*عبد الله إبراهيم الشيخ
ها أنا ذا أعود للتوِّ من رحلةٍ ،، أراها طويلة على شاطئ البحر الممتد ،، تقريباً على طول مدينة طرطوس من أوّل بوابتها البحرية إلى ما يدنو من نهايتها “في انتهاء الأبنية المنتشرة على طول الشاطئ ” وقد أعياني المسير سيّما وأنني لم أعد معتاداً على قطع هذه المسافة (الطويلة ) دون أن ألقي بجسدي على واحدٍ من المقاعد المنتشرة على طول الشّاطئ ، وهي خشبية بالطّبع والتي لا يبتعد بعضها عن مياه البحر سوى بضعة أمتار، وقد يكون هذا ممتعاً ،، بلا شك ، حين تقترب منك تلك الأمواج وكأنها تدعوك للسباحة أو ركوب البحر في عزِّ الصّيف..ولكن!! ..إذاً… كان عليَّ البحث عن مقعد أسندُ إليه ظهِري وجسدي المتهالكين، لكن عبثاً ، فالمقاعد الخشبية هذه أصبحت هي الأخرى متهالكة ولا منّاصَ أمام أولئك الذين أرهقهم هذا المسير أمثالي إلّا التفكير في الجلوس على بعض الكراسي التي جلبها البعض فوزعوها حول (طاولات) او ماشابه متهالكة هي الأخرى ليعاملك أصحابها وكأنك واحدٌ من كبار أثرياء المنطقة . لا بأس فاللجوء إلى واحدٍ من المطاعم المتوزّعة على طول ساحل البحر لتكتشف أنكَ (كالمستجير من الرّمضاء بالنّارِ) ونستنتج أن الركون في كلا المكانين لن يكون إلّا (بعزقة). قد لا تكون مضطراً لهذه المغامرة اللهمَّ إلا إذا كنت محرجاً وهذا حديثٌ آخر فجيوبك لا تحوي ، مهما بلغَ الرقم ، فلقد حوّلها الحصار إلى قروش صغيرة وبالتّالي فهي لن تكون (جواز سفرٍ ) للدخول إلى هذه الأمكنة . نعود للمقاعد الخشبية لنلاحظ أنّ 95 بالمئة منها قد تعرض للكسر من قبل بعض العابثين أو ربما أولئك الذين ليس في مصلحتهم الإبقاءَ على صلاحيتها للتعارض مع مصالحهم أو ربما عمد بعضهم إلى خلعها لحرق أخشابها بغيةَ التدفئة لشح الوقود في المنازل وفي كِلا الحالين لا يعبر هذا إلّا عن ضحالة التفكير وكل الأعذار مرفوضة فهو ،، ربما حرم جدته أو والدته أو احداً من اقربائه من الاستراحة على هذه المقاعد . من هنا أرى أن محاولة إصلاح هذه المقاعد وبنفس المواصفات القديمة لن يكون إلا ضرباً من العبث و إضاعة الجهد والمال بالرّغم من ضروريتها ، ويجب في هذه الحالة إخضاعها للمراقبة الدّائمة ومعاقبة العابثين بهذه المقاعد ولعلَّنا نورد فكرة قد لاحظناها في بعض الحدائق المنتشرة في المدينة وهي تحويل المقاعد التي تعرضت أخشابها للتكسير أو أي نوع من أنواع التّخريب باستبدال الخشب بمادة الحديد واستعمال اللحام الاوكسيجيني لصعوبة تفكيكه او تخريبه صحيح أن المشروع مكلف لكنه فعال ويبقى لمدة جد طويلة أو استبدال الخشب بنوع من أنواع البازلت المصقول . بعد ذلك هل علينا أن ننوه إلى ماينتشر على الكورنيش من مخلّفات باعة الحمص الأخضر وأشياءَ أخرى على عرباتهم المتنقلّة ويأتي بعد فترة وجيزة أكوام الصّبار ومخلّفاتها لتلقى هذه البقايا في البحر أو على مقربة من الرصيف ولا يعني ذلك بالطّبع ملاحقة هؤلاء ومنعهم من البحث عن لقمة عيشهم الكريم وأولادهم وإنما نطلب إليهم المساهمة — وقبل كل شيء بالإبقاء على الشاطئ ورصيف الشاطئ نظيفين ولعلّ هذا يساهم في تشجيع السّياحة والسباحة والإكثار من المتنزهين وبالتالي فإن هؤلاء يساهمون في تشجيع الباعة عن طريق تصريف بضائعهم المعروضة على عرباتهم . وقاكم الله وإيّانا شرّ الفقر وضيق ذات اليد..
(سيرياهوم نيوز ١-خاص بالموقع١٧-٦-٢٠٢٢)