الاهتمام بالملف الرئاسي لدى أركان الطبقة السياسية، ليس هو السبب الوحيد لعدم اكتراثهم بالوضع المعيشي الذي يشهد موجة غير مسبوقة من التدهور. بل صار واضحاً للبنانيين أن الطبقة الحاكمة مستمرة في تغطية الأخطاء الهائلة التي ارتكبت خلال سنوات طويلة وأدت إلى الانهيار الحاصل. وهي مستمرة في إهمالها لأي معالجة ممكنة. فيما يواصل حاكم مصرف لبنان ألعابه غير المجدية، من خلال تعاميم وقرارات لا تلجم الدولار الأميركي ولا تمنع المسار نحو دولرة شاملة في كل نواحي الاقتصاد الوطني. ما عدا رواتب موظفي القطاع العام الذين لم يبقَ لهم من قدرة شرائية لتوفير أي من مستلزمات البقاء على قيد الحياة.
وأمس، شهدت بيروت والمناطق عودة للاحتجاجات الفوضوية على الواقع المعيشي، وقطعت الطرقات في أكثر من منطقة، وسط الإقفال القائم لدى المصارف من جهة، وتوقف محال تجارية عن العمل لعدم قدرتها على مواكبة التغيير الكبير في سعر صرف العملة، وهو ما لاحظه الناس في محطات الوقود التي باتت هي الأخرى تطالب بأن تعتمد التسعير بالدولار. فيما تتكشف يوماً بعد يوم، فشل محاولات إقناع الناس بأن صغار المضاربين هم وراء الانهيار، مع العلم أن القضاء أخلى أمس سبيل عشرين صرافاً كانت القوى الأمنية أوقفتهم على خلفية اتهامهم بالمضاربة وإضعاف العملة الوطنية.
ad
وتتزايَد مظاهر الخراب في لبنان الذي يترنّح وسطَ ريح الدولار الذي حلّق على حافة الـ 140 ألف ليرة. وكان لافتاً الارتفاع الصاروخي للدولار بما تجاوز 10 آلاف ليرة في يوم واحد قبلَ أن يسجّل تراجعاً طفيفاً من دون استبعاد أن يعود ليسجّل مستويات أكثر إيلاماً في الأيام المقبلة. وعلى إثر هذه الخضّة، أعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إجراء «عملية مفتوحة ومستمرة لشراء الأوراق النقدية اللبنانية وبيع الدولار نقداً على سعر صيرفة»، محدّداً سعر صيرفة بـ 90 ألف ليرة مقابل كل دولار ابتداءً من 21 آذار 2023. وقال، في بيان، إنّه «يمكن للجمهور أن يسلّم الليرة النقدية إلى الصرافين من فئة «أ» أو إلى المصارف العاملة ويتسلّم الدولار بعد ثلاثة أيام»، مشيراً إلى أنّ كلّ العمليات تُسجّل على منصة صيرفة، و«يمكن للمصارف التي تعود عن إضرابها المشاركة في هذه العملية». وأشار إلى أنّ «الهدف من هذه العملية هو الحدّ من ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق الموازية والمحافظة على قيمة الودائع بالدولار المحلي». ومع إعلان مصرف لبنان عن إمكان الجمهور إجراء عملية مفتوحة ومستمرة في هذا الإطار، أبدت المصارف رغبتها في المشاركة في عمليات الشراء واستعدادها لفتح أبوابها أمام الزبائن لإجراء عمليات «صيرفة» بدءاً من اليوم.
سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية