على المركز الثالث للمرة الأولى عقب فوزه على المضيف البرازيلي بنتيجة كبيرة بلغت 3/صفر ليصبح ثالث منتخب يخوض 7 مباريات في بطولة واحدة من دون هزيمة ولا يتوج باللقب.
وفي النسخة الماضية جمعت مباراة الترضية منتخبي بلجيكا وإنكلترا وكلاهما خاضها للمرة الثانية ففاز الأول بهدفين محتلاً المركز الثالث للمرة الأولى في تاريخه وخسر الإنكليز للمرة الثالثة في بطولة واحدة ومنها مرتان أمام المنافس ذاته للمرة الأولى.
سيرياهوم نيوز1-الوطن