|رجب المدهون
تُمارس السلطات المصرية ضغوطاً متزايدة على حركة «حماس»، لمنع انزلاق التوتّر القائم بينها وبين الاحتلال إلى مواجهة عسكرية، في ما لو قرّر الأخير اختراق «الخطوط الحمر»، في القدس والضفّة والـ48. وبعد رفع أسعار المواد الغذائية والوقود والغاز التي تدخل إلى قطاع غزة، تفاجأ المعتمرون الفلسطينيون العائدون إلى القطاع عبر معبر رفح، بإبلاغهم، من قِبَل السلطات المصرية، باحتراق حقائبهم، وهو ما اعتبره الفلسطينيون كذباً، متّهمين المصريين بسرقتهم
غزة | عادت العلاقات بين حركة «حماس» والمصريين إلى التوتّر، بعد تعمُّد الجانب المصري الضغط على الحركة لمنع انزلاق الأوضاع نحو مواجهة جديدة مع الاحتلال، تضاف إلى مخاوف هذا الأخير من تحرُّك جبهات الداخل المحتلّ عام 48 والضفّة الغربية والقدس، خلال شهر رمضان. ويجيء ذلك في الوقت الذي يلعب فيه المصريون دورهم في المحافظة على الهدوء في قطاع غزة، بعد سلسلة لقاءات جمعت مسؤوليهم إلى قادة الاحتلال، كان من أبرزها لقاء الرئيس عبد الفتاح السياسي، برئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينت.
وعلمت «الأخبار»، من مصادر فلسطينية، أن العلاقات بين «حماس» والمصريين شهدت توتّراً، في الأسابيع الأخيرة، نتيجة ضغوط مصرية على الحركة برزت خصوصاً في مسألة زيادة الضرائب وأسعار البضائع التي تدخل قطاع غزّة، وفي قضية احتراق حقائب المعتمرين العائدين إلى القطاع، داخل الأراضي المصرية. فقد تفاجأ هؤلاء، أمس، بتأخُّر وصول حقائبهم إلى معبر رفح، ليُصدموا بإبلاغهم من قِبَل السلطات المصرية باحتراق جميع الحقائب في منطقة العريش نتيجة تماسٍ كهربائي، في حين اتّهموا الجانب المصري بسرقة الحقائب.
وفي ساعة مبكرة من صباح أمس، أشارت وزارة الأوقاف في غزّة، في تصريح مقتضب، إلى أنّه «تمّ إبلاغنا رسمياً، من الجانب المصري، بأنّه لدى وصول شاحنة الحقائب إلى منطقة سبيكة في العريش، تعرّضت لاشتعال النيران فيها، ما أدى إلى احتراقها بالكامل، نتيجة ماس كهربائي وعدم القدرة على السيطرة عليه». وطالبت الوزارة، الجانب المصري، بالتحقيق في الأمر للوقوف على حيثيات الحادث، مؤكّدة متابعة القضية مع جميع الأطراف ذات الصلة لتحميل كلّ طرف مسؤوليته، واتخاذ الإجراءات اللازمة. وهذه الأطراف هي: شركتا «لاكي تورز» و«جو باص»، المسؤولتَان عن تأمين نقل المعتمرين وأمتعتهم في الأراضي المصرية، إضافة إلى الخطوط الجوية الفلسطينية، وشركات الحج والعمرة.
ويتلقّى المصريون مبلغ 500 دولار بدل تأمين لمرور المعتمرين من الأراضي الفلسطينية إلى مطار القاهرة، وهو ما دفع بعض الفلسطينيين إلى المطالبة باسترجاع أموال التأمين، وتعويض المعتمرين عن خسائرهم. وبعد مضايقات تعرّض لها هؤلاء في الجانب المصري، خلال الأسابيع الماضية، وتعمُّد القاهرة تأخير عودتهم إلى قطاع غزة، أصدرت وزارة الأوقاف قبل أسبوع قراراً بوقف رحلات العمرة، ما دفع المصريين إلى التراجع والسماح بعودتهم في الأيام المتّفق عليها مسبقاً.
إلّا أنّ التوتّر بين المصريين وحركة «حماس» تصاعد، في الأسابيع الأخيرة، بعدما زاد المصريون أسعار البضائع التي تدخل القطاع، بما في ذلك الوقود والغاز والأغذية. وبذلك، اضطرّت لجنة متابعة العمل الحكومي في غزة، إلى تحمّل الزيادة والمحافظة على وصول المواد الغذائية والوقود والغاز إلى المواطنين بالسعر السابق ذاته، على رغم الضائقة المالية التي تمرّ بها. وزاد الطين بلّة، رفض المصريين سفر وفد قيادي من «حماس» عبر القاهرة إلى الخارج، وتعمُّد إعادته إلى القطاع، وهو ما تكرّر مرّات عدّة، على الرغم من التنسيق بين الحركة والمسؤولين في المخابرات المصرية.
وفي الإطار ذاته، كشف مصدر، لـ«الأخبار»، أن المصريين يمارسون حالياً ضغوطاً على «حماس»، لمنع مشاركة قطاع غزة في مواجهة عسكرية، في حال تجاوز الاحتلال الخطوط الحمر في مدينة القدس المحتلّة، خلال شهر رمضان. وهم يسعون إلى الحصول على تعهّد من الحركة بعدم الدخول على خطّ المواجهة. وأشار المصدر إلى أن «المصريين يعتقدون أن بإمكانهم ابتزاز حركة حماس، والفصائل الفلسطينية، لصالح الاحتلال، من باب الاقتصاد والإعمار».
من ناحية أخرى، طالبت لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية في قطاع غزة، السلطات المصرية بتغيير طريقة التعامل مع المسافرين الفلسطينيين، بشكل عام، والحجّاج والمعتمرين، بشكل خاص، وتسهيل عملية انتقالهم عبر معبر رفح. ودعت المصريين إلى التراجع عن كلّ القيود والإجراءات التي تُعقّد عملية السفر وتجعلها رحلة متعبة وطويلة وخطيرة، بسبب إجراءات غير مبرّرة وصعبة. وأعربت اللجنة عن تضامنها الكامل مع المعتمرين الفلسطينيين، الذين تعرّضت حقائبهم وأمتعتهم للاحتراق في مدينة العريش، مطالِبة الحكومة المصرية بسرعة التحقيق في ملابسات هذه المأساة، والوقوف على أسباب الحريق ومحاسبة المقصّرين، وتحمّل المسؤولية في تعويض المعتمرين الفلسطينيين، عمّا لحق بهم من خسائر فادحة.
سيرياهوم نيوز3 – الأخبار