عبد اللطيف شعبان
نظراً لما هو موجود من خلل قديم في الدعم العيني، والذي تجلى بحصول بعض أولئك المفترض ألا يكون هذا الدعم من حقهم، أو من هم ليسوا بحاجة فعلياً لهذا الدعم من هذه المادة أو تلك، أو بعض من لا يستخدمون فعلياً المادة كلياً أو جزئياً، وقد ظهر ذلك من خلال امتلاء السوق التجاري بعرض الكثير من هذه المواد المدعومة للبيع، عدا الكثير الذي تم تداوله داخلياً بين بائع المادة ومشتريها مباشرة أو عن طريق وسيط تجاري داخلي بينهما، ويكاد الأمر ينطبق على جميع المواد المدعومة من دون استثناء، عدا ما نجم – وما زال بنجم – عن هدر استهلاكي للعديد من المواد المدعومة، نتيجة انخفاض سعرها.. لقد خسر الاقتصاد الوطني الكثير الكثير نتيجة هذا الدعم غير المدروس والذي استمر لعقود..!. لقد تم مؤخرا الحد جزئياً من هذا الخلل والخسائر المشكو منهما، إثر استخدام البطاقة الذكية لبعض المواد، وحجب الدعم عن فئات معينة، ولكن الخلل لا زال قائماً بشكل مفضوح، ويتجلى ذلك في مواد المحروقات، كما أن وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك ” د.عمرو سالم ” كشف قبل أيام بأن الدولة لم تحقق أي عائد من رفع الدعم عن بعض الشرائح، وإنما خفّفت العجز والخسارة فقط، مشيراً إلى أنه يجري العمل على تغيير طريقة الدعم، ليصبح نقدياً أو قيمة مادية توضع في البطاقات لشراء المواد بكميات أكبر، وفي حال نجحت سيشعر المواطنون بالفرق، والعمل مستمر على هذا الأمر بأسرع ما يمكن. هذا الدعم النقدي المطروح رسمياً هذه الأيام، والذي مازال رهن احتمال نجاحه أو عدمه، كان قيد اقتراح ومطالبة الكثير من الاقتصاديين والإعلاميين والمواطنين منذ سنوات خلت، ولكن الحكومات المتعاقبة لم تستجب لهذا الطلب، وربما لم تحسن تفهمه والإعداد له، وعلى الحكومة الحالية التي تعد له، أن تحدد بشكل أولي المستحقين /المحتاجين فعليا لهذا الدعم/، والأفضل أن يكونوا على مستويات متعددة، فالشريحة الأكبر من المواطنين تحتاج الدعم، ولكن ليس بنفس السوية للجميع، ما يجعل من الضروري تقسيم الشريحة إلى شرائح ثلاث على الأقل، وفق معايير مدروسة ومعتمدة، مع الأخذ بعين الاعتبار دخول مستحقين ومحتاجين جدد بشكل متتابع، وجواز دخول جُدُد من غير المدعومين لظروف تعرضوا لها، وأيضاً جواز خروج بعض من هم في الشرائح المدعومة حالياً نتيجة مستجدات (ارتفاع دخلها أو … ) أوجبت ذلك. الشيء المهم الأهم، الذي يجب ألا يغرب عن أذهان المعدين للدعم النقدي، ضرورة استمرارية تمكين المدعوم نقداً من شراء المواد المدعومة بنفس المبالغ المخصصة لها ماليا مادة مادة، مع ضرورة زيادة هذا المبلغ تتابعياً عقب كل زيادة في أسعار السلع المدعومة، وضمان وجود هذه السلع أمامه في السوق متى احتاج تسوقها، إذ ما الفائدة من وجود المبلغ المادي ما لم تتوفر السلع المخصص لها، وبنفس الوقت الحذر كل الحذر من تمكين المتاجرين من شراء السلع المتوفرة في السوق، وإعادة ضخها بأسعار سوق سوداء، مع الأخذ بعين الاعتبار أن نسبة غير قليلة من المواطنين قد لا يخصصون الدعم النقدي الذي حصلوا عليه لشراء بعض السلع المدعومة المخصص لها المبلغ. خلاصة القول للدعم النقدي محاذيره أيضاً، على غرار محاذير الدعم العيني، والمزيد من الحكمة مطلوب في كلا الحالتين، وتبقى الظروف الاقتصادية الضاغطة حالياً توجب ضرورة توفر استمرارية الدعم بهذه الحالة أو تلك. عبد اللطيف عباس شعبان / عضو جمعية العلوم الاقتصادية السورية
(سيرياهوم نيوز6- صحيفة البعث 30 / 8 / 2022)