غانم محمد
سيكثر الحديث هذه الأيام عن الدفء، بشقّيه المعنوي والحسيّ الملموس، ولن يكون هذا الدفء مادامت تشققات الجيب عاجزة عن رتق برد كانون!
لسنا خارج الواقع كما يتهمنا البعض، بل أنّ البرد يعضّنا ربما أكثر من غيرنا، لأننا لا نملك إلا أزرار لوحة مفاتيح لا يمكن حرقها، ولا تمدّنا بأي زاد لمواجهة شتاء يبدو قاسياً وفقاً لمطالعه، ولكننا (بحكم مهنتنا)، نحاول أن نربط الأسباب بالنتائج حتى لا نُعاب بما نقول…
كل طن واحد من الحطب (الجاف) سعره أكثر من مليونين ونصف المليون ليرة سورية، ويقترب من ثلاثة ملايين ليرة، وهو راتب موظف من الدرجة الأولى على أبواب التعاقد مثل حالي لمدة سنة!
هذا الـطن من الحطب قد يكفي لمدة شهر مع كثير من ترشيد حرقه واستخدامه، وبالتالي فإننا أمام خيارين، إما أن نحرق تعب سنة من أجل دفء شهر، وإما أن نعلن عجزنا أمام أولادنا عن فعل أي شيء، وبالتالي سقوط (القناعات) التي تعبنا بالدفاع عنها!
وكما هي الحال، فإنّ من يتمسّك بالقوانين ويلتزم بها هو من يدفع الثمن على الأغلب، ومن يقنع نفسه بمبررات التجاوز لا يكترث، وبإمكانه أن يوقد النار في غابة من أجل أن يشعل (سيجارته)، فهل عجزنا خلال عقود من الزمن عن إيجاد حلّ منصف للطرفين: المواطن والدولة، أم نبقى على الخسارة في الطرفين؟
تحدثنا كثيراً عن (احتطاب منظّم) وكأننا كنّا ننفخ في قربة مثقوبة، وعن توزيع مازوت التدفئة في وقته، وبكميات كافية، فلا الكميات زادت، ولا هو حضر عند الحاجة لدى الجميع.
ويقول المنطق إن ساعات التغذية الكهربائية يجب أن تزيد في أوقات البرد، لا من أجل التدفئة المباشرة، وإنما كوسيلة تدفئة موازية، ولكن ما إن تلمع السماء أو تبرق حتى تغيب الكهرباء، وتحيل ليالينا سوداء قاتمة!
هي أشياء بسيطة جداً، نخجل أن نريق لها هذا المداد، ومع هذا لا تأتي، وربما لن تأتي، ولكننا مستمرون في (النقّ والنقد) إلى أن يستجيب لنا من بيدهم الحل !
(خاص لموقع سيرياهوم نيوز ٣)