آخر الأخبار
الرئيسية » يومياً ... 100% » مرسوم العفو العام والواجبات الشخصية

مرسوم العفو العام والواجبات الشخصية

 

 

بقلم د. حسن أحمد حسن

 

 

تعددت مراسيم العفو العام التي أصدرها السيد الرئيس بشار الأسد حفظه الله وحماه، وكان آخرها المرسوم التشريعي رقم (27) لعام 2024 الذي يتضمن عفواً عاماً عن جرائم الفرار والجنح والمخالفات المرتكبة قبل تاريخ 22/9/2024م. ويدرك المتابع المهتم بالشأن السوري أن وتيرة صدور مراسيم العفو العام قد ارتفعت بشكل ملحوظ بعد أن هبت أعاصير الربيع المزعوم ضد سورية منذ آذار عام 2011م، وتكسرت موجات تلك الأعاصير والعواصف واحدة تلو الأخرى على بوابات الصمود السوري، فالقلعة السورية الشماء شعباً وجيشاً وقائداً أثبتت أنها أحْصَنُ وأمْنَعُ وأقوى وأصْلَبُ من كل ما حِيْكَ على مدار سنوات وعقود في أقبية الاستهداف الممنهج لإطلاق يد الكيان اللقيط وتحكيمه في المنطقة كاملة دولاً وشعوباً، ولولا صمود الدولة السورية بكل مكوناتها، وقدرتها على مواجهة التحديات والحفاظ على مقومات الهوية والانتماء لكان الوضع القائم أسوأ مما هو عليه اليوم بعشرات الأضعاف، وهنا تظهر أهمية الرؤية الاستراتيجية للسيد الرئيس وحرصه على قطع الطريق على كل من حاول النخر في الداخل السوري، فبقيت سورية على ثوابتها ونهجها وأولوياتها بتضافر جهود جميع أبنائها المخلصين الملتفين مع جيشهم البطل حول قيادة السيد الرئيس، والثقة المطلقة بقدرته على الإبحار بسفينة الوطن رغم الأنواء والأعاصير والوصول إلى شاطئ الأمن والأمان والسلامة، وهذا يتطلب الاستفادة من جهود الجميع، وقد أثبتت الأحداث أن الدولة السورية تتعامل مع جميع أبنائها تعامل الأم الرؤوم التي يؤذيها أن ترى بعض أبنائها يضلون السبيل، لكنها تبقى الأحرص على إعادتهم إلى جادة الصواب والحفاظ على الجميع، ومن حق المتابع العادي أن يتساءل، ولو بينه وبين نفسه: أين كانت المنطقة والعلاقات البينية للدول إقليمياً ودولياً لو استطاع تسونامي ما أسموه “الريع العربي” أن يجرف سورية كغيرها في تيار الراديكالية البغيضة التي كان مخططاً لها أن تتحكم وتحكم الجميع بما ينسجم وتوجهات النيوليبرالية المتوحشة التي لا يرضيها إلا أن تعيد تصميم جينات الشعوب والدول، وتنفث سمومها في مقومات الهويات الشخصية والوطنية للجميع.

كمتابع شخصي أبيح لنفسي النظر من منطلق إنساني ومجتمعي إلى مراسيم العفو التي أصدرها السيد رئيس الجمهورية، فالعقوبات المنصوص عليها في القوانين النافذة ليست الهدف قط، بل تحصين المجتمع هو الهدف، وبالتالي العقوبة وسيلة لضبط سلوك الأفراد بما يحافظ على بنية المجتمع وسلامته، أي أن العقوبة هي الأداة التي يمكن استخدامها قانونياً لردع من تسول له نفسه المساس بالقيم المجتمعية والأخلاقية العامة التي يرتضيها الشعب لنفسه، ويرى فيها صيانة للمصلحة العامة للأفراد والدولة والمجتمع، وهنا يصبح العفو العام أداة أخرى مساعدة للوصول إلى الأهداف ذاتها، وهذا ما يستحق التوقف عنده بكثير من المسؤولية والشفافية، ولست هنا بصدد الكتابة عن مرسوم العفو من منطلق قانوني فلست مختصاً بهذا الجانب، وهناك الكثير من الفرسان الوطنيين المتخصصين الذين يتناولون بالشرح والتوضيح كل ما يتعلق بذلك حتى أدق التفاصيل، لكن ما يهمني هنا لفت النظر إلى واجباتنا الشخصية كأفراد في المساهمة بتحقيق الأهداف الوطنية السامية لكل مرسوم يصدر للعفو العام، ومن حق المواطن العادي وواجبه ن يسأل نفسه: ما الذي فعلته شخصياً للحيلولة دون تكرار ارتكاب الجرائم والمخالفات التي تستوجب العقوبة والمساءلة، وكيف لي أن أستثمر في أي مرسوم من مراسيم العفو لتقليل عدد المخالفات والجنح والجرائم، وهذا أهم بكثير من الانطلاق من كيفية الاستناد إلى نصوص مراسيم العفو لتجنب العقوبة والمساءلة عن ارتكاب ما يتناقض والقوانين العامة التي يجب التزام الجميع بها، فعندما يكون المنطلق مجتمعياً، وغايته تحصين المجتمع وزيادة منعته وسلامة أبنائه تكون المردودية مضاعفة، على الرغم من الأهمية الكبيرة لمراسيم العفو في حياة كل من خالف ويشمله العفو، انطلاقاً من التسليم بأن لدى كل شخص أسبابه الخاصة وظروف حياته الشخصية والعامة التي قد تكون ساهمت في ارتكاب مخالفة أو جريمة ما، ومن حق كل مواطن الاستفادة من أحكام مراسيم العفو وفق مضامينها القانونية المحددة بنص كل مرسوم.

بكلمات أخرى: جميل أن نفكر في كيفية تحصين النفس بالامتناع عن ارتكاب المخالفات والجرائم ما صغر منها وما كبر بشكل ذاتي، وفي هذا تكون الفائدة مضاعفة للأفراد والمجتمع، وتكرار صدور مراسيم العفو يجب أن يدفع كلاً منا للتفكير فيما تم فعله على الصعيد الشخصي منذ صدور المرسوم السابق أو ما قبله تجاه النفس وتجاه الآخرين للحيلولة دون ارتكاب مخالفات أو جرائم جديدة، ولا شك عندما يتشكل مثل هذا الوعي والنضوج المجتمعي ستنخفض معدلات المخالفات والجرائم، وبمرور الوقت يتعافى المجتمع أكثر فأكثر، وهذا ما نحن أحوج ما نكون إليه، فنقاء الانتماء للوطن والوفاء لقائده الرمز، والمساهمة في بناء المستقبل المنشود والغد الأفضل يرتب على كل فرد الالتزام بما هو مسموح له قانونياً والابتعاد قدر الإمكان عن كل ما يستوجب المساءلة والمحاسبة، ولكل شخص دونما استثناء دور يستطيع أن يضطلع به من حيث هو، وبتكامل أدوار الجميع يتحصن المجتمع وتعلو أسوار منعة الوطن وتحصينه في مواجهة مختلف التحديات والتهديدات والمخاطر، ما ظهر منها وما بطن.

(موقع سيرياهوم نيوز-١)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

اصمتوا اعلامياً يا”حماس”: العالم مع الفلسطينيين وليس معكم!!

  علي عبود   لم تتمكن حركة حماس من تغيير نظرة العالم إليها فهي “باستثناء محور المقاومة” لاتزال “إرهابية”، وبدأنا نسمع سؤالا إشكاليا: ماذا استفادت ...