واشنطن – (أ ف ب) – حصد أليكس جونز الشخصية اليمينية المتطرفة في الولايات المتحدة، الملايين عبر بث أكاذيب في إطار نظريات مؤامرة ساعدت على زيادة مبيعاته من منتجات، مستغلا بيئة معلوماتية يقول الخبراء إنها تجعل من المعلومات المضللة تجارة مربحة.
وكان حكم على أليكس جونز بدفع حوالى مليار دولار كتعويض لأسر ضحايا مجزرة في مدرسة أسفرت عن مقتل عشرين طفلا وستة بالغين، لإنكاره حقيقة الوقاع وألحاقه معاناة أخلاقية جراء تصريحاته المضللة.
وصدر هذا الحكم بعدما ادّعى صاحب موقع “إنفو-وورز” أن أقارب الطلاب والموظفين الذين قُتلوا في 2012 في مدرسة ساندي هوك في ولاية كونيتيكت كانوا ممثلين وعملية القتل نفذها معارضون لحيازة الأسلحة النارية. وانتشرت نظرية المؤامرة هذه على الإنترنت.
وكشفت دعاوى تشهير ضد جونز في تكساس وكونيتيكت، عن التحدي المتمثل في كبح المعلومات المضللة على الإنترنت حيث ينتشر محتوى خاطئ ومثير للفتنة بشكل أسرع وبتشارك أكبر ويولّد إيرادات أعلى من الحقيقة.
وقال داني روجرز الشريك المؤسس للمركز غير الربحي “المؤشر العالمي للتضليل” لوكالة فرانس برس إن “النموذج الحديث للأعمال التجارية عبر الإنترنت يعتمد على بناء جمهور ثم تحقيق دخل من هذا الجمهور من خلال إما إعلانات أو بيع بضائع أو تبرعات مباشرة”.
ad
وأضاف أن “أليكس جونز أتقن تطبيق هذا النموذج عبر الترويج لأكثر الروايات مناقضة للوقائع بشكل نظريات مؤامرة خبيثة وغضب جامح، وبناء جمهور متقبل ثم إغراق ذلك الجمهور من أجل الربح”.
وجمع جونز الذي عاد إلى دائرة الضوء هذا الأسبوع عندما أعلن مغني الراب كانييه ويست إعجابه بأدولف هتلر في برنامجه، ثروة بحسب خبراء من خلال الجمع بنجاح بين نظريات مؤامرة وبضائع ومكملات غذائية يبيعها في متجره “انفو وورز”.
وروج جونز لمكملات حيوية للذكور ومعززات لهرمون التستوستيرون وهو يؤكد في الوقت نفسه أن الحكومة تعمل على تخنيث الرجال أو تحويلهم إلى مثليين باستخدام مواد كيميائية ملوثة.
واتهم الحكومة بأنها وضعت عمدا الفلورايد في مياه الشرب بينما يبيع متجره معجون أسنان خالٍ من الفلورايد.
وقال إن جمهوره يستطيع النجاة من سيناريوهات يوم القيامة المختلفة عبر شراء منتجات أخرى يمكن أن يوفرها متجره مثل طعام قابل للتخزين ودروع واقية للجسم وحتى مكونات بنادق يدوية الصنع.
– إفلاس –
ويملك جونز ثروة لا يعرف حجمها. لكن خبيرا اقتصاديا في الطب الشرعي قال خلال المحاكمة في تكساس إن الثروة الصافية التي جمعتها شركته و”فري سيستم سبيتش”، الشركة الأم لموقعه، تتراوح بين 135 مليون دولار و270 مليونا.
وعندما دان المحاكمات التي اعتبرها اعتداء على حرية التعبير، قال جونز إن لديه القليل من المال لدفع التعويضات وناشد جمهوره مرارا التبرع بأموال.
وقال “مركز قانون الفقر الجنوبي” غير الربحي في أيار/مايو إنه أثناء مواجهته قضايا التشهير، أرسل متبرع مجهول مبلغا من العملة المشفرة بيتكوين لشركة جونز بقيمة ثمانية ملايين دولار.
وأعلن جونز هذا الأسبوع إفلاسه في ولايته تكساس، مؤكدا أن التزاماته تجاوزت أصوله التي كانت تتراوح بين مليون دولار وعشرة ملايين دولار.
وأعلنت شركة “إنفو-وورز” إفلاسها في نيسان/أبريل بينما قدمت “فري سبيتش سيستمز” طلبا بوضعها تحت قانون الإفلاس في تموز/يوليو.
وذكرت صحيفة واشنطن بوست الشهر الماضي أن جونز حول ملايين الدولارات من “فري سبيتش سيستمز” إلى شركات يسيطر عليها هو أو أفراد عائلته، مشيرة إلى أنها استندت إلى سجلات مالية.
وقالت أسر ضحايا مجزرة ساندي هوك في نيوتاون بولاية كونيتيكت إن جونز يحاول إخفاء ثروته لتجنب دفع تعويضات.
وحكمت هيئة محلفين في ولاية كونيتيكت في تشرين الأول/أكتوبر بـ965 مليون دولار لأقارب ثمانية من ضحايا ساندي هوك وموظف في مكتب التحقيقات الفدرالي. وأصدر قاض في وقت لاحق حكما على جونز بدفع مبلغ إضافي قدره 473 مليون دولار كتعويضات عقابية.
وفي محاكمة منفصلة، أمرت هيئة محلفين في تكساس جونز بدفع حوالى خمسين مليون دولار كتعويض لزوجين قُتل ابنهما البالغ من العمر ست سنوات في إطلاق
إطلاق النار في المدرسة.
ورفضت الشركة الأم وجونز نفسه الإدلاء بأي تعليق.
– “دمروا الجميع” –
تقول عائلات ضحايا إطلاق النار في المدرسة إنها واجهت مضايقات وتهديدات لسنوات من مؤيدين لجونز، بما في ذلك ظهور غرباء في منازلها لمواجهتها وإساءات على على الإنترنت. حتى أن بعضها تحدث عن تهديدات بالاغتصاب والقتل.
وقال بيل ألدنبر من مكتب التحقيقات الفدرالي في شهادة مؤثرة خلال المحاكمة في كونيتيكت في أيلول/سبتمبر “قُتل أطفالهم. رأيت ذلك بنفسي”.
وأضاف أن “هؤلاء الأشخاص (جونز وشركته) كسبوا الملايين والملايين. دمروا الجميع ولا يهتمون”.
وكشفت بيانات مبيعات “انفو وورز” زيادة كبيرة في المبيعات بعد أن نشر جونز كذبة جديدة حول إطلاق النار على المدرسة.
وفي 25 ايلول/سبتمبر 2014 عندما قال كذباً أن تقرير مكتب التحقيقات الفدرالي أظهر أنه “لم يمت أحد في 2012 في ساندي هوك”، ارتفعت العائدات اليومية لموقعه إلى أكثر من 230 ألف دولار، حسب بيانات نشرها موقع هافنغتون بوست.
في اليوم السابق وقبل أن يروج لهذا الادعاء، لم يحقق الموقع سوى 48 ألف دولار.
وهذا يؤكد، برأي الخبراء، الحافز المالي لمنشئي المحتوى لنشر مواد تآمرية يمكن أن تنتشر بسرعة.
وقال روجرز إن “المشكلة الأساسية أكبر من جونز وهي في الحقيقة نموذج العمل نفسه وعوامله الخارجية السامة”.
وأضاف أن “هذا يخلق عالما كاملا من أليكس جونز يثير استقطابا في الخطاب العام ويزرع الخوف والغضب من أجل زيادة عدد النقرات وجمع المال”.
وتابع “ما لم يتغير هذا، سننتقل ببساطة من أليكس جونز إلى النموذج التالي ولن يتغير الكثير”.
سيرياهوم نيوز 4-رأي اليوم