آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » مشروعٌ واحد بوجوهٍ متعددة..!!

مشروعٌ واحد بوجوهٍ متعددة..!!

 

انس جوده

من يدعم بقاء السلطة ويمنحها الغطاء الكامل لتبقى على صورتها الأحادية الفكرية المغلقة، بذريعة وحدة البلاد ومركزيتها، هو نفسه من يغذّي دعوات الانفصال والتقسيم بحجة حماية الأقليات، فيضع السوريين في مواجهة بعضهم، كما وُضعوا من قبل عندما اتُّخذ قرار تدمير البلاد وفتح أبوابها للمقاتلين والسلاح.

لقد بلغ الكره والتوتر والحقد اليوم مستوياتٍ هائلة بفعل انفلات الشعبوية وطغيان أوهام «الأغلبية»، إضافةً إلى التغطية التي يمارسها بعض مدّعي التنوّر والنضال المدني، حتى صار يُنظر إلى كل محاولةٍ لإعادة التقارب حتى لو كانت جدية وكأنها ولوغ في الدماء ورقصٌ على جثث الضحايا.

كسر هذه الدائرة القاتلة يحتاج إلى فترة تهدئة وابتعادٍ مؤقت تتنفس فيها المجتمعات المحلية، تستعيد قدرتها على الحياة والإحساس بالأمن، وتتحمّل مسؤولية إدارة شؤونها بنفسها، بغضّ النظر عن الشكل القانوني لهذا «الابتعاد»، فالقانون بات آخر الاهتمامات في ظل سلطةٍ تمارس الحكم بأعلى درجات الاستنسابية والبدائية. المهم هو إتاحة فترةٍ من الراحة يمكن بعدها بناء التوافق الوطني من الأطراف نحو المركز، وتحقيق مسار حوارٍ وطنيٍّ مستدام، بدلاً من المهزلة الكارثية التي قادها مَن استُعملوا كمحارم ورقية.

ولمن يعيش وهمَ «الأغلبية» ويظنّ نفسه متسيّداً، معتقداً أنه قادرٌ على إلغاء الآخر: هذه الدائرة ستبقى تدور حتى تخنق الجميع، بمن فيهم الواهمون أنفسهم، ولن تتوقف عند طائفة أو دين أو مذهب أو طريقة وليس فيها فئة ناجية، بل موت محقق.

هذه البلاد ملكٌ لجميع أبنائها على قدم المساواة. لا أغلبيةَ فيها ولا أقليات، لا سادةَ ولا عبيد، ولا عهودَ يمنحها مسيطرون لأهل ذمّة. إنما هو عقدٌ واحد بين الجميع على أساس المواطنة المتساوية. وما عدا ذلك، فليست بلاداً، بل فصائل وشعوبٌ متناحرة إلى أن تفني بعضها بعضاً.

سوريا لك السلام
(اخبار سوريا الوطن 2-صفحة الكاتب)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

مآثر الديموقراطية الشكلية

  ألبير داغر   اعتُمدت الديموقراطية، كما عبّرت عنها التجربة المعاصرة، كـ«ديموقراطية شكلية» (procedural) أولاً، ثم كـ«ديموقراطية ذات مضمون» (substantive). وتعبّر كلمة «شكلية» عن الأولوية ...