آخر الأخبار
الرئيسية » كلمة حرة » متى ستَتغيَّرُ الأَحوالْ؟!

متى ستَتغيَّرُ الأَحوالْ؟!

 

بقلم:أحمد يوسف داود

 

في أَواخِرِ حُكمِ دَولةِ (العُثمَلِّي)، أَو أَوائِلِ حُكمِ الانتِدابِ الفَرنْساويِّ على سوريةْ، وُلِدتْ فِكرةُ دَفعِ رَسمٍ ماليٍّ على كلِّ منْ بَلغَ الثّامِنةَ عَشْرةَ منَ العُمر، ويَسيرُ على أيٍّ منَ الطُّرقِ

المُعبَّدَةِ أَو غَيرِ المُعبّدةِ التي تَمّ شَقُّها من قِبَلِ مَنْ تَمَّ إِجبارُهُمْ على العَمَلِ في ذلكَ: سُخرَةً دونَ دَفعِ قِرشٍ واحدٍ لأيٍّ مِمّنْ أُجبِروا على العَملِ في فَتحِها بالقوّةِ!.

ولم يَكنْ عَرْضُ أيِّ طَريقٍ يَصِلُ الى أَكثرَ من مِترينِ ونِصفِ المِترِ إلّا نادِراً، وكانَ للسُّلطَةِ حَقُّ استيفاءِ رَسمٍ مِنْ كلِّ يُضبَطُ سائِراً عَليْها، أو إٍنّهُ يُحبَسُ أَيّاماً قَبلَ إِطلاقِ سَراحِهِ، حَيثُ كانَ عَلَيهِ القِيامُ بخِدمَةِ (الزّبطِيَّةِ) في أيّامِ (العثملّي) أوِ (الجَندِرما) في أيّامِ (الفَرَنساوي)، ثُمّ تَلاشَتْ تلكَ الحالُ تدْريجيّاً: رُبَّما بِتدَخُّلٍ من قِبلِ زُعَماءِ العَشائِرِ، أو بتَأْثيرِ الثَّوراتِ الّتي تَوالى انْدِلاعُها ضِدَّ (الفَرنساوي) حتّى نُشوبِ الحربِ العالَميّةِ الثانيَةْ، وحُصولِ سوريَّةَ على الاسْتِقلالْ بعدَ ذلك بأقلَّ من عام!.

لكنَّ إِذْلالَ الفُقَراءِ في كَثيرٍ مِنْ مَناطِقِ السّاحلِ والدّاخِلِ ظَلّ قائِماً حتّى وَقتٍ مُتَأَخِّرٍ من أَعوامِ الخَمسيناتْ. وأَذكُرُ حتى الآنَ مَشاهِدَ نِسوَةِ القُرى وَهنَّ يَحمِلنَ الحَطبَ الى رِجالِ الدَّركِ السُّوريّينَ، ومشاهد الرِّجالِ الّذينَ يَسوقونَ الدَّوابَّ التي تَحمِلُ التّبنَ وما يُجمَعُ مِنْ شَعيرٍ إلى مَخافرِ الدّرَكِ، وغيرَ ذلكَ مِمّا لايُمكِنُ نِسيانُهْ!.

واستَمرَّ دَفعُ الرُّسومِ على من لَدَيهِ غَنمٌ أَو ماعِزٌ إِلى نَحوِ مُنتَصَفِ خَمسيناتِ القَرنِ الماضي، ناهيك عن (واجبِ!) حمل التّبنِ إلى خيولِ الجَندرْما أوِ (الدّركِ) ورُؤَسائِهمْ.. وناهيكَ عنْ حَمْلِ الحَطبِ على رُؤوسِ النِّساءِ إِلى جِوارِ بُيوتِهِم وبُيوتِ بَقيّةِ (الآغواتِ والبيكَواتِ) وكلِّ من لَهُ (كَلِمةٌ) عندهم، كما كانت الحالُ قبلَ الاستِقْلالْ..

حيثُ استَمرَّ ذلكَ أَيضاً إِلى نحوٍ من أَواسِطِ خَمسينيّاتِ القَرنِ الماضي، في بَعضٍ منَ الأَريافِ على الأقلّْ!.

وإذا حاوَلْنا أنْ نَقيسَ ذلكَ كلَّه بِما يَجري الآنَ فإنّنا نَجدُ أنَّ أمورَ الفُقَراءِ الآنَ قد سارتْ أَخيراً إلى ماهوَ أشدُّ سوءاً، مع أَخْذِ أُمورِ التَّطوُّرِ وما كانَ يَجبُ أَن يَفرِضَهُ منْ تَحسُّنٍ مُستَمرٍّ بِعَينِ الاعتِبارْ!.

فالآنَ صارتِ الغالِبيَّةُ من السّوريِّينَ في أَدْنى سُلَّمِ حُدودِ الفَقرِ المُدقِعْ، عَبْرَ مَصائِرِ (التّطوُّرِ الزّائفِ) الذي كُشِفَ قِناعُهُ حتّى إنّهُ قد صارَ أَمرُ الحُصولِ على طَعامِ اليَومِ الواحدِ مُحتاجاً إلى مايُشبِهُ المُعجِزةْ!.

وَقد تَكاثَرَ مَنْ يُسمَّونَ بالعامِّيّةِ “لَقلاقينَ” لَدى كُلِّ مَنْ هُمْ في صَدارَةِ أَدنى المَفاصِلِ السُّلطَويَّةْ: مِمّنْ يُفتَرَضُ أَنْ يَكونوا مُهْتَمّينَ بِكُلُّ الأُمورِ الّتي تُوفّرُ حُسنَ سَيرِ الشّأْنِ العامِّ للشّعبِ عُموماً.. أَقولُ: صاروا مُجَرَّدَ “جَمّاعينَ” لِما يَفرِضونَهُ كإِتاواتٍ لمَنْ هُمْ فَوقَهم في “التَّراتُبِ السُّلطَويِّ” شِبهِ المُعمَّمِ تَقريباً!.

وبالطَّبعْ، كانَ لِهذا دَورٌ هامٌّ في تَعميمِ الفَسادِ إِجمالاً، والأمثِلةُ أَكثَرُ مِنْ أَنْ تُحصى في واقِعِنا الذي صِرنا نَعيشُهْ، وَهْوَ مِمّا لايُ لِأَحدٍ نُكرانُهْ!.

ففي الحَقيقَةِ أنَّ التّخريبَ غير المَنظورِ – أو ربّما غَيرِ المَسؤولِ – قد أَوصلَ الحالَ إلى ما صارتْ إلَيهِ الآنْ!.

و(لِله الأَمرُ مِنْ قبلُ ومِنْ بعدُ) ونَسألُهُ تَعالى حُسنَ الخِتامْ.

(سيرياهوم نيوز1-خاص بالموقع)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

السورية للتجارة .. على سن ورمح ..؟! 

    سلمان عيسى   بعد ان علمنا ان السورية للتجارة، قامت بتأجير براداتها الى تجار الثوم، صار بإمكاننا ان نقول ان السورية للتجارة هي ...