لا شك بأن للتصدير أهمية بالغة في تحقيق نسب تسويق أعلى للمنتجات المحلية، وفي زيادة حجم المبيعات وتصريف السلع والبضائع في الأسواق الخارجية، إلى جانب كونه مصدراً مهماً لتأمين القطع الأجنبي.
وتتضاعف هذه الأهمية في أوقات الوفرة مع وجود فائض إنتاج يفوق حاجات السوق المحلية، ويصبح ضرورة لازمة بالنظر إلى حجم القيمة المضافة من الأرباح التي يحققها في مثل هذه الظروف، والتي تعود على جميع الحلقات الداخلة في العملية بدءاً من المنتج وصولاً إلى المُصَدر وما بينهما.
لكن هذه الحقيقة تصبح معكوسة تماماً في أوقات القلة وضعف الإنتاج أو لنقل محدوديته، حيث يتحول التصدير إلى عبء على الاقتصاد لما له من تأثيرات غير إيجابية على توفر السلع في الأسواق المحلية وارتفاع أسعارها إلى مستويات يعجز معها المستهلك المحلي عن الشراء.
وفي مثال قريب تحدّث مزارعو البندورة حول هذه النقطة، مشيرين إلى أن عمليات التصدير إلى الخارج هي المسبب الأول في ارتفاع أسعار البندورة في أسواقنا المحلية، مع الإشارة إلى أنها في فترة الموسم أي من المفروض أن تكون بالسعر الأدنى الذي يناسب المستهلك المحلي.
ومثلها باقي المنتجات من خضار وفواكه يجري تصديرها إلى الأسواق الخارجية، والتي ارتفعت أسعارها بشكل غير محمول ولا يتناسب مع مستويات الدخل.
لكن ورغم ذلك ما تزال هناك دعوات تؤكد ضرورة دعم المصدرين وتقديم التسهيلات اللازمة لزيادة حجم الصادرات، وإن كان في ذلك من وجهة حق إلا أنها لا تتناسب حالياً مع الظروف الحالية التي لم يصل فيها الإنتاج المحلي إلى العتبة المطلوبة، والتي تتيح فتح باب التصدير على مصراعيه.
وعليه فإن الذهاب بأي من الاتجاهين لن يكون مفيداً للجميع حيث ستتحقق مصالح طرف على حساب طرف آخر، فزيادة حجم الصادرات في ظل محدودية الإنتاج سيحقق عوائد مادية للمصدرين فقط، فيما باقي الفئات لن تكون مستفيدة بالشكل المطلوب، والعكس صحيح.
لكن بين هذا وذاك لا بد من توجيه البوصلة بالاتجاه الذي يخدم ظروف المرحلة الحالية وبما لا يتسبب بمزيد من الاختناقات الاقتصادية في أسواقنا المحلية التي تشهد ارتفاعات كبيرة بالأسعار، ما أدى إلى حالة ركود واضحة نتيجة عجز الشرائح الأوسع من المستهلكين المحليين عن شراء أهم احتياجاتهم، وبالتالي الضرر واقع هنا على باعة المفرق وعلى المستهلك بنفس النسبة.
(سيرياهوم نيوز-الثورة٢٥-٦-٢٠٢١)