أ.د : حيان أحمد سلمان
يقال دوام الحال من المحال تذكرت هذا القول وأن اقرأ دراسة للمؤلف الامريكي ( بوست جويل جارو ) مراسل جريدة ( واشنطن بوست ) في كتابه ( الدول التسع في أمريكا الشمالية ) الصادر سنة /1981/ وأكد أن أمريكا ستتوزع وتنقسم الى تسع /9/دول و تلقفت السينما الامريكية هذه الرؤية برعب حقيقي وتجسد في فيلم ( الغرب المتوحش ) للممثل الشهير ( ويل سميث ) وتخوفوا من أن كما حصل في لاتحاد السوفيتي سنة /1991/ ،وترافق هذا مع كتاب ( صدام الحضارات ) لمؤلفه ( صموئيل هنجكتون سنة 1996) وقد أكد على ان المنظومة الامريكية الاقتصادية والسياسية خالدة ولا يوجد بديل عنها ، وهي عصية على الانحلال والتقسيم وتبنى هذه الإفطار ( المحافظين الجدد ) في أمريكا الشمالية وخاصة في فترة الرئيس ( بوش الابن ) الرئيس الثالث والأربعين /43/ للولايات المتحدة الامريكية للفترة /2001-2009/ ، ولكن خلال سنتي /2023و2024/ بدأت الكثير من المراكز البحثية تكتب عن تفكك الولايات المتحدة الامريكية ، وخاصة بعد زيادة المطالبات بذلك من قبل عدة ولايات ولا سيما الولايات الغنية مثل ( كاليفورنيا وتكساس ونيوهامشر )وغيرها ، وهنا نسأل هل ستستطيع القوى الحاكمة في الولايات المتحدة التصدي لهذه الدعوات وهي التي تضع مخططات تقسيم الدول ودعم الحركات الانفصالية بها مثل ( سورية والعراق والسودان وليبيا وأمريكا اللاتينية وافريقيا والصين وروسيا …الخ ) ، وفي حال حصول الانقسام والتفكك يعني ببساطة إعادة النظر في الخارطة الاقتصادية والسياسية في العالم وحتى سلة العملات ، وسأركز على حالة واحدة وهي انفصال ( ولاية كاليفورنيا ) مثلا ماذا يعني هذا ، وسأعتمد على اللغة الرقمية ومن الادبيات الاقتصادية الغربية بشكل عام والأمريكية بشكل خاص، إن عدد سكان كاليفورنيا /40/ مليون يشكلون نسبة /14%/ من سكان أمريكا البالغ عددهم حوالي /341/ مليون تقريبا وناتج الإجمالي/2900/ مليار دولار تشكل أكثر من /14%/ من الناتج الكلي للولايات المتحدة الامريكية وحتى أكثر من ناتج كل فرنسا وبريطانيا وهما من الدول السبع الصناعية؟!، وفيها أشهر المدن الاقتصادية الإنتاجية والخدمية في العالم مثل ( سان فرنسيسكو – لوس أنجلس- سان دييغو …الخ ) وأكبر متوسط رفاهية ويطلق عليها ( الولاية الذهبية ) لأنها الأولى من حيث الإنتاج في الولايات المتحدة الامريكية وهي العمود الفقري للاقتصاد الأمريكي ، حتى أن الدراسات الاقتصادية ومعدل نموها الاقتصادي /3%/ تجاوز متوسط النمو في أمريكا البالغ أقل من /2%/ ، وفيها أكبر الشركات العالمية في مجال الابتكار والاختراع وخاصة في ( وادي السليكون ) و أقل معدل بطالة بحدود /4%/ وأكبر أرباح مسجلة للبورصات والأسهم والسندات وتنتج اكثر من /60%/ من انتاج أمريكا من الفاكهة والمكسرات وأكثر من/35%/ من الخضار بفضل المساحات الزراعية الكبيرة ذات التربة الخصبة واستخدام التقنية الزراعية المتطورة وتنتج حوالي /81% / من المشروبات الروحية الامريكية وتتركز فيها صناعات الأفلام في الولايات المتحدة بسبب احتوائها مدينة هوليوود، وتستطيع الولاية أن تنتج حوالي /90% / من طاقتها من مصادر متجددة ..الخ ، وهذا الواقع الاقتصادي هو العامل الأساسي في دعوات الكثير من نواب هذه الولاية بالدعوة إلى الانفصال علما ان القانون الأمريكي الفيدرالي يعارض ذلك ، والسؤال هل تعلن هذه الولاية استفلالها ويكون مقدمة لاستقلال بعض الولايات الأخرى وتقفز من الاتحاد الأمريكي رغم خطورة المستقبل ولكن ستنجو بنفسها وتصبح دولة كبقية دول العالم، وهذا ما يطالب بها كبار دعاة الاستقلال من مواطنيها، أم ستتخذ الإدارة الامريكية إجراءات لقمع ذلك ضاربة عرض الحائط بكل ادعاءاتها الكاذبة بخصوص تقرير المصير وحقوق الانسان وتموت أو تنتهي مطالبة الحركات الانفصالية؟، وفي الحالتين سيتأكد للعالم بأن الادعاءات الامريكية كاذبة وهي تطبق فقط ما يحقق مصالحها، وحالة كاليفورنيا بالانفصال تشبه مايدعى في علم ( الاقتصاد السياسي ) والتي نطلق عليها مصطلح ( الضفدع المغلي ) ويشير إلى قصة شائعة تقول [ بأن الضفدع إذا وضع في ماء مغلي أكثر مما يحتمل سوف يقفز فوراً إما يناسبه إذا وضِع في الماء ومن ثم تم تسخينه ببطء فإن الضفدع لن يقفز وسيبقى في الماء حتى بعدما يصير حاراً جداً وتكون النتيجة موت الضفدع لكنه لن يقفز من الماء ] ، فهل تقفز كاليفورنيا أم تستمر أمام تراكم اليد الأمريكي الذي تجاوز /34/ تريليون دولار أكبر من ناتج أمريكا الإجمالي بحدود /112
%/، وهذا دفه سنة /2023/ عضو مجلس النواب ( مارغوري تايلور غرين) لإثارة موضوع (الطلاق الوطني الأمريكي ) وتقسيم أمريكا إلى [ولايات حمراء وأخرى زرقاء وتقليص دور الحكومة الفيدرالية] . وبما ينسجم مع مطالبات هدة ولايات مثل ( كاليفورنيا و لوس انجلس ، كما طالب النائب (جيسون غيرهارد) الجمهوري في المجلس التشريعي لنيوهامشر، مشروع قانون ينص على أنه إذا وصل الدين الفيدرالي إلى /40/ تريليون دولار، أي بحوالي/6/ تريليون دولار أكثر مما هو عليه الآن، فإن الولاية (يجب أن تعلن استقلالها وتستمر كدولة ذات سيادة، وهذا يؤكد ان دوام الحال من المحال وأن الشيء الثابت هو الحركة والغير والتغيير والمستقبل مفتوح على كل الاحتمالات ، وهل تتقدم بعض العملات مثل اليورو والبوان والين على الدولار مع الانفصال ؟!. .
(سيرياهوم نيوز ٣-منتدى الفكر السياسي والادبي)