نهى علي:
تجري حالياً معالجات هادئة وعميقة لاستدراك الخلل القائم في القطاع العقاري، وإعادة ترتيب البنية التشريعيّة النّاظمة للقطاع، وتعمل مجموعة من اللجان والفرق المتخصصة في وزارة الأشغال العامّة والإسكان، على بلورة أفق جديد تشريعي وفنّي وفق الرؤى التنفيذية العامة لإعادة إطلاق وتفعيل كل المفاصل الفاعلة في تطوير هذا القطاع الذي طالما كان قلقاً . في السياق تعمل هيئة التطوير والاستثمار العقاري على تعديل جذري لقانون التطوير العقاري رقم 15 لعام 2008، بما يلحظ معالجات جذرية لمشكلة السكن العشوائي التي تراكمت بكل ما تنطوي عليه من نتائج سلبية على المستوى العمراني والاجتماعي.
وتلفت تقارير وزارة الأشغال أن ثمة تركيز على دور هيئة التطوير العقاري لحل هذه المشكلة، بعد أن أنيط بها موضوع معالجة العشوائيات، وما يترتّب على ذلك من توسيع لمهام ودور الهيئة، ولا سيما بعد مناقشة لجنة الإدارة المحلية والتنمية العمرانية في مجلس الشعب لمشروع القانون الذي يعالج في مواده مناطق السكن العشوائي، لحفظ حقوق الشاغلين والمالكين، ولاسيما أن هذه المواد لم تكن موجودة في القانون الحالي.
وتوضح مصادر الوزارة أن دوافع تعديل القانون 15 تأتي مع ظهور ملامح قصور في بعض جوانب القانون الحالي في اتجاهين، وبدورها الهيئة لا تتمتّع بالصلاحيات اللازمة والكافية لدفع ودعم الشركات والمشاريع، كما أنها ليست الجهة المرجعية الوحيدة التي يحتاجها المطوّر العقاري لتنفيذ مشروعه، وشركات التطوير العقارية التي يحدّ القانون من مرونتها ويضع الكثير من العوائق في مختلف مراحل تنفيذ المشاريع، الأمر الذي يتطلّب ضرورة إعادة النظر بهذا التشريع لمعالجة جوانب القصور التي بدت من خلال تطبيقه العملي.
وتؤكد المصادر أنه لا بد من تفعيل دور الهيئة ومنحها صلاحيات أوسع في متابعة إحداث وتنفيذ مشاريع التطوير العقاري والتدخل لمعالجة العقبات التي تعترضها، كمنح الهيئة صلاحيات أوسع في إحداث مناطق التطوير العقاري.
ولا بد من التوجّه نحو اللامركزية وتبسيط الإجراءات الحكومية وتطبيق مبدأ النافذة الواحدة وإلزام الجهات المعنية الممثلة في النافذة الواحدة بمنح التفويضات الكافية لممثليها، بما يضمن اختصار الجهد والوقت اللازم لأي إجراء، علماً أن القانون لم يحدّد العلاقة بصورة واضحة لجانب تأمين الخدمات العامة والمباني الإدارية في الوقت المناسب للمشروعات العقارية التي ستنفذ وفق خطط الإدارات المعنية، وبالتالي لا بد من توضيح آلية تنفيذ الخدمات العامة والبنى التحتية لمشاريع التطوير العقاري.
وكانت لجنة الإدارة المحلية والتنمية العمرانية في مجلس الشعب قد أفادت مؤخراً بأن معالجة السكن العشوائي تبدأ أولاً بالمسح الاجتماعي لكل العقارات ضمن منطقة التجمعات العشوائية، وإحصائها في جداول يتبيّن فيها المالكون والشاغلون، ثم اختيار واحد من 3 حلول لمعالجة هذه المناطق العشوائية.
وللتأكيد – وفق اللجنة – فقد يتقرّر هدم العقارات العشوائية وتحويلها إلى مناطق تنظيمية، أو إعادة تأهيلها إن كانت تسمح بذلك إنشائياً، أو قد يُجمع بين الحلّين السابقين، أي تأهيل بعض الأبنية وهدم أخرى في المنطقة العشوائية نفسها، وبموجب مشروع القانون الجديد يستأجر المطوّر العقاري بيوتاً للمالكين من تاريخ الهدم حتى استلام المسكن، والمالك إما أن يُخصّص له بيت أو 5% من قيمة عقاره سنوياً وهو يستأجر بهذه القيمة، أي إنه يختار ما يرغب.
أخيراً يكفي أن نعلم أن هناك حوالي 40 منطقة سكن عشوائي حول العاصمة دمشق مثلاً، لاستنتاج حجم هذه المشكلة المعقدة والمزمنة.
سيرياهوم نيوز 6 – الثورة