باسل علي الخطيب
أيعقل أن هناك من هو في مكان ما يعمل على قتلنا قهراً؟….
من لم تقتله الحرب أو يقتله الجوع أو تقتله الغربة أو يقتله البحر، فليمت كمداً أو قهراً!!!……
قد قرأت في مكان عن الفندق الترفيهي للقطط الموجود في دمشق!!…
حسناً، ماذا يثير في داخل كل اولئك المعذبين أنه يوجد هكذا فندق في دمشق؟….
أنا لست بوارد مالك الفندق، فذاك من قبيل حلال على الشاطر، أو كما يقال (رزق الهبل على المجانين)، أنا بوارد زبائن هذا الفندق، أو بالأحرى ملّاك أولئك (الزبائن)…
أيعقل أنه صار هناك (نحن) و (هم)؟….
قد يقول البعض ولكن هذا (بزنس) خاص…..
حسناً، امنعوه…
هكذا (بزنس) خاص ليس له من منفعة إلا لناسه وهم قلة، وناسه إياهم لم تمر هذه الحرب بجانبهم أبداً…
سواء كانوا أصحاب البزنس أو المستفيدين منه….
هناك من يصحح هذا الكلام، و يقول انها قد تكون مرت بجيوبهم…
هذا العمل ليس له من نتيجة إلا ترسيخ فكرة أنه صار هناك (نحن) و (هم)..
على فكرة تكلّف القطة في هذا المنتجع ماقيمته اخضرين في اليوم، هذا يعني 60 في الشهر…
هل خطر على بالكم شيء ما؟..
أنا عن نفسي، قد خطرت على بالي مقاربة مضحكة، القطة الواحدة تساوي سبع مهندسين، أنا هنا أتحدث عن القطط بالمعنى الحرفي للكلمة، وليس عن تلك (القطط) إياهن…
الواحدة من تلك (القطط) أياهن تكاد تساوي كل النقابة….
إحدى هذه (القطط) إياهن ستحيي حفلة من (الطرب الاصيل)، سيكون سقف مفردات اغانيه كلمة (واطي)، وذلك في إحدى المنتجعات في اللاذقية، ماستحصل عليه من تلك (الهمروجة) هو راتبي كمهندس لاكثر من 80 سنة…
هل من داعي لاخبركم إن البطاقات قد بيعت بالكامل؟؟….
تسألون من اشتراها؟..
اصحاب تلك القطط اعلاه…
أولئك الذين لم تمر الحرب بجانبهم…
أولئك الذين مرت الحرب في جيوبهم….
اولئك الذين لن تجد من بينهم احد قد خرج من بيته نعش شهيد، أو يوجد في بيته سرير جريح، أو تجد على حبل الغسيل عنده بدلة عسكرية…
لاداعي أن ينط أحد ما ويقول إن هذا مفيد للاقتصاد…
أين هو هذا الاقتصاد؟…
اين عوائده للناس؟…
قد يقول البعض أن بعضهم يعملون خدماً أو حرساً في تلك المنتجعات….
إن تلك المنتجعات توفّر فرص عمل…
أهذا هو سقفنا؟؟!!….
خدماً او عبيد….
عدا عن ذلك، اين تذهبون بكل ذاك القهر والغيظ والكمد، أن يعرف أولئك البؤساء، أن ماتنفقه احداهن على أظافر قدميها لحضور إحدى هذه الحفلات، يعادل مصروف عائلة بالكامل في شهر؟!…
من هي هذه؟…
جماعة القطط اعلاه، السوريون الجدد…
على فكرة هؤلاء البؤساء إياهم، هم من كانوا على تخوم المدن، خلف المتاريس، في الخنادق، يجابهون مغول هذا العصر، حتى تستطيع هذه (القطة) وغيرها من (القطط) أن تتناول قهوة الصباح….
ذات يوم، مساءً، ومن مكان عالٍ في أحد القرى، كان يظهر أمامي أحد المجمعات السياحية، كانت الأضواء والأصوات تلعلع فيه، واضواء الليزر منه تخترق عنان السماء…
بيني وبين ذاك المنتجع كانت، مسافة بضعة كيلومترات، وكانت مساحات شاسعة من الظلام…
ظلام يخنق كل تلك القرى، يخنق آلاف البيوت، وفيها ومنها خرج آلاف الشهداء، ولم يبق من ذكراهم إلا بقايا صور، وآهات ولعنات، وشعارات وخطب رنانة ومنابر….
ألاف البيوت فيها مافيها من آلاف الجرحى، اولئك الذين لم تترك لهم حياة تلك القطط وتصرفات أولئك الضباع إلا بقية حياة عنوانها الندم……
أتدرون أكثر مايقتلهم؟….
نظرات الشفقة…
بالله عليكم ، مابال هذه البلاد تتحول إلى جزر معزولة وكأنها بضعة من دبي، وبقيتها مساحات واسعة من مخيمات الذل والقهر والفقر والجوع؟؟……
أهذا جزاء هولاء؟…
أن تلك الحرب يجب أن تشطب من الذاكرة بما فيها من حملوا أعباءها على أكتافهم؟….
ثم من قال لكم أن هذه آخر الحروب؟؟…
إذاً خذوا علماً أيها السادة، عندما تهب الرياح، وحدها اكياس الزبالة تغير مكانها….
وفي رواية أخرى القطط والضباع…
تسألون عن الأشحار؟….
الأشجار تموت واقفة في مواجهة الرياح، أو تقتلعها الرياح من جذورها …
هل كنتم تعرفون أنني كنت لمدة عشرة سنوات محاضراً في جامعة طرطوس؟…
إليكم معلومة جغرافية على سبيل الزاد الثقافي….
هل تعرفون كيف تتشكل السيول في الصحراء؟…
السيول في الصحراء تجري لمرة واحدة في السنة، يحصل هطل مطري شديد وبشكل مفاجيء، ينتج عنه كميات كبيرة جداً من المياه، تتشكل بشكل سريع سيول عارمة وجارفة، تجتاح كل شيء في طريقها، تزداد قوتها مع تقدمها، نتيجة الكميات الهائلة من الأتربة التي تجرفها في طريقها، تستمر هذه السيول لفترة قصيرة جداً لاتتعدى بضعة ساعات، وتتوقف، ولكن بعد أن تكون قد غيرت كل معالم المناطق التي مرت بها وخربتها….
الكلمات ترتجف، اليدان ترتجفان، الزمن يرتجف….
ياسيدي أبو ذر، أين انت؟؟!!…
(سيرياهوم نيوز ١-الكاتب)