آخر الأخبار
الرئيسية » السياحة و التاريخ » مصر تلغي الامتيازات الممنوحة للسياح العرب في أسعار دخول المواقع الأثرية… لماذا؟

مصر تلغي الامتيازات الممنوحة للسياح العرب في أسعار دخول المواقع الأثرية… لماذا؟

في تحول لافت على مستوى السياسة السياحية، أعلن المجلس الأعلى للآثار في مصر عن تعديل قواعد تسعير دخول المواقع الأثرية والمتاحف، لينهي بذلك العمل بقرار كان معمولًا به منذ أكثر من عشرين عامًا، والذي كان يُعامل السائح العربي معاملة المواطن المصري من حيث رسوم الدخول. واعتبارًا من يناير/كانون الثاني 2026، سيُصنَّف الزائرون إلى فئتين فقط: “مصريون” و”أجانب”، دون أي استثناءات.

القرار، الذي وصفته السلطات بأنه “مدروس ويهدف إلى تعزيز الاستدامة المالية للقطاع الأثري”، أثار تفاعلًا واسعًا بين مرحّب به من منطلق اقتصادي، ومتحفظ عليه خشية التأثير النفسي والثقافي الذي قد يخلّفه على علاقة الزائر العربي بمصر.

إعادة نظر في معاملة السائح العربي

جاء القرار بإلغاء ما أقرّه اجتماع مجلس إدارة المجلس الأعلى للآثار في سبتمبر 2002، والذي نصّ على مساواة الزوار العرب بالمصريين. ووفق البيان الرسمي، فإن الفوارق الكبيرة في مستويات الدخل بين الزوار كانت أحد الدوافع لإعادة التصنيف.

وأكد البيان أن القرار ينسجم مع رؤية أوسع تهدف إلى تحقيق توازن بين إتاحة التراث الثقافي للجمهور، من جهة، وضمان الموارد المالية اللازمة لصيانته وتطوير الخدمات المقدمة في المواقع الأثرية، من جهة أخرى.

ازدهار السياحة العربية في مصر

التوقيت الذي جاء فيه القرار لا يخلو من دلالة، إذ تتزامن الخطوة مع ارتفاع ملحوظ في أعداد السياح العرب. فقد استقبلت مصر نحو 2.85 مليون سائح عربي في عام 2024، تصدّرتهم السعودية، ثم الإمارات والكويت، ما شكّل نحو 18% من إجمالي عدد السياح.

أما في الربع الأول من عام 2025، فقد بلغ عدد الزوار 3.9 ملايين، بزيادة بلغت 25% عن الفترة نفسها من العام الماضي، وكانت النسبة الأكبر منهم من دول الخليج. وتسعى مصر، من خلال خطط سياحية موسعة، إلى جذب 5 ملايين سائح عربي بنهاية العام الجاري.

ضمن هذه الجهود، تعمل السلطات على زيادة الرحلات الجوية المباشرة من دول الخليج، وتسهيل منح التأشيرات لمواطني دول المغرب العربي، في إطار خطة لتنشيط السوق العربي وتعظيم عوائده.

دعم مالي… وعدالة اقتصادية؟

يرى البعض أن القرار يأتي تماشيًا مع المعايير الدولية في تسعير الخدمات السياحية. إذ قال محمد عبد اللطيف، مساعد وزير الآثار الأسبق، إن الخطوة “عادلة” و”ضرورية لتحقيق التوازن”، مؤكدًا أن “أنظمة التسعير المزدوج” موجودة في كثير من دول العالم، وتعتمد على مبدأ اقتصادي لا ينطوي على تمييز.

وأضاف أن الأهم هو تحسين تجربة الزائر: من حيث الخدمات، النظافة، والإرشاد السياحي، معتبرًا أن رفع الأسعار لن يكون عائقًا حقيقيًا إذا شعر الزائر أن المقابل يستحق.

هذا ما يؤيده أيضًا المرشد السياحي لؤي أحمد، الذي اعتبر أن التسعير السابق كان يتسبب في فجوة غير مبررة، مشيرًا إلى أن السائح العربي كان يدخل الأهرامات بمقابل لا يتجاوز 60 جنيهًا (1.2 دولار)، في حين يُلزم السائح الأجنبي بدفع 700 جنيه (14.7 دولار). واعتبر أن إعادة الهيكلة خطوة نحو تحقيق العدالة في الإيرادات، خاصة أن أغلب الزوار العرب يأتون من دول ذات دخول مرتفعة.

في المقابل، عبّر بعض الخبراء والمثقفين عن قلقهم من الأثر الرمزي والنفسي الذي قد يتركه القرار لدى الزائر العربي. واعتبر المؤرخ والمحاضر في علم المصريات بسام الشماع أن القرار “يستحق إعادة نظر عاجلة”، لما قد يخلّفه من انطباع سلبي يُفقد السياحة بُعدها العاطفي والثقافي.

وقال الشماع إن السائح العربي اعتاد على امتياز معنوي كان يعكس “القرب الوجداني والثقافي” بين العرب ومصر، وقد يُشعره التعديل الحالي بـ”غربة سياحية”، حتى وإن لم يتأثر ماديًا بالأسعار الجديدة.

كما نبّه إلى أن الزائر لا يشتري فقط تذكرة دخول، بل يُنفق على خدمات متكاملة – من مأكولات وهدايا ونقل – ما يجعل استمراره في زيارة المواقع الأثرية يعود بالفائدة الشاملة على الاقتصاد.

طرح الشماع مثالًا للمقارنة، بالإشارة إلى المتحف البريطاني الذي يفتح أبوابه مجانًا ويعتمد على وسائل تمويل بديلة كالتبرعات ومحلات بيع التذكارات، معتبرا أن هذه النماذج توازن بين الاستدامة المالية واحترام خصوصية الزائر.

وختم بدعوة إلى إعادة التفكير في القرار أو على الأقل تقديم امتياز رمزي للسائح العربي، حفاظًا على العلاقة الثقافية العميقة التي تربط مصر بجمهورها العربي.

القرار المصري بإعادة تصنيف السائح العربي ضمن فئة “الأجانب” يحمل في طيّاته رسائل اقتصادية وتنموية واضحة، تهدف إلى تحقيق توازن مالي وتنشيط العائدات السياحية. لكنه في الوقت نفسه يطرح تساؤلات حول الرمزية الثقافية والسياسية لمعاملة السائح العربي، خاصة في بلد يُعدّ أحد أبرز الأقطاب السياحية في العالم العربي.

 

 

 

 

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _راي اليوم

x

‎قد يُعجبك أيضاً

وزارة السياحة واللجنة الوطنية للدراما .. تفاهم يرسم خارطة سياحية جديدة

تُعيد الدراما السورية تعريف الجغرافيا السياحية للبلاد، بعد أن تحوّلت مواقع التصوير إلى مقاصد فعلية للزوار. من قرية السمرا في منطقة كسب، التي حظيت بشهرة ...