المضيق ليس مجرد ممر مائي ضيق لا يتعدى عرضه الـ 50 كيلومترًا، بل هو شريان حيوي لضخّ النفط والغاز، ومحور رئيسي في منظومة الأمن الطاقوي العالمي.
كتب خبير النفط المهندس حيدر عبدالجبار البطاط لـ”النهار”:
يكفي أن تُغلق بوابة مضيق هرمز حتى تهتزّ أسواق الطاقة والاقتصاد العالمي في ساعاته الأولى. فالمضيق ليس مجرد ممر مائي ضيق لا يتعدى عرضه الـ 50 كيلومترًا، بل هو شريان حيويّ لضخّ النفط والغاز، ومحور رئيسي في منظومة الأمن الطاقوي العالمي.
يمرّ عبر هذا الممر البحري نحو 20% من إمدادات النفط العالمية، أي ما يقارب 17 مليون برميل يوميًا، مما يجعله نقطة ارتكاز استراتيجية تربط الخليج العربي بخليج عمان وبحر العرب، وتشكل المخرج البحري الوحيد تقريبًا لدول الخليج نحو الأسواق العالمية. وبالتالي، فإن أي تهديد بإغلاق هذا المضيق، سواء لأسباب سياسية أو أمنية، يشكّل أزمة عالمية بكل المقاييس.
في المقابل، قد تملك بعض الدول الخليجية حلولاً جزئية لتجاوز هذا الاختناق الجغرافي، لكن هذه البدائل، وإن كانت مهمة، تبقى محدودة وغير كافية لاستيعاب كامل حجم الصادرات النفطية التي تمر عبر المضيق. السعودية، والإمارات، والعراق يمكنها التحايل على الإغلاق بدرجة محدودة، بينما ستكون دول مثل الكويت وقطر والبحرين الأكثر تضررًا لافتقارها إلى منافذ تصدير بديلة خارج المضيق.

أما عن البدائل الفعلية المطروحة، فثمة ثلاثة خيارات رئيسية:
– خط أنابيب شرق-غرب في السعودية، الذي ينقل النفط من الحقول الشرقية إلى ميناء ينبع على البحر الأحمر، بطاقة استيعابية تصل إلى نحو 5 ملايين برميل يوميًا. وهو حلّ فعّال نسبيًا، لكنّه محصور بالمملكة فقط.
– خط أنابيب أبو ظبي – الفجيرة في الإمارات، الذي يتجاوز مضيق هرمز، وينقل النفط من أبو ظبي إلى ميناء الفجيرة على خليج عمان، بطاقة تقارب الـ 1.5 إلى 1.8 مليون برميل يوميًا. وهو بديل محلي يخفف الضغط، لكنه لا يقدّم حلاً شاملًا.
– خط أنابيب كركوك – جيهان في العراق، الذي ينقل النفط من شمالي العراق إلى ميناء جيهان التركي على البحر المتوسط، طاقته اليوميّة تقترب من مليون برميل، لكنه يعاني من أعطال متكرّرة ومشكلات سياسية تعيق استقراره.
وبذلك، فإن إجمالي الطاقة الاستيعابية لهذه البدائل لا يتعدى الـ 7.5 ملايين برميل يوميًا، وهو رقم يمثل أقلّ من نصف الكمية التي تمر يوميًا عبر مضيق هرمز؛ الأمر الذي يؤكّد أن أي تعطيل لهذا الممر لن يمر دون آثار اقتصادية جسيمة على العالم أجمع، خاصة في ظل ارتفاع التوترات الجيوسياسية.
مضيق هرمز سيبقى، إذن، نقطة ضعف استراتيجية في منظومة الطاقة العالمية، وخطرًا دائمًا يلوح في الأفق، في انتظار أي شرارة تشعل فتيل أزمة لا يملك العالم رفاهية تحملها.
اخبار سورية الوطن 2_وكالات _النهار اللبنانية