عادل عبد الله- غصون سليمان – يحيى الشهابي:
الحديث عن موضوع فيروس كورونا المستجد كوفيد- 19 بات الشغل الشاغل لمعظم المجتمعات، حيث كثرت الأقاويل والشائعات حوله إيجاباً وسلباً.. ما جعله يتصدر يوميات حياتنا أفراداً ومؤسسات، فالصحة هي تاج الأمنيات والرغبات في ظروف تداعيات الحرب القاسية التي ولدت الكثير من الويلات على جميع المستويات وفي مقدمتها القطاع الصحي، وكأنه لم يكن ينقصنا إلا وباء عابر للدول والشعوب.. ما زاد الضغط والأعباء على المواطن نفسياً وجسدياً.. لكن طاقات الفرج دائماً يفتحها السوريون من خلال بوابات الإبداع والتفاني في العمل والقدرة على تجاوز جميع الصعوبات بعمق الحب والانتماء لوطن الشمس سورية..
في اللقاء المفتوح مع مدير المشافي في وزارة الصحة الدكتور أحمد ضميرية كانت التفاصيل أكثر اطمئناناً في إجاباته على أسئلة الواقع وهمومه حول حقيقة مدى تزايد وانخفاض معدلات الإصابة بمرض فيروس كورونا المستجد كوفيد- 19 عند الصغار والكبار، والاستجابة والتصدي الصحي له.. بعيداً عن التهويل والتخويف ونشر حالة القلق دون دراية بضرورة اللجوء إلى المصادر الموثوقة عند الجهات المعنية.
مستقبلات الفيروس التاجي..
بداية أوضح الدكتور ضميرية أنه عندما يشعر الشخص بأي حالة عرضية من خلال أعراض مرض ما فأول ما يلجاً إليه هو الذهاب إلى الصيدلة أو مركز صحي أو إلى طبيب مقرب ربما لتوفير الكشفية.. وهذا ينطبق على مريض فيروس الكورونا الذي له أعراض غير ثابتة، فهي أحياناً صدرية أو هضمية أو عصبية وغير ذلك.. فما رأيناه من خلال متابعاتنا قد يأتى على جميع أعضاء الجسم.
مبيناً أن شكل الفيروس الكروي التاجي له مستقبلات موزعة على جميع أعضاء الجسم، إذا استقبله مستقبل عصبي يفقد حاسة الشم والذوق، والشعور بوهن عصبي، أما إذا دخل الفيروس إلى مستقبل هضمي فتصبح أعراضه (إسهالات وغثيان ونقص شديد بالشهية والطعام)، وفي حال المستقبل الرئوي الصدري تكون ضيقة النفس ونقص بالأكسجة.. مشيراً إلى أن هناك أناساً يصابون صدرياً ويتحسنون فيما البعض الآخر على عكس ذلك، وهذا سببه عدم أخذ المشورة الطبية باكراً، ولذلك فإنه من الضروري أخذ المشورة الطبية في وقتها المناسب مع بداية الإصابة، وأخذ الإجراءات الوقائية (الكمامات والتعقيم والتباعد الاجتماعي).
وأشار إلى أن الإجراءات الاحترازية التي رافقت بداية ظهور المرض على مستوى العالم مع الشهر الرابع من العام 2020، حيث لوحظ أنه أكثر من مليار طالب مدرسي على مستوى العالم أصبحوا خارج مقاعد الدراسة وقت ذاك بهدف تقليل الانتشار، إذ كلما زاد الانتشار تزداد أعداد الإصابات خاصة عند المضعفين مناعياً، وهم المصابون بالأمراض المزمنة خاصة (الضغط غير المضبوط، السكري، الأورام.. )، فإذا كان من كل مئة شخص 1,5 مصاب فإنه تزداد أعداد من هم بحاجة إلى المشافي.. كما حصل على مستوى دول أوروبا.
محطات توليد أوكسجين..
وذكر أن هدف وزارة الصحة أن يكون هناك سرير مشفى لكل 600 مواطن، وسرير عناية لكل عشرة أَسرة في المشفى، وهذا هو الإجراء الصحي المعتمد بالنسبة لعدد السكان، مشيراً هنا إلى أن جميع المشافي والهيئات العامة مزودة بمحطات توليد أوكسجين وخزانات، إضافة إلى الأسطوانات الاحتياطية تلافياً لحدوث أي طارئ في ظل جائحة كورونا.
ونوه بأن المنحنى البياني لفيروس كورونا الآن في سورية متسطح، موضحاً أنه منذ عشرة أيام انخفض عدد الحالات المصابة بالفيروس، فبعد أن كانت 70-80 إصابة في اليوم الواحد، تراجعت إلى 60 لمدة ثلاثة أيام، وبعدها عادت إلى 70 إصابة، فالمرض يحدد ذاته خلال 14 يوماً إما أن يتفاقم أو يتراجع.
ولم يغفل الدكتور ضميرية في حديثه عن تفاني الكوادر الصحية والخدمات المقدمة للمواطنين وحجم الجهود الكبيرة التي تقدم بعناية وحرفية ومهنية.. على سبيل المثال لا الحصر مشفى ابن النفيس الذي يعمل كخلية نحل بخدماته المجانية على مدار الساعة.
مشيراً إلى أنه عند حدوث جائحة فيروس كورونا فقد أصبحت الحاجة لعدد كبير من أسرة العناية، وإذا كان السؤال هل نحن في وضع آمن في مرحلة الاستجابة للفيروس باتجاه عدد الإصابات وخاصة الشديدة منها، فإن عدد المنافس وغرف العناية متناسبة في القطاع الصحي ومختلف الجهات المعنية بالشأن الصحي إلى حد كبير مع عدد السكان.
غرف العناية والمنافس متناسبة عالمياً
وإلى الآن لم نصل إلى مرحلة الخطر بالنسبة للمشافي العامة والخاصة والمراكز الصحية ووقف عملها الطبي لمريض فيروس كورونا فقط، فكانت خطة الإدارة من ثلاث مراحل وهي أ و ب و سي، حيث كانت الخطة أ تخصيص قسم من المشافي للعزل، فيما الخطة ب تخصيص قسم أكبر من المشفى، مثلاً طوابق منها، أما الخطة سي فكان تخصيص المشفى بشكل كامل لمرضى فيروس كورونا المستجد..
مؤكداً أننا لم نحتج حتى الآن إلى وضع أجهزة التخدير والمنافس في غرف العمليات لصالح مرضى فيروس كورونا، متمنياً ألا نصل إلى مرحلة الانفجار الوبائي والحاجة إلى عدد إضافي من أَسرة العناية.. منوهاً بأن عدد المنافس وغرف العناية لدينا شبيهة بعددها في إيطالياً بالنسبة لعدد السكان.
وأضاف أنه تم مؤخراً تخصيص مشفيي الشرطة وجراحة القلب في المواساة لصالح خدمة مرضى فيروس كورونا وهي ضمن الخطة سي، وذلك لزيادة عدد الإصابات، كما تم وضع مشفى للطوارئ في مدينة الفيحاء الرياضية وتخصيصها ب 120 سريراً لمن يلزمه دعم بالأوكسجين والعناية بالمرضى.
تطور مراحل الفيروس..
وتحدث الدكتور ضميرية عن مراحل الموجات الوبائية للفيروس في سورية، ففي الشهر الثامن من العام الماضي كانت الموجة الأولى للفيروس، وخلال الشهر العاشر والحادي عشر حدثت الموجة الثانية، وخلال الشهر الأول والثاني من هذا العام كانت الموجة الثالثة، والآن نحن في الموجة الرابعة.
واستعرض كيفية تطور الفيروس منذ اللحظة الأولى في ولاية ووهان في جمهورية الصين وانتقاله بعد عشرين يوماً إلى دول أوروبا، وبعدها حدث هدوء نسبي للإصابات بالفيروس في الصين، ثم عاد أول تطور للفيروس في الصين، وخلال الشهر السابع من العام الماضي اكتشف في الدول الدول الاسكندنافية المرض وخاصة في الدانمارك وبمدن معينة من خلال حيوان (مينغ) الشبيه بالقطط، وتم إعدام 17 مليوناً منه، لأنه شكل مضيفاً مناسباً للفيروس، وبالتالي التخوف من التحور الكلي للفيروس ليصبح فيروساً آخر، وزيادة انتشاره وعدد الإصابات به.
وعن كيفية استقبال الجسم لهذا الفيروس أوضح مدير المشافي أن الجسم يتعرف على الفيروس في المرة الأولى ويدافع عن نفسه، أما عندما يتحور إلى نمط آخر وقد يصعب التعرف إليه، لافتاً إلى أنه في أواخر عام 2020 ظهرت إصابات كثيرة في جنوب شرق بريطانيا، وفي جنوب إفريقيا أيضاً، حيث تم تحور جزئي ثالث آخر، وخلال فحص الفيروس فإنه قد طور نفسه وكثرت تيجانه وأصبح بنمط آخر، وبالتالي فإنه من السهولة أن يتعلق بالمستقبل في الجسم سواء أكان طفلاً أم كبيراً.. موضحاً أن إصابات الأطفال خفيفة ومسيطر عليها.
تصنيف مرضى كورونا..
وأشار إلى أن مرضى فيروس كورونا يصنفون إلى إيجابي لا عرضي فهو يكون مصاباً بالفيروس ولكن لا تظهر عليه الأعراض، وأن نسبة هذا النوع هي 16-17% من السكان، منوهاً إلى أن هذا النوع ينقل المرض وينشره للآخرين من دون أن تظهر عليه أي أعراض للمرض كما حصل مع شخص وزوجته حيث تبين بعد إجراء المسحة أن الزوجة إيجابية من دون أعراض والزوج سلبية، مؤكداً على ضرورة الوقاية والالتزام بالإجراءات من تعقيم وارتداء الكمامة والتباعد.
والنوع الآخر إيجابي عرضي، فهنا تكون الإصابة مؤكدة والأعراض ظاهرة على الشخص.
وأضاف أن الفيروس دقيق جداً لا يرى إلا بالمجهر الالكتروني، وبالتالي يجب حماية العينين والأنف والفم واليدين الناقلات للفيروس، فالوقاية أفضل وأهم من الإصابة والعلاج، واعتماداً على ما ذكر من وجود بعض الثغرات فيما يخص الفيروس، فالشخص الإيجابي اللا عرضي لا نعرفه إلا إذا تم كشفه بالصدفة من خلال إجراء مسحة كالمسافرين ومن يحتاج إلى إجرائها.
وبالنسبة للعناية بالمرضى فيصنف ذلك حسب درجة الإصابة والأعراض التي تظهر عليه، ويتم التصنيف حسبها، فالمريض المثبت إصابته من خلال المسحة وتظهر عليه الأعراض بشكل كبير يحتاج إلى علاج تخصصي في المشفى حصرياً.
أما من كانت أعراضه متوسطة أو خفيفة فيفضل بقاؤه في المنزل مع وجود استشارة ومتابعة طبية لحالته وملاحظة تطور الأعراض لديه والعناية به من خلال الحجر المنزلي وإعطائه البروتوكول العلاجي المعروف، ومتابعة الأعراض الأخرى التي تظهر عليه من إسهال وإقياء وضيق النفس ونقص الشهية والأكل، ومعالجة ذلك من خلال الحمية والأدوية المناسبة لكل حالة.
وفي وضع الحالة الأشد من حصول السعال الشديد المتكرر فلا بد من قياس الأكسجة في الدم، وعند انخفاضها إلى أقل من 93 يتطلب الأمر نقله إلى المشفى للعناية والمراقبة، مشيراً إلى أن معدل الأكسجة الطبيعي هو فوق معدل الـ 94، وتحت 90 يحتاج المريض إلى المشفى والدعم بالأوكسجين والأدوية حسب البروتوكول العلاجي للحالة، مشيراً إلى أن الأدوية في البروتوكول هي متوفرة ومن إنتاج محلي.
اللقاح أحد أنماط الوقاية..
وحول ضرورة أخذ اللقاحات بالنسبة لمرض فيروس كورونا أوضح الدكتور ضميرية أن اللقاح نمط من أنماط الوقاية، ولا صحة لكل ما يشاع حول سلبية أو خطورة أخذ اللقاح وتأثيره على الجسم ووجود مضاعفات، مشيراً إلى أنه يوجد لبعض الأجسام حساسية من بعض أنواع الأدوية وتأثيرها على الشخص، على عكس الأشخاص الآخرين.. لافتاً إلى أنه شخصياً قد أخذ اللقاح من دون حدوث أي مضاعفات تذكر.. ومن الناحية العلمية فإنه ما بين 6 – 8 أشهر وبسبب تقادم مرور الوقت يتبين فعالية اللقاح، وما بين إصابة وأخرى على مستوى العالم.. مشيراً إلى أكثر من مليار ونصف من سكان العالم أصبحوا ممنعين من خلال أخذهم للقاح.
وأوضح أن وزارة الصحة حددت الفئات التي سيتم إعطاؤها اللقاح وهم العاملون الصحيون من لديهم تماس مباشر مع مرضى الكورونا من خلال عنايتهم وعلاجهم، إضافة إلى من أعمارهم فوق 55 عاماً، والمصابون بأمراض مزمنة، كما لحظ العاملين بالتماس المباشر مع الأشخاص من خلال تأدية عملهم كالمدرسين وعاملي الهجرة والجوازات، مبيناً أن اللقاح سيعطى بشكل مجاني وحسب الرغبة.
مليار و900 مليون جرعة عبر منصة كوفاكس..
وعن كيفية تأمين متطلبات الدواء بشكل كاف ذكر الدكتور ضميرية أنه يتم تأمين اللقاح عن طريق منصة كوفاكس والتي تضم 92 دولة، ومن المقرر بنهاية عام 2021 أن يوزع مليار و900 مليون جرعة على الدول المنضوية تحتها.
وأوضح مدير المشافي أنه لا يتم إعطاء اللقاح للأشخاص إلا بعد إجراء الفحص الدقيق والتخصصي والتأكد من عدم التحسس من أي دواء أو لقاح، والإجابة عن الأسئلة الطبية المتخصصة بذلك من ناحية وجود أي مرض أو أعراض سابقة، لأنه قد يكون ضعيف المناعة تجاه اللقاح.
الشائعات للإحباط فقط..
وفي إطار تأثير الشائعات على علاج مرضى فيروس كورونا أشار مدير المشافي إلى أن لها مضاعفات على صعيد النفس والعزيمة والقدرة على الشفاء، ولكنها ليست بحاجة إلى أدوية نفسية وإنما إرادة وقناعة الأشخاص والمحيطين بهم.. ومتابعة التعليمات والإجراءات الوقائية والعلاجية السليمة من خلال متابعة الأخبار الطبية الصحيحة من مصادرها الموثوقة عبر (وزارة الصحة- ومنظمة الصحة العالمية) التي تؤكد عليها الجهات المعنية من إعلام وصحة.
تداعيات الحصار الجائر..
وحول تأثير الحصار الاقتصادي أحادي الجانب الجائر والعقوبات الظالمة على سورية وانعكاسها على الواقع الصحي بين مدير المشافي أن المعاناة تكمن بنقص قطع التبديل للأجهزة الطبية وإجراء الصيانات الدورية اللازمة لها والمكلفة جداً، إضافة إلى صعوبة توريد المواد الأولية للأدوية والأجهزة الخاصة بعناية المرضى، منوهاً بأن ترميم ذلك يتم من خلال الكوادر الوطنية والإنتاج المحلي وما تقدمه الدول الصديقة والمبادرات الوطنية من الجالية السورية في المغترب.
سيرياهوم نيوز 6 – الثورة