شهد يوم أمس تصعيداً غير مسبوق في وتيرة الغارات الإسرائيلية على مختلف أنحاء قطاع غزة. ومنذ ساعات الفجر، شنّ طيران العدو غاراتٍ هستيرية، أبرزها استهدفت خان يونس جنوباً وجباليا شمالاً، موقعة أكثر من 121 شهيداً، غالبيتهم من الأطفال والنساء، فيما بقي عشرات الضحايا تحت الركام، ولم تقوَ طواقم الإسعاف على الوصول إليهم بفعل القصف المستمرّ وتعطيل عمل الطواقم، وفقاً للمتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل.
وفي جباليا، ارتكب جيش الاحتلال مجزرة مروّعة استهدفت عيادة «التوبة»، وأسفرت عن استشهاد 15 مدنياً بينهم 11 طفلاً وامرأة. كما استُشهد ثلاثة أطفال أشقاء في مخيم جباليا بعدما دُمّر منزلهم على رؤوسهم، بينما طاولت غارة أخرى مجموعة من المواطنين قرب مدينة حمد شمال غربي خانيونس، ما أدّى إلى ارتقاء شهيد وسقوط عدد من الجرحى. وطال القصف أيضاً مناطق السكة شرقي جباليا، والكرامة شمال غزّة، وبيت لاهيا، والقرارة، والمغازي، ودير البلح، والرملي، والبشير، والتوام، والسنافور، وحي التفاح، والعطاطرة.
وتحوّلت تلك المناطق إلى مربّعات استهداف متواصل، من الجوّ والمدفعية والطيران المروحي. كما وثّقت الطواقم الطبية قصفاً طال مباني سكنية في شارع غزة القديم، وخيمة للنازحين قرب نادي بيت لاهيا، ومنزلاً من طبقات عدّة لعائلة «البنا» في القرارة، وآخر لعائلة «أبو لحية» في المنطقة نفسها.
وفي ذروة القصف، ارتكب العدو مجزرة جديدة في منطقة مواصي خانيونس، حيث انتشلت الطواقم شهيداً وعدداً من المصابين من بين أنقاض مخيم طبريا، بينما كانت بيت لاهيا تحت نيران المدفعية، وسط إطلاق قنابل دخانية خلّفت حالات اختناق جماعية في محيط شارع عباس كيلاني. ولم يوفّر العدو المرافق الطبية، إذ تعرّضت عيادة القرارة التابعة لـ«الهلال الأحمر» لأضرار جسيمة أوقفت عملها، في وقتٍ أُعلن فيه عن خروج مستشفى «غزة الأوروبي» من الخدمة بعد استهداف محيطه بغارة مباشرة.
أُعلن عن خروج مستشفى «غزة الأوروبي» من الخدمة
ومع عجز الطواقم عن انتشال الضحايا، يستمرّ عدد الشهداء في الارتفاع، متجاوزاً الـ53 ألفاً منذ بدء العدوان، من بينهم 2876 شهيداً سقطوا منذ 18 آذار فقط، حسبما أعلنت وزارة الصحة في غزة. وبدوره، أشار المدير العام لـ«مجمع الشفاء الطبي» إلى أن القدرة الاستيعابية للمستشفيات باتت معدومة، وسط وصول متواصل لعشرات الجرحى في كلّ ساعة. أما مستشفى «غزة الأوروبي»، فخرج من الخدمة نهائياً، فيما أكّد مدير قسم الأطفال والولادة في «مستشفى ناصر» أنّ «أكثر من 15 ألف مصاب بحاجة إلى علاج فوري خارج القطاع».
وفي الموازاة، حذّرت المتحدثة باسم «الأونروا»، إيناس حمدان، من أن ربع سكان غزة سيواجهون خلال المدة ما بين أيار وأيلول المقبلين «جوعاً كارثياً» وفقاً لتصنيف «المرحلة الخامسة»، من انعدام الأمن الغذائي، وهي الأعلى. وقالت إنه «من المتوقع أن يحتاج 71 ألف طفل، وأكثر من 17 ألف أم، إلى علاج فوري من سوء التغذية الحادّ»، لافتة، في الوقت نفسه، إلى أن «70% من قطاع غزة إما داخل المناطق العسكرية الإسرائيلية أو تحت أوامر التهجير القسري أو كليهما».
في المقابل، نشرت «كتائب القسام»، أمس، مشاهد من كمين «أسود المنطار» الذي استهدف جنود العدو وآلياته في حي الشجاعية شرقي غزة، في الـ25 من الشهر الماضي. وأظهرت المشاهد التي وثّقت تسلّل قوة صهيونية إلى أحد المنازل، لحظة مباغتتها بإطلاق نار من نقطة صفر ما أدّى إلى مقتل جنديّين، وفقاً لاعترافات العدو. كما نفّذ أحد المجاهدين عملية قنص لدبابة أدت إلى «تفجير رأس جندي» كان يعتليها، وفقاً لـ«القسام». وفي تعليق سابق، وصفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، الكمين، بأنّه «الأعنف منذ استئناف القتال»، لافتة إلى أن عملية إخلاء الجرحى استمرّت «لمدة ساعتين تقريباً».
أخبار سوريا الوطن١-الأخبار