يُنظر إلى اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة الذي يُعرف اختصارا بـ “ADHD” إلى كونه حالة مرضية تصيب الصحة العقلية للإنسان ويتسبب في ضعف مستوى التركيز وزيادة في مستويات النشاط، ما يستدعي ضرورة البحث عن علاج، خاصة أنه يتسبب في ضعف مستوى التركيز وزيادة في مستويات النشاط.
بيد أن أبحاثاً كشفت عن أن المرض يحمل بعض المزايا إذ يعتبر الأشخاص المصابون باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه مبدعين ومفعمين بالحيوية فضلاً عن امتلاكهم قدرات اجتماعية وعاطفية ومعرفية عالية.
وبهذا الصدد، كشفت دراسة جديدة أجراها باحثون في جامعة بنسلفانيا الأمريكية عن الكثير من الجوانب الإيجابية لهذا المرض الذي يصيب الأطفال بنسبة ما بين 5% و10% والبالغين بنسبة بين 2% و5% عالمياً، لكن بحثاً جديداً كشف عن أن هذا المرض قد يكون ساعد أسلافنا على إيجاد الطعام ومن ثم البقاء على قيد الحياة.
وفي دراسة نشرت في مجلة “وقائع الجمعية الملكية البريطانية للعلوم البيولوجية” المرموقة، عكف الباحثون على تتبع أصول المرض، فيما قال العالم ديفيد باراك أحد المشاركين في الدراسة: ينتشر اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه والسمات الأخرى الشبيهة به مثل التشتت أو الاندفاع، على نطاق واسع فيما يُنظر إليه بشكل سلبي، لكن استمراره يحمل في طياته لغزاً.
وأثار ذلك تساؤلاً مفاده: هل كان اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه عنصراً هاماً في عملية التطور أو النشوء؟
وفي إجابتهم على هذا السؤال، قال باحثو جامعة بنسلفانيا: إن اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه قد تطور كاستراتيجية اعتمد عليها أسلافنا للتكيف والبقاء على قيد الحياة.
واستند الباحثون في دراستهم ، على تحليل بيانات تخص أكثر من 457 بالغاً من بينهم 206 شخصاً يعانون من أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه فيما طُلب من المشاركين في الدراسة جمع أكبر عدد ممكن من التوت من شجيرات افتراضية في لعبة فيديو خلال فترة زمنية محدودة.
وكشفت الدراسة أن مرضى اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه قرروا قضاء وقت أقل لجمع التوت من على شجرة واحدة ليجمعوا الكثير من الثمار بشكل فعال مقارنة بالأشخاص غير المصابين بهذا المرض ممن قرروا قضاء الكثير من الوقت في جمع التوت من على شجرة واحدة على أمل تحسين غَلتهم.
وكان وقع هذه النتيجة مفاجئاً على الباحثين، فيما قال باراك: إن معدل زيادة أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه نجم عنه زيادة في معدل الكفاءة وتحقيق أداء أفضل، وهذا يعزز فرضية أن نقص الانتباه وفرط النشاط ساعد أجدادنا في جمع الثمار للبقاء على قيد الحياة.
وقال الباحثون: إن هذا التكتيك يحمل العديد من المزايا حيث يمنع استغلال الموارد من مكان واحد ويفسح المجال لاستكشاف مناطق جديدة في استراتيجية كانت ركيزة المجتمعات التي كانت تقوم على صيد الأسماك والزراعة.
ويدعم ذلك دراسات سابقة كشفت عن ارتباط نمط الحياة في المناطق البدوية والريفية بالطفرات الجينية التي تلعب دوراً في التسبب في ظهور أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.
ويكشف ذلك عن السبب وراء انتشار مرض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، لكن الفارق بين الأمس واليوم أن سمات هذا المرض الذي كانت ذات قيمة لأسلافنا، بيد أنها لم تعد مفيدة لنا في الوقت الحال مع توافر الموارد.
ويعد مرض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه مرتبطاً بنقص نشاط الدوبامين وهي مادة كيميائية موجودة بشكل طبيعي في جسم الإنسان تنظم المزاج والتحفيز.
سيرياهوم نيوز 2_تشرين