آخر الأخبار
الرئيسية » الزراعة و البيئة » مزارعو التبغ يتطلعون إلى زيادة الدعم وتحقيق الوعود

مزارعو التبغ يتطلعون إلى زيادة الدعم وتحقيق الوعود

رولا عيسى:

 

ما زال محصول التبغ يواجه معادلة صعبة بين الاهتمام الرسمي المتجدد، والواقع الثقيل من المعاناة المتراكمة للفلاحين. فالمؤسسة العامة للتبغ تصف المحصول بأنه من أجود خمسة الأنواع في العالم، بينما يتراجع إنتاجه عاماً بعد عام بسبب عوامل عدة.

 

تركزت توجيهات المؤسسة مؤخراً على البدء فوراً باستلام المحصول، وتوسيع مراكز الاستلام، ودعم المرخصين الجدد، في محاولة لطمأنة المزارعين وتبديد مخاوفهم. لكن الخبراء يؤكدون أن جوهر الأزمة أبعد من ذلك.

 

الفساد

يرى الخبير الزراعي ومؤسس مبادرة المشاريع الأسرية أكرم عفيف، أن الإجراءات الإدارية وحدها لن تُحدث فرقاً، ما لم تُعالج مشكلة تأخر صرف المستحقات واستغلال التجار. ويشير إلى تراجع كبير في نسبة الزراعة هذا العام، رغم أن كثيراً من الفلاحين جهزوا لموسمهم الثاني، ما يعكس عمق الأزمة.

وينتقد عفيف سياسة التسعير، لافتاً إلى التناقض بين جودة التبغ السوري، الذي تصنف سوريا ضمن أفضل خمس دول عالمياً فيه، وبين الأسعار المتدنية التي يحصل عليها الفلاح.

 

ويتساءل: كيف كانت الوزارة تصدّر التبغ بقيمة 75 ألف ليرة للكيلوغرام (وفق تصريحات سابقة)، بينما كانت تستلمه في زمن النظام المخلوع ببضعة آلاف فقط؟ وهو ما يدلّ، بحسب قوله، على أن الفساد يبتلع قيمة المحصول قبل وصوله إلى الأسواق العالمية.

 

ويؤكد أن “الاستلام الفوري خطوة مهمة، لكنها بلا جدوى إن لم يحصل الفلاح على مستحقاته فوراً”، مضيفاً أن تأخر الدفع جعل التجار يشترون المحصول بنصف قيمته، ما كبّد الفلاحين خسائر متراكمة في أكثر من موسم.

ويشرح عفيف أن هذا الاستغلال يجبر المزارع، الذي خسر في سنوات سابقة، على بيع محصوله بسبب حاجته للسيولة، ما يكرس حلقة متواصلة من الخسارة والعزوف عن الزراعة.

 

التراجع في المساحات

رغم أن المؤسسة العامة للتبغ هي الجهة التنفيذية، فإن خطط المساحات تأتي من وزارة الزراعة. وتكشف هذه التقديرات عن تراجع مستمر في الاهتمام بزراعة التبغ. فخطة 2025-2024 في طرطوس نصّت على تخصيص 3000 هكتار بعل و300 هكتار سقي، وهي أرقام مشابهة للعام السابق دون أي توسّع.

 

أما الأرقام الأقدم فتُظهر حجم التراجع: ففي سنوات سابقة كانت المساحة المخططة تبلغ 8678 هكتاراً، بينما لم تتجاوز المساحة المزروعة فعلياً منتصف عام 2025 حدود 3666 هكتاراً أي بنسبة تنفيذ 42 بالمئة فقط.

 

هذا الانخفاض الحاد يعكس عزوف الفلاحين بسبب ارتفاع التكاليف، والجفاف، وعدم نجاح الزراعة في محافظات عدة، ما يهدد مستقبلاً محصولاً يُعدّ استراتيجياً.

 

شهادة من الحقول

يقول المزارعون الذين التقتهم “الثورة السورية” إن الخسارة باتت عنوان الموسم.

ويضيف بسام حمود، مزارع من ريف اللاذقية: “نجهّز للموسم الثاني أملاً بالتحسن، لكن تأخر الاستلام والدفع يضيّع هذا الأمل. كيف أزرع وأنا لم أقبض ثمن موسم العام الماضي؟ التاجر يشتري بنصف القيمة لأننا بحاجة للسيولة لتأمين لقمة العيش”.

 

أما نعمة رزوق من القدموس بريف طرطوس، تشير إلى “دعم المرخصين الجدد جيد، لكن القدامى أثقلتهم الديون. نحتاج دعماً حقيقياً في مستلزمات الإنتاج؛ الأسمدة والمحروقات باتت كابوساً. وإذا لم يرتفع سعر الشراء ليغطي الكلفة، سنتخلى عن هذه الزراعة الاستراتيجية”.

 

آمال بعد التحرير

بعد التحرير، يعلّق كثير من الفلاحين آمالاً على أن يكون موسم 2025 “أول موسم يأخذ التبغ فيه حقه” بعد سقوط النظام المخلوع.

ويشدد الخبير عفيف على أن الفلاحين يحتاجون إلى الدفع الفوري والكامل للمستحقات، تسعيرة عادلة تُربط بقدر من السعر العالمي، تأمين مستلزمات الإنتاج بجودة عالية وفي الوقت المناسب. ويؤكد أن فجوة السعر الحالية أكبر عقبة أمام الحافز لدى المزارعين.

 

أسعار الموسم

حددت الحكومة أسعار شراء التبغ لموسم 2024-2025 كالتالي: البصما: 32,000 ليرة للكيلوغرام، التنباك: 24,000 ليرة، البرلي: 23,000 ليرة.

ورغم أنها شهدت ارتفاعاً عن المواسم السابقة، إلا أنها، وفقاً لعفيف، تظل بعيدة عن الواقع، خاصة أن أسعار السوق الموازية تتراوح بين 150 إلى 200 ألف ليرة للكيلوغرام.

 

ومع استمرار التضخم وتراجع الإنتاج، يخشى خبراء القطاع وصول أسعار السوق الموازية إلى مستويات جديدة، ما يزيد الضغط على المؤسسة لرفع أسعار الشراء الرسمية بشكل جذري. فاستمرار الفجوة السعرية، إلى جانب تأخر الدفع، يهددان مستقبل المحصول، ما يتطلب تحويل الوعود إلى إجراءات حقيقية تحمي الفلاح وتقطع طريق الفساد.

 

 

 

أخبار سوريا الوطن١-الثورة

 

x

‎قد يُعجبك أيضاً

تصاعد الغضب في هونغ كونغ بعد وفاة 128 شخصاً في حريق مدمّر… ‏وبكين تحذّر ‏

  تصاعد الغضب في هونغ كونغ اليوم الأحد بشأن الحريق الذي اندلع في ‏مجمع سكني بالمدينة الأربعاء الماضي وحصد أرواح أكثر من 128 ‏شخصا، في ...