القاهرة | في الوقت الذي انشغلت فيه الوزارات المصرية بإبراز «إنجازات» الرئيس عبد الفتاح السيسي، بالتزامن مع «الاحتفال» بمرور 8 سنوات على بداية حُكمه، بات واضحاً حجم الكارثة الاقتصادية التي تحاول الحكومة التخفيف من تداعياتها، في ظلّ إغلاق اعتمادات الاستيراد بشكل شبه كامل، والانخفاض اليومي المستمرّ في سعر صرف الجنيه أمام الدولار. ووسط غياب أيّ رؤية جادّة للتعامل مع تلك الأزمة، تَجري طمأنة المواطنين على نحْو مبالَغ فيه، إلى درجة دفعت حتى بعض الإعلاميين المحسوبين على النظام إلى انتقاد هذه التطمينات، مع تزايد النقص في السلع المستوردة.
وعلى رغم الاستثمارات والودائع الإماراتية والسعودية الموعودة، إلّا أن الاحتياطي النقدي المصري واصل تراجعه ليصل إلى 35.49 مليار دولار، وهو ما يكفي الوارادات لنحو 5 أشهر فقط، بعدما تجاوز 44 مليار دولار العام الماضي. وفي وقت تُحمّل فيه الحكومة، الأزمة الروسية – الأوكرانية، مسؤولية تداعيات استخدام الاحتياطي النقدي بشكل مكثّف، فهي تعكف على تسريع عمليات بيع أصول الدولة، لضمان استحصال دولارات سائلة في البنوك، خاصة في ظلّ النشاط الكبير للسوق الموازية خلال الأيام الماضية، نتيجة القيود المفروضة للحصول على الدولار. وبحسب مصادر مطّلعة تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن اعتمادات الاستيراد لا تتمّ الموافقة عليها إلّا للطوارئ والأمور العاجلة فقط، في حين جرى إيقاف العديد من عمليات الشركات الكبرى في الأسابيع الماضية، وسط محاولات بعضها تحويل مبالغ مالية كبيرة من أرباحها إلى الدولار والعملات الأجنبية، للاستفادة من التراجع المستمرّ في قيمة الجنيه، ولا سيما مع التوقّعات بوصول سعر الصرف إلى 20 جنيهاً قبل نهاية 2022.
وعلى رغم محاولة الحكومة، خلال الأسابيع الماضية، ابتكار حلول أقلّ ضرراً للتعامل مع الوضع الحالي، إلّا أن جميع الطرق تكاد تؤدّي إلى مزيد من الاستدانة الخارجية عبر قروض وسندات في الأسواق العالمية، علماً أن السلطات تُعوّل على مزيد من إجراءات رفع الدعم المُقرَّرة بداية الشهر المقبل لتقليل عجز الموازنة، على أن تكون السندات والقروض الجديدة طويلة الأمد. لكنّ ارتفاع أسعار الفائدة العالمية يضغط نحو مزيد من القروض امتوسّطة والقصيرة الأجل، الأمر الذي ستكون له انعاكسات سلبية على الأرقام الاقتصادية التي تهدف مصر إلى تحقيقها أمام الأسواق الدولية. وفي الوقت الذي واصل فيه معدّل التضخم تسجيل أرقام مرتفعة على عكس ما تتوقّعه الحكومة، أعلن البنك المركزي تسديد 24 مليار دولار من بداية العام كمستحقّات والتزامات من دون تأخير، منها 10 مليارات دولار ديون خارجية، و14 مليار دولار للصناديق الأجنبية، فيما سيُواصل البنك تسديد التزامات بنحو 20 مليار دولار حتى نهاية 2022.
تَدرس الأجهزة المعنيّة إجراء تعديل وزاري قد يشمل وزير الخارجية
في المقابل، تتسارع تحرّكات السعودية والإمارات من أجل تنفيذ أكبر عملية استحواذ اقتصادي في تاريخ مصر، من خلال استغلال الفرص المتاحة في الاستثمارات التي ترغب الحكومة المصرية في طرحها (بقيمة 20 مليار دولار) على مدار عامَين، من أجل استخدام عائداتها في سدّ عجز الموازنة. وفي حين يبدي المسؤولون السعوديون والإماراتيون رغبتهم في التعجيل بضخّ هذه الاستثمارات، تحاول القاهرة جذب استثمارات قطرية أيضاً بمليارات الدولارات، في ظلّ ما أبدته الدوحة من اهتمام بالاستثمار في مصر، حيث تَجري صياغة اتفاقات على مستوى رفيع، سيعلَن عن بعضها خلال الأسابيع المقبلة.
في خضمّ كلّ ذلك، تجد الأجهزة السيادية في مصر وقتاً لمراجعة حركة تعديل وزاري موسّعة، ستتضمّن استبعاد وزيرة الصحة المجمّدة أعمالها منذ نهاية العام الماضي على خلفية قضايا فساد في الوزارة، حيث حصلت على إجازة مرضية، وكُلّف وزير التعليم العالي بمَهامها. كما سيتمّ إقصاء وزيرة الهجرة، نبيلة مكرم، من منصبها، بعدما تَورّط نجلها في قضية قتل في الولايات المتحدة وتَجري محاكمته على خلفيّتها. على أن الأجهزة لم تحسم مصير وزراء آخرين، من بينهم وزير الخارجية، سامح شكري، الذي قد يتمّ استبعاده، في ظلّ انتقادات لأدائه من داخل النظام في الفترة الأخيرة، بالإضافة إلى عدد من الوزراء الخدميين الذين لم يُظهروا أداءً «مُرضياً»، فضلاً عن وزيرة الثقافة، إيناس عبد الدايم، التي طلبت إعفاءها من منصبها لأسباب عائلية.
سيرياهوم نيوز3 – الأخبار