يمثل متحف الزجاج، في جزيرة مورانو بإيطاليا، التي تقع على بعد ميل واحد فقط من مدينة البندقية، حارساً ثقافياً؛ حيث تسرد مقتنياته تاريخ زجاج مورانو الشهير في جميع أنحاء العالم، والذي تم إنتاجه فيها منذ قرابة الـ7 قرون، من خلال مجموعة مكونة من زجاج ثمين من الماضي، لكنها تتطلع إلى المستقبل بأعمال جديدة من الزجاج المعاصر، الذي يشهد على تاريخ لم ينتهِ بعد. وللتعرف إلى تاريخ الزجاج في مكان لايزال يتم إنتاجه فيه، من خلال الحرفية التي وُرِثت من قبل القدماء، وإحياء الكلاسيكيات الرائعة.
يبدأ تاريخ زجاج مورانو مع ولادة البندقية، التي عرف سكانها الأوائل تقنية الإنتاج الروماني. لكن، في عام 1291، بدأ إنتاج الزجاج بالجزيرة. أما المتحف، فقد تأسس عام 1861؛ بهدف إنشاء أرشيف عن تاريخ جزيرة مورانو، ونظراً لأن تاريخها مرتبط بفن الزجاج، سرعان ما شغلت مجموعة القطع الزجاجية جميع المساحات المتاحة، والمتحف جزء من مؤسسة فينيسيا للمتاحف المدنية.
يقع متحف الزجاج في قصر منمق على الطراز «القوطي»، كان في السابق موطناً لعائلة نبيلة، ثم أصبح منزل ماركو جوستينياني، أسقف «تورسيلو»، ومن ثَمَّ مقراً للمتحف. عام 1862، تم ربطه، أيضاً، بمدرسة سمحت لصانعي الزجاج بدراسة تصاميم ونماذج الزجاج، الموجودة في المتحف.
حيث ينقسم المعرض الدائم، في متحف زجاج مورانو، إلى ثماني غرف رئيسية. يتم فيها عرض آلاف القطع بترتيب زمني، وحسب النمط، يقدم للزائر معرضاً مواضيعياً مثيراً، يركز على منتجات وتقنيات صناعة الزجاج بين القرنين الخامس عشر والعشرين. كتوقع للنتائج غير العادية، التي تحققت في القرون الأخيرة، يقدم القسم الأول من المتحف عرضاً شاملاً لنماذج ذات مستوى عالٍ جداً من الجودة، التي يتميز بها إنتاج الزجاج في العصر الروماني، وتغطي فترة زمنية بين بداية العصر الإمبراطوري وأواخر العصور القديمة، مثل: عقود من الخرز الزجاجي المنصهر (في القرن الأول الميلادي)، وحلقات وعصي أيضاً من الزجاج المنصهر (في القرنين الأول والثاني الميلاديين)، وقلائد أخرى من الخرز الزجاجي، وبعد ذلك أربع علب للعرض، تظهر فيها أربعة أوانٍ زجاجية كبيرة الحجم، تعود إلى أوائل العصر الإمبراطوري؛ ومعظم المواد المعروضة من اكتشافات من مقابر مدينتَيْ: إيادر (زارا)، وأينونا (نونا) في دالماتيا، كما توجد نواة من المواد، منسوبة إلى ورش العمل السورية الفلسطينية، في القرنين الثالث والرابع الميلاديين.
تضم غرفة «الميزانين»، كذلك، مجموعة أثرية غنية من المشغولات الزجاجية المصنوعة من الزجاج الروماني، وتوجد لوحة تعليمية على الجدار توضح الجوانب الفنية، التي تميز فن الزجاج في هذه المرحلة التاريخية، بالإضافة إلى القسم الأثري الذي يضم مكتشفات رومانية بارزة، بين القرنين الأول والثالث بعد الميلاد، وهناك أكبر استعراض تاريخي لزجاج مورانو، بقطع مهمة تم إنتاجها بين القرنين الخامس عشر والعشرين، بما في ذلك روائع مشهورة عالمياً.
من ضمن معروضات المتحف، هناك 32 صندوق عرض مضاءة جيداً، ومرفقة بتعليقات توضيحية دقيقة، لمجموعة مشغولات: (زجاجات البلسم، والأطباق، والأكواب، وأنواع متنوعة من المزهريات)، بجانب أجزاء من أكواب زجاجية ذات زخارف مجسمة من فترات مختلفة.
ويمكن للزوار العثور على بعض القطع الأكثر شهرة في المجموعة، مثل: كوب باروفييه (كوب مطلي بالمينا الأزرق، مصمم كهدية زفاف منسوبة إلى السيد الشهير أنجيلو باروفييه)، والمصابيح والشمعدانات على شكل الحيوانات والبشر، وحتى النوادر مثل البوق الزجاجي.
يتم فرز واجهات العرض، حسب المجموعات، على أساس نمط الزجاج، من قوارير وأكواب رشيقة مطلية بالمينا، ومزينة بزخارف نباتية منقطة باللون الأحمر والأزرق والذهبي، كما هي الحال في أوائل عصر النهضة، والصواني، والدلاء، إلى التصاميم المتطورة والمعقدة من الكريستال، الذي حظي بشعبية وتقدير كبيرين، منذ اختراعه في بداية القرن السادس عشر.
تزداد مجموعات المتحف، اليوم، وكذلك من خلال عمليات الشراء، عن طريق التبرعات من أفران الجزيرة، والتي تثري – بشكل خاص – المجموعة المعاصرة، وتم ترميم المتحف، مؤخراً، ليضم مجموعات القرن العشرين.
سيرياهوم نيوز 4_الثورة