لينا شلهوب:
بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف وتحت عنوان “العمل معاً للتغلب على أزمة الجفاف” أقامت اليوم وزارة الإدارة المحلية والبيئة بالتعاون مع المركز العربي لدراسة المناطق الجافة والقاحلة (آكساد)، ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) احتفالية تهدف لتعزيز الوعي العام بالجهود الدولية لمكافحة التصحر.
وبين معاون وزير الإدارة المحلية والبيئة معتز دوه جي أن قضية التدهور البيئي باتت قضية عالمية تلقي بظلالها القاتمة على شعوب ودول العالم، وتعد ظاهرة التصحر والجفاف إحدى أهم مظاهر التدهور البيئي وأكبر التهديدات التي تواجه التنمية، انطلاقاً من عواقبها الوخيمة على البشرية وعلى النظم البيئية، منوهاً بأن سورية تنبهت لهذه الظاهرة، فعملت على اتخاذ العديد من الإجراءات للحد من آثارها، بدءاً من الخطة الوطنية لمكافحة التصحر التي أنجزت عام 2002، وكذلك برنامج تحييد أثر تدهور الأراضي LDN على المستوى الوطني، والاستراتيجية الوطنية لإدارة الجفاف التي تم إنجازها في عام 2020.
وأوضح المهندس دوه جي أنه في إطار الجهود لحماية مورد التربة من التدهور وتنفيذ الاتفاقية الدولية لمكافحة التصحر على المستوى الوطني، أنجزت الوزارة في عام 2017 بالتعاون مع مركز أكساد والجهات الوطنية، مؤشرات تدهور الأراضي والتصحر، لتصبح بذلك سورية من أوائل الدول العربية التي قامت بإعداد هذه المؤشرات، وضمن إطار تطبيقها يتم حالياً بالتعاون مع مركز أكساد تنفيذ مشروعي تطبيق المؤشرات الوطنية لتدهور الأراضي والتصحر في تقييم تدهور الأراضي و إعداد الاستراتيجيات الخاصة بمعالجة مشاكل تدهور الأرضي والتصحر الناجم عن الحرب على سورية باستخدام المؤشرات الوطنية لتدهور الأرضي.
كما قامت الوزارة بالتعاون مع الجهة العامة للاستشعار عن بعد والهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية بتنفيذ مشروع دراسة تدهور الأراضي باستخدام تقنيات الاستشعار عن بعد ونظام المعلومات الجغرافية في المنطقة الساحلية.
ولفت الدكتور ابراهيم داوود من المركز العربي لأكساد، إلى أن الورشة تسلط الضوء على أهم ظواهر التغيرات المناخية، إذ تعاني المنطقة العربية من نسب عالية من الجفاف، وأرجع داوود أسباب تدهور الأراضي إلى عدة مسببات من بينها: تسارع النمو السكاني، فمع ارتفاع عدد السكان وتوسع المدن، تقلّ الموارد وتنضب، بالإضافة إلى التمدن، الاستخدام المفرط للموارد الطبيعية، الرعي المفرط، وتآكل التربة بسبب المياه والرياح، تلوث المياه، انخفاض نسب المياه الجوفية، تدمير التنوع البيولوجي، بالإضافة إلى سوء استغلال التلال الرملية و آثار التغير المناخي، مضيفاً أن هناك سبباً أساسيّاً لم يعد بالإمكان التغاضي عنه، هو أوجه حياتنا العصرية، وأنماط استهلاك الموارد، وإنتاج النفايات، وغيرها، مشدداً على أن دور المركز العربي يعد ذراعاً فنياً من خلاله يتم تقديم الخبرات بما ينعكس إيجاباً على عمليات الحد من تمدد الظواهر التي تؤثر بالبيئة.
رئيس برنامج مكافحة التصحر ومراقبته بالمركز العربي (أكساد) الدكتور محمود عسكر أكد أن الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف ساعد في زيادة الوعي بمدى أهمية مشاركة فئات المجتمع، والتعاون على جميع المستويات لدعم المساعي إلى تحقيق عالمٍ خالٍ من ظاهرة تدهور الأراضي، وهي قضية ذات أهمية خاصة للمنطقة العربية نظراً لموقعها الجغرافي، والظروف المناخية السائدة والمتوقعة.
وتحتفل الأمم المتحدة بشكل سنوي بهذه المناسبة بغية نشر الوعي والتذكير العالمي بأهمية مكافحة التصحر والجفاف ومنعكساته على الأمن الغذائي.
وأضاف أن هذه الأهمية تأتي في ظل التحديات التي تواجهها المنطقة العربية لتأمين الاحتياجات الغذائية لشعوبها، حيث تراجع نصيب الفرد من الأراضي الزراعية المنتجة إلى ما دون 1.5 هكتاراً، ومن المعروف أن نصيب الفرد لكي نكفيه من الغذاء والكساء بحدود 3 هكتارات، ولكن بسبب ازدياد مساحة التصحر في المنطقة العربية التي تقدر بـ 800 هكتار، تخرج سنوياً من الخدمة نتيجة التزايد السكاني وخروج الأراضي الزراعية من الخدمة جراء التوسع العمراني.
من جهته المهندس جلال حمود من منظمة الفاو أشار إلى أن التصحّر مرضٌ يُصيب الأرض فيهدد الشعوب والمناخ، إذ ليست الصحاري هي التي تتوسّع بل إن الأراضي الصالحة للزراعة هي التي تتقلّـص، لذا يتم العمل للاعتماد على الزراعة الحافظة لأنها تزيد نسبة الرطوبة للأراضي المزروعة بالمحاصيل بنسبة 140% مقارنة مع الزراعة التقليدية، مع انتخاب أصناف من القمح والشعير قادرة على مواجهة الجفاف.
المهندس بلال الحايك مدير التنوع الحيوي في وزارة الإدارة المحلية والبيئة بين أن الكثير من الممارسات، مثل إزالة الغابات والزراعة المكثفة، والاستخدام المفرط للمراعي، والري السيئ، كلها تؤدي إلى تدهـور الأراضي، كما أن التعرية والانجراف بفعل الرياح والمياه، وكذلك العوامل المناخية القاسية (كالجفاف)، لا يمكن إلا وأن تسرع هذه العملية، مشيراً إلى أن هناك مجموعة من الخيارات والقرارات التي يمكننا اعتمادها، بما في ذلك اختيار استخدام المنتجات العضوية، التي تتم زراعتها بأقل تأثير ممكن على البيئة؛ لافتاً لأهمية مكافحة التصحر لما له من أهمية على الترب والنباتات والزراعات، وﻻبد من العمل فيما بين مختلف الجهات لمكافحة هذه الظاهرة.
كما بين الحايك أن مفهوم التصحر هو ظاهرة تؤدي إلى تقليل الإنتاجية البيولوجية للأراضي الجافة؛ وهي الأراضي القاحلة أو شبه القاحلة نتيجةً لأسباب طبيعية أو بشرية، ومن أسباب تفاقم هذه الظاهرة: انخفاض معدلات الأمطار وحدوث مواسم الجفاف الشديدة المتعاقبة، إضافة إلى أن الإفراط في الزراعة يتسبب في تحويل الأراضي إلى أراضٍ غير ملائمة وغير منتجة وذلك بسبب النقص الشديد في المعادن والمغذيات في التربة، ناهيك عن الرعي الجائر الذي يتسبب في تحويل الأراضي الصالحة إلى أراضٍ متصحرة، وتحول دون تجدّد الغطاء النباتي.
أما عن العواقب الناتجة عن التصحر، فيؤدي إلى ظهور العديد من المشاكل البيئية منها: فقدان التنوع البيولوجي، انعدام الأمن الغذائي بسبب انخفاض إنتاجية المحاصيل الزراعية، فقدان الغطاء النباتي، انخفاض الاحتياط المائي بسبب فقدان طبقة المياه الجوفية.
وبالنسبة لمواجهة مشكلة التصحر، فأكد الحايك أنها تتمثل في الإدارة التخطيطية لاستخدام الموارد، الحفاظ على الغطاء النباتي الذي يساهم في حماية التربة من التعرية، زيادة وعي أفراد المجتمع.
سيرياهوم نيوز 6 – الثورة